المسيّرات الانتحارية تستهدف المدنيين بإدلب.. محاولات لمواجهتها

  • 2024/07/27
  • 4:16 م
عنصر دفاع مدني يتفقد سيارة توزيع خبز بعد استهدافها من قبل قوات النظام بطائرة مسيرة انتحارية - 21 تموز 2024 (الدفاع المدني/فيس بوك)

عنصر دفاع مدني يتفقد سيارة توزيع خبز بعد استهدافها من قبل قوات النظام بطائرة مسيرة انتحارية - 21 تموز 2024 (الدفاع المدني/فيس بوك)

يخرج نعسان الباشا صباح كل يوم إلى عمله في توزيع الخبز بقرى وبلدات ريف إدلب الشرقي القريبة من خطوط التماس.

لكن صباح 21 من تموز الحالي كان مختلفًا بالنسبة لنعسان، الذي تفاجأ بتحذير شبان له على الطريق الواصل بين سرمين وقرية النيرب من وجود طائرات مسيّرة انتحارية مصدرها مناطق سيطرة النظام السوري.

قال نعسان لعنب بلدي، إنه استمر في طريقه مع عزمه أنه سيتوقف قبل قرية النيرب ليعاين الوضع، ويقرر الدخول إلى القرية أم لا.

تفاجأ نعسان بأحد المدنيين وهو يحذره من اقتراب إحدى المسيّرات الانتحارية، ليراها نعسان وهي تتوجه مباشرة إلى الزجاج الأمامي لسيارته، وعلى وجه السرعة غير اتجاهها لتنفجر المسيّرة في جسم السيارة وتتلفها إلى جانب البضاعة.

مسيّرة أخرى لاحقت المدنيين الموجودين في المكان إلى أن انفجرت في جدار أحد المنازل.

هذا المشهد تكرر حدوثه في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، خاصة خلال الأشهر الماضية، مع تكثيف النظام من اسخدامه للمسيّرات الانتحارية (FPV)، والترويج على أنها تستهدف عسكريين لا مدنيين.

مدنيون يتصدون

تتركز هجمات المسيّرات في المناطق القريبة من الخطوط الأمامية بأرياف حماة وحلب وإدلب (خطوط التماس بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام)، وترتفع وتيرتها وتصل إلى مسافات أكبر بشكل متزايد، مع توثيق وصولها إلى مسافة تسعة كيلومترات من الخطوط الأمامية، بحسب بيان لـ”الدفاع المدني” صادر في 8 من تموز الحالي.

ويتحكم مشغل مسيّرات “FPV” بالطائرة بجهاز تحكم عن بعد، ويرى المنطقة المحيطة بالطائرة في الوقت الفعلي بفضل نظارات خاصة، كما لو كان يجلس داخل الطائرة نفسها على غرار الطيار، وفق موقع “Militarnyi” لتغطية أخبار القتال والصناعات العسكرية.

وتداول ناشطون خلال الأسابيع الأخيرة مقاطع مصوّرة لمدنيين يستهدفون المسيّرات قبل انفجارها ببنادق صيد (بمبكشن)، قالوا إنها كانت فعالة في بعض الأحيان ومنعت المسيّرات من وصولها إلى هدفها.

https://twitter.com/Najdat567/status/1816802377250332979

لكن هذه المسيّرات أحيانًا تكون مجتمعة (2 أو 3 أو 4 طائرات في مكان واحد)، ولا توجد طريقة لكشفها إلا في حال سماع صوتها أو مشاهدتها.

أحمد المشيش، صاحب حفارة آبار مياه استهدفتها إحدى المسيّرات في 21 من تموز الحالي، قال لعنب بلدي، إن أحد العمال كان يصور مصادفة، وتفاجأ برؤية مسيّرة انتحارية.

توجه إلى زميله مباشرة وحذره خوفًا من استهداف “الكرفانة” (غرفة متنقلة تستخدم للإقامة خلال حفر البئر)، المسيّرة انفجرت في الحفارة، وخلّفت أضرارًا مادية.

وذكر أحمد، صاحب الحفارة، أن العمال كان لديهم بندقية صيد لكن لا يوجد ذخائر لها، وبالتالي وقفوا عاجزين أمام المسيّرة وحاولوا النجاة منها بالابتعاد عن المكان.

وطالب أحمد “الجهات المعنية” بالتدخل وتوزيع ذخائر على أصحاب بنادق الصيد ليحاولوا التصدي للمسيرات.

مسيرة انتحارية تم إسقاطها في ريف إدلب – (الإعلام العسكري/إكس)

لا بد من المحاسبة

حسن الحسان، مسؤول في “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء)، أكد أن الحد من تأثير المسيّرات يمكن بطريقة واحدة هي المحاسبة، وفقط المحاسبة قادرة على الحد من تأثير المسيّرات.

وقال الحسان لعنب بلدي، إن غياب العدالة والمحاسبة طوال السنوات الماضية واستمرار الإفلات من العقاب سمح للنظام السوري بتطوير أسلحته وأدوات القتل.

وأوضح أنه “لا يمكن للسكان مواجهة أدوات القتل، والطائرات الانتحارية المسيّرة هي نهج خطير بالهجمات”.

والاحتماء أحيانًا سيكون غير مجدٍ، ففرق “الدفاع المدني” وثقت هجمات مسيّرات لاحقت الضحايا إلى داخل غرف منازلهم.

لذلك، هناك حاجة ملحة لأن تتعاون الدول وتضع لوائح ومبادئ توجيهية واضحة فيما يتعلق باستخدام المسيّرات الانتحارية في النزاعات المسلحة”، بالإضافة إلى منع تطوير قدرات الاستهداف الذاتي، بحسب المسؤول في “الدفاع المدني”.

ويجب على الدول أن تضمن امتثال إجراءاتها للالتزامات القانونية الدولية، ولا سيما تلك المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي، للتخفيف من المخاطر التي تشكلها هذه الأسلحة ودعم حماية المدنيين.

المسيّرات المستخدمة في الاستهداف هي مسيرات متعددة المصادر، ومسيرات تستخدم لأهداف تجارية (تصوير وغيره)، وليست مسيرات مصنعة أصلًا لتكون أداة لهجمات عسكرية، إنما يتم تطويرها وتزويدها بأدوات تقنية لتكون قدرتها في قطع مسافات أكبر مع بقاء قدرة التحكم وتحميلها مواد متفجرة.

“المرصد 80” المتخصص برصد التحركات العسكرية، حذر، في 9 من تموز الحالي، المدنيين في الشمال السوري المقيمين في القرى والبلدات القريبة من خطوط التماس من الانتباه والحذر من الطائرات المسيرة الانتحارية (FPV).

ودعا المرصد إلى تقييد الحركة والتجمعات وإخفاء الآليات.

وتتعرض مناطق سيطرة المعارضة لهجمات بمسيرات انتحارية بشكل شبه يومي، بحسب بيانات “الدفاع المدني”، وتستهدف سيارات المدنيين ومنازلهم والآلات الزراعية، مخلفة أضرارًا مادية كبيرة، خاصة حرمانهم من جني محاصيلهم الزراعية، خوفًا من استهدافهم بهذه الطائرات.

ويتفاوت عدد المسيرات المستخدمة في قصف المدنيين بين يوم وآخر، خلال تموز الحالي، أعنفها كان في 21 تموز بـ21 مسيرة، وفي 15 من تموز بـ11 مسيرة، وفي 9 من تموز بـ9 مسيرات.

ووثق “الدفاع المدني” شن النظام وروسيا 41 هجومًا بالمسيّرات الانتحارية استهدفت بيئات مدنية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي.

وأدت هذه الهجمات إلى مقتل 3 مدنيين وإصابة 18 آخرين، من بينهم امرأة وأربعة أطفال.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا