المنتجعات فوق قدرة المصطافين المحليين

السياحة الشعبية في اللاذقية تبدأ من نصف مليون ليرة

الأهالي يلجأون للشواطئ للتخفيف من حر الصيف في اللاذقية - 23 من تموز 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconالأهالي يلجأون للشواطئ للتخفيف من حر الصيف في اللاذقية - 23 من تموز 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

تختار “أم خالد” وعائلتها شواطئ السياحة الشعبية مثل شاطئ “الكرنك” لعدة أسباب، أولها العامل المادي، وأبرزها الحرية في السباحة دون ضوابط اللباس، فالمنتجعات الكبرى تفرض شروطًا معينة للسباحة بملابس البحر سواء “البوركيني” أو “البكيني”.

السيدة الحلبية التي تقيم مع عائلتها في اللاذقية، تفضّل السباحة بعباءتها الفضفاضة دون أي قيود، وهو أمر تستطيع القيام به بحرية في الشواطئ الشعبية.

استأجرت الخمسينية “أم خالد” مع عائلتها طاولتين من أحد المستثمرين في شاطئ “الكرنك” الشعبي، بتكلفة 75 ألف ليرة سورية للطاولة الواحدة (5 دولارات أمريكية)، وأحضرت العائلة كل مستلزماتها من طعام وشراب، لئلا تضطر لشرائها من المحال التجارية القريبة، حيث يكون سعرها مضاعفًا.

“أقل مشوار صار يكلف نصف مليون”، قالت “أم خالد”، مشيرة إلى أن سعر البنزين يشكل أقل من نصف الفاتورة بقليل، فهي تقيم في منطقة المشاحير، وحضرت مع أفراد عائلتها إلى الشاطئ بسيارة صغيرة “حشروا” أنفسهم في صندوقها الخلفي، بعد أن مدّوا فيه الفرش الإسفنجية.

مع ارتفاع درجات الحرارة، خاصة في تموز الحالي وآب المقبل، تكتظ الشواطئ الشعبية في اللاذقية مثل شاطئ “الكرنك” و”النقابات” بالناس يومي العطلة وفي الأعياد، وغالبًا ما يرفع مستثمرو تلك الشواطئ أجرة الطاولة إلى 75 ألف ليرة لليوم في العطل والمناسبات، بينما تنخفض إلى

50 ألف ليرة خلال الأيام العادية، دون وجود أي خدمات باستثناء الطاولة والكراسي، إضافة إلى حمام مليء بالروائح الكريهة والأوساخ.

ومن اللافت هذا العام وجود السياح العراقيين في تلك الشواطئ، بينما جرت العادة أن يختار السياح العرب المنتجعات الأكثر ضخامة.

تقنين زيارة البحر

كان نادر (54 عامًا)، العامل على “بسطة” خضراوات في سوق قنينص، لا يوفر فرصة لأخذ عائلته بنزهات في فصل الصيف، ويتذكر كيف كان ينتقل بسهولة بين صلنفة وكسب ومشقيتا وقرجالي، قبل سنوات ليست ببعيدة، لكن ارتفاع الأسعار خصوصًا البنزين حال دون ذلك اليوم.

تبقّى أمام الرجل الخمسيني خيار واحد، وهو الشواطئ الشعبية القريبة مثل “الكرنك” و”النقابات” و”الدراسات”، التي ورغم أنها لا تبعد أكثر من ثمانية كيلومترات تقريبًا عن مكان سكنه في شارع “الثورة”، فإن أجرة “التاكسي” تفوق الـ100 ألف ليرة إليها.

لذلك، فإن الرجل يأخذ عائلته ومستلزماتها بـ”السرافيس” وفي ذلك مشقة كبيرة، حسب وصفه، كما أن استخدام “السرافيس” يلزمهم العودة قبل مغيب الشمس، فبعد الساعة الثامنة يندر وجود “سرفيس”.

أحيانًا، يغافل نادر عائلته ويذهب لوحده على دراجته النارية، يسبح قليلًا ثم يعود، فدراجته الصغيرة لا تتسع لكل أفراد عائلته الخمسة (ثلاثة أبناء وزوجة).

وقال نادر، إن الصعوبات التي ذكرها دفعته لتقنين زيارات الأسرة إلى الشاطئ، وبالكاد يذهبون إليه مرتين أو ثلاث مرات طيلة فصل الصيف، للسباحة ومن ثم العودة قبل توقف الباصات العامة عن العمل.

الوجه الآخر للمدينة

بعيدًا عن الشواطئ الشعبية التي يعجز غالبية أهالي اللاذقية عن زيارتها، تنتشر في مدينة اللاذقية العديد من المنتجعات الضخمة بأسعار تفوق قدرة الموظفين والناس العاديين على تخيلها، إذ لا تقل تكلفة الليلة الواحدة فيها عن مليون ليرة سورية.

عمومًا، يعيش السوريون واقعًا اقتصاديًا ومعيشيًا مترديًا، ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام نحو 279 ألف ليرة (18 دولارًا أمريكيًا).

في منتجع “لاوديسيا” الجديد باللاذقية، انتحلت مراسلتنا صفة سائحة تريد حجز يومين في المنتجع، ليخبرها قسم خدمة العملاء بأن إيجار “الشاليه” الواحدة 2.5 مليون ليرة سورية، وتتسع لأربعة أشخاص، وهناك أكواخ صغيرة بتكلفة 700 ألف ليرة للكوخ الواحد يوميًا، بينما أجرة الدخول إلى المنتجع للسباحة 50 ألف ليرة للبالغين، و40 ألف ليرة للأطفال الصغار.

كما أن قسم خدمة العملاء طلب إلى مراسلتنا الحجز قبل أسبوع على الأقل، لأن الغرف محجوزة بالكامل.

ولا تختلف الأسعار كثيرًا في “المريديان”، إذ إن أجرة الدخول إليه 50 ألف ليرة، كذلك “الشاطئ الأزرق” 60 ألف ليرة، بينما لا يقل حجز الغرفة عن 700 ألف ليرة، ويصل لأكثر من مليوني ليرة بحسب الغرفة وموقعها من البحر وسعتها، فهناك غرف مفردة وأخرى مزدوجة و”شاليهات” للعائلات.

سياحة شعبية في الجبل

تعتبر مدينة صلنفة بريف اللاذقية واحدة من أبرز الوجهات السياحية لمحبي الريف، وتشتهر بمناخها البارد صيفًا، وتعتبر وجهة مفضلة للكثيرين.
خططت هبة (32 عامًا) مع صديقاتها لاستئجار منزل فيها منتصف تموز الحالي، إلا أن التكلفة حالت دون تحقيق المطلوب.

وقالت هبة، وهي موظفة في إحدى المنظمات الخيرية باللاذقية، إن تكلفة الليلة الواحدة تتراوح بين 600 ألف ليرة و1.1 مليون ليرة في أيام العطل، وتنخفض إلى ما بين 350 ألفًا وحتى 750 ألف ليرة في الأيام العادية.

وذكرت أن استئجار منزل يكلف 600 ألف ليرة يوميًا، وهو غير صالح للسكن، ولا تتوفر فيه جرة غاز، كما أنه غير نظيف، ومعداته وأثاثه قديمان.

وتابعت هبة، “نحن ثلاث صديقات، والمنزل الوحيد الذي كان معقولًا بلغ إيجاره 800 ألف ليرة، أي أن كل واحدة فينا ستدفع حوالي 275 ألف ليرة لكل يوم، من دون طعام أو شراب، لذا قررنا إلغاء الفكرة تمامًا”.

وقال مدير السياحة في اللاذقية، فادي نظام، في تصريحات لجريدة “الوطن” المحلية، إن الإقبال على السياحة خلال عطلة عيد الأضحى كان جيدًا (منتصف حزيران الماضي)، وشهد توافد سياح من دول عربية مثل العراق والأردن ولبنان.

وأضاف أن نسبة الإشغالات في المنتجعات بلغت 100% في كل “الشاليهات” والمنتجعات، واستمرت كذلك طيلة أيام العطلة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة