الحل الأمني يطرق أبواب السويداء.. ما دور اللواء أكرم محمد
عنب بلدي – علي درويش
أحداث أمنية عدة شهدتها محافظة السويداء جنوبي سوريا منذ تعيين المحافظ الجديد اللواء أكرم علي محمد، ذي الخلفية الأمنية والعسكرية والمعروف بارتكاب انتهاكات بحق السوريين.
وجاء تعيين محمد في 12 من أيار الماضي، بعد شغل منصب المحافظ من قبل ثلاثة أشخاص من خلفية مدنية منذ 2020، هم همام دبيات ونمير مخلوف والمهندس بسام بارسيك.
وكان اللواء عامر العشي آخر ضابط أمني متقاعد شغل منصب محافظ السويداء، وذلك بين عامي 2016 و2020.
ويأتي تعيين أكرم محمد أيضًا بعد نحو تسعة أشهر من الحراك السلمي المنادي بإسقاط النظام، والذي بدأ في آب 2023.
مشهد أمني مختلف
الباحث المساعد في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” يمان زباد، أكد لعنب بلدي أن اللواء أكرم محمد “له بعد أمني كونه عُرف بدوره في مواجهة المظاهرات بالعنف في حلب عام 2011”.
ويشير تسلسل الأحداث الأمنية في المحافظة بعد وصول المحافظ أكرم محمد إلى توجه أمني في المرحلة المقبلة، بحسب الباحث يمان زباد، وأبرز الأحداث الأمنية في هذه الفترة، اغتيال قائد “لواء الجبل” مرهج الجرماني، بعد أيام من تصريحاته الداعمة لحراك جرمانا في ريف دمشق.
وأضاف زباد أن ما “يجعل الخيار هذا ناجعًا (الأحداث الأمنية) وجود الميليشيات المحلية المدعومة من قبل الفروع الأمنية من جهة، وإيران و(حزب الله) من جهة أخرى”، وذلك بالتزامن مع عمل تلك الميليشيات في تجارة “الكبتاجون” ونقله إلى الحدود الأردنية.
كل ذلك قد يُوحي أن النظام عوّض الحل العسكري المفتوح بالحل الأمني المرافق للعمليات التي تضرب رموز الحراك، وتحرض على المشيخة الدينية المؤيدة للمظاهرات مثل الشيخ حكمت الهجري، بحسب زباد.
النظام لن يستطيع استخدام العنف مع المتظاهرين في السويداء لعدة قيود واعتبارات، بحسب تقدير موقف تشره مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” في 29 من آب 2023.
فعنف النظام ضد السويداء يؤدي إلى عداء كل من دروز لبنان ودروز إسرائيل، بما يملكونه من تأثير على حكومة إسرائيل.
ويخشى النظام أيضًا أن يثير استخدام العنف عنفًا مضادًا آخر، كما جرى في 2011، وخاصة مع احتمال تضامن الجارة درعا، التي أبدت الكثير من التأييد للسويداء، وقد تنضم القنيطرة، بحسب مركز “حرمون”.
وقد يستفز استعمال العنف الولايات المتحدة والأوروبيين، فيزيدون ضغوطهم على النظام، كما قد يرى النظام في استمرار التظاهر لبعض الوقت أداة نافعة للضغط على حلفائه الإيرانيين والروس لزيادة المساعدات المقدمة له، لتلبية بعض احتياجات السوريين في منطقة سيطرته من أجل امتصاص غضبهم.
من التعزيز إلى التصفية
سبق تعيين أكرم محمد وصول تعزيزات عسكرية متتالية إلى محيط مدينة السويداء، أواخر نيسان الماضي، وهو ما أثار مخاوف من استخدام النظام الحل العسكري حينها.
وبعد أيام من وصوله إلى كرسي المحافظ، التقى أكرم محمد مع شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، يوسف جربوع، غير المؤيد لحراك السويداء الذي بدأ منذ آب 2023، والمطالب بإسقاط النظام.
وذكرت جريدة “الوطن” المقربة للنظام، في 19 من أيار الماضي، أن الشيخ يوسف جربوع جاء مهنئًا لمحمد بتكليفه محافظًا للسويداء.
أواخر أيار الماضي، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بيانات تتحدث عن تشكيل “مجلس عسكري”، لتوحيد الفصائل العسكرية المحلية في السويداء تحت قيادة واحدة.
ادعت الشخصيات القائمة على “المجلس” أمام الفصائل العسكرية في المحافظة أن الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، هو من طلب تشكيل المجلس، وأن تشكيله جاء بأوامر مباشرة منه، علمًا أن الهجري داعم للحراك.
لكن مكتب الهجري نفى علم الشيخ بفكرة “المجلس”، وأفادت مصادر متقاطعة من السويداء عنب بلدي، أنه لا وجود لأي مجلس عسكري على الأرض، إنما يقتصر نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي.
تبع ذلك أحد أبرز أحداث المحافظة، وهو اشتباكات اندلعت بين فصائل محلية وقوات النظام، بدأت في 23 من حزيران الماضي، وانتهت في 26 من الشهر نفسه.
ويعود سبب الاشتباكات لرفض الفصائل المحلية إنشاء قوات النظام حاجزًا أمنيًا في دوار العنقود على مدخل المدينة الشمالي.
اتفق الطرفان على إبعاد الحاجز عن الشارع العام للمدينة باتجاه الغرب، وتحويله إلى نقطة عسكرية، وليس حاجزًا أمنيًا لتفتيش المارة، مع التعهد بعدم إقامة أي حواجز جديدة.
وفجر 6 من تموز الحالي، انفجرت عبوة ناسفة بسيارة تعود للزعيم التقليدي الأمير لؤي الأطرش، في قرية عرى، دون أن تؤدي إلى أي إصابات.
وتعرض مبنى قيادة الشرطة بمدينة السويداء لإطلاق نار، تبعته اشتباكات مع مسلحين مجهولين، في 14 من تموز الحالي.
الحادثة انتهت دون تسجيل إصابات، مع تجاهل من قبل وسائل إعلام النظام الرسمية، كما لم يتبنَّ العملية أي فصيل في المدينة.
اغتيال الجرماني
الحدث الأمني البارز خلال الأيام الأخيرة كان اغتيال قائد “لواء الجبل”، مرهج الجرماني، فجر 17 من تموز الحالي، في منزله، برصاصة واحدة في الرأس، دون معرفة الجهة التي تقف خلف عملية الاغتيال.
وقال ناشطون من مدينة السويداء لعنب بلدي حينها، إن تفاصيل وكيفية عملية الاغتيال غير مؤكدة، مشيرين إلى إمكانية وقوف الجهات الأمنية خلف عملية الاغتيال، بسبب دعمه ومشاركته للحراك في المحافظة.
الجرماني شارك في الحراك الشعبي بالسويداء المطالِب بإسقاط النظام السوري، وخروج إيران من البلاد باعتبارها “محتلة”، وتطبيق القرار الأممي “2254”، الذي يضمن تحقيق انتقال سلمي للسلطة عبر انتخابات ديمقراطية بإشراف الأمم المتحدة.
وفي حزيران الماضي، احتجز الجرماني ضباطًا وعناصر للنظام ردًا على اعتقال أجهزة النظام الأمنية لشابة من السويداء، على خلفية نشاطها في الحراك الشعبي، وتمكن من الإفراج عنها بعملية مقايضة.
وتحدثت مصادر لعنب بلدي عن وجود خلافات بينه وبين عصابة “مهند مزهر” و”وائل الشعار” التابعة للأجهزة الأمنية في النظام السوري، والعاملة في تجارة وتهريب المخدرات.
“لواء الجبل” تأسس عام 2016، وهو من الفصائل المحلية التي شاركت بالقضاء على مجموعات عملت في تجارة المخدرات بدعم من القوات الأمنية للنظام.
أنهى “اللواء” بقيادة الجرماني إلى جانب “حركة رجال الكرامة” مجموعة “قوات الفهد” التي يقودها سليم حميد المرتبط بـ”الأمن العسكري”، في آب 2022، و”قوات الفجر” التي يتزعمها راجي فلحوط في تموز 2022، التابعة لـ”الأمن العسكري” أيضًا.
من اللواء أكرم محمد
حاصل على إجازة في الحقوق عام 1985، واتبع عدة دورات في القيادات العليا وفي الإدارة بمعهد العلوم الأمنية.
تدرج في عدة مناصب عسكرية، إلى أن أصبح ضابطًا متقاعدًا.
تحدثت منظمة “مع العدالة” المتخصصة في نشر معلومات عن مجرمي الحرب في سوريا عن سجل انتهاكاته.
يعتبر من أبرز ضباط “إدارة المخابرات العامة” المعروفة باسم “إدارة أمن الدولة”.
عام 2009 عُيّن رئيسًا لفرع “أمن الدولة” في حلب برتبة عميد.
قتل متظاهرين، ونفذ عناصره عمليات القتل تحت التعذيب في وقت مبكر من انتشار المظاهرات بحلب، حيث تشارك العميد أكرم محمد مع اللواء أديب سلامة رئيس فرع “المخابرات الجوية” في المنطقة الشمالية بالمهمة، إلى جانب عدد من الضباط من مختلف الفروع الأمنية.
نُقل أكرم محمد من حلب إلى دمشق بعد سيطرة فصائل المعارضة على معظم مدينة حلب، في كانون الثاني 2013.
تولى بعد نقله إلى دمشق رئاسة “الفرع 255″ بـ”إدارة المخابرات العامة” خلفًا للعميد غسان خليل.
“الفرع 255” متخصص بالمعلومات العامة، ويحتوي على جميع الدراسات الأمنية، ويتولى مسؤولية مراقبة نشاط وسائل الإعلام والإنترنت والإشراف على عمل “الجيش السوري الإلكتروني”.
عام 2016، عُيّن رئيسًا لفرع “أمن الدولة” في طرطوس.
رُفّع مطلع عام 2019 إلى رتبة لواء، ثم عُيّن في منصب المعاون الأول لرئيس “جهاز المخابرات العامة”، حسام لوقا، الذي يعتبر أقوى الشخصيات الأمنية في ملف السويداء، واستمر في هذا المنصب إلى أن أُحيل للتقاعد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :