لمواجهة الضغوط

“الإدارة الذاتية” تسعى لتقوية جبهتها الداخلية عبر “الإصلاح”

قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي خلال لقائه بمجموعة من شيوخ ووجهاء دير الزور- من أيار 2024 (قسد)

camera iconقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي خلال لقائه بمجموعة من شيوخ ووجهاء دير الزور - أيار 2024 (قسد)

tag icon ع ع ع

تسارعت خطوات “الإدارة الذاتية” لكسب ود المكوّن العربي منذ مطلع العام الحالي، بعد سنوات عانى خلالها هذا المكوّن من التهميش، ما خلق مشكلات أمنية تصاعدت حدتها نهاية عام 2023.

وفي حين تحاول “الإدارة” ومكوّناتها السياسية والعسكرية الوصول لاتفاق يضمن مكاسبها مع أي طرف من الأطراف، سعت لكسب ود العشائر العربية عبر سلسلة من القرارات، كان أحدثها قانون العفو عن سجناء لديها لم تتضح التهم الموجهة لهم منذ سنوات، والذي صدر في 17 من تموز الحالي.

وعود “الإدارة” بالإصلاح تعود إلى تشرين الأول 2023، في أعقاب انتهاء المواجهات المسلحة مع قوات عشائرية شرقي دير الزور، إذ عقدت حينها مؤتمرًا أطلقت عليه اسم “تعزيز الأمن والاستقرار نحو تطوير وترسيخ التشاركية بدير الزور”، ووعدت بخطوات إصلاحية.

وطرحت جملة من المخرجات مكونة من 42 بندًا، أبرزها إعادة هيكلة المجالس المحلية والتشريعية والتنفيذية والبلديات، وإطلاع سراح عائلات محتجزة في مخيم “الهول” شرقي الحسكة.

وفي 22 من تموز الحالي، بعد البدء بإطلاق سراح سجناء لدى “قسد”، قال قائد الأخيرة، مظلوم عبدي، إن السعي مستمر لإطلاق سراح عائلات تنحدر من شمال شرقي سوريا وتقيم في مخيم “الهول”.

خطوة نحو الإصلاح

لطالما كانت قدرة “الإدارة الذاتية” على تحقيق إصلاح داخلي يجنبها غضب العشائر العربية نحوها محط نقاش، خصوصًا أن إيران استغلت هذا الخلل، وحاولت التوسع نحو مناطق سيطرة “قسد” شرقي دير الزور، مستغلة الاحتقان ضد “الإدارة”.

وفي أيار الماضي، تحدث السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، بات رايدر، عن أن الطريقة التي تدير فيها إيران أعمالها هي تدريب المجموعات الوكيلة والتأثير عليها في إطار سياستها الخارجية الهادفة لطرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، في إطار حديثه عن نشاط طهران شرقي سوريا.

ويدعم النظام وإيران مجموعات محلية صارت تعرف منذ عام باسم “قوات العشائر”، يقودها إبراهيم الهفل، وتنفذ هذه المجموعات هجمات على مواقع “قسد” وتؤمّن لها قوات النظام غطاء ناريًا في الكثير من الأحيان.

وعلى الجانب الآخر، تحاول “قسد” منح مناصب إدارية لأفراد من آل الهفل، من أقارب ابراهيم الذي استمالته ميليشيات إيران والنظام سابقًا.

وفي 12 من أيار الماضي، نشرت “قسد” صورة عبر “تلجرام” لقائدها مظلوم عبدي برفقة أشخاص يرتدون الزي العشائري التقليدي لأبناء دير الزور، وأرفقتها بعبارة “شخصيات مرموقة لها حضورها من العكيدات (آل الهفل) خلال لقائها مع القائد العام لقوّات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الأسبوع الماضي”.

وقالت “قسد” حينها، إن الأطراف تبادلت المزيد من الأفكار لتحسين الخدمات والعفو عن المطلوبين.

الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا بمركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” أسامة شيخ علي، قال لعنب بلدي، إن التحركات الأحدث في الإفراج عن الموقوفين، وإطلاق سراح العائلات من مخيم “الهول” ليس جديدًا إنما كان طرحًا أمريكيًا سابقًا بوساطة من وجهاء العشائر في المنطقة.

ونظرًا للأعداد الكبيرة نسبيًا للمفرج عنها في الحسكة والرقة، يرى الباحث أن “الإدارة الذاتية” تعمل لإظهار محاولاتها تقوية الجبهة الداخلية، وإعطاء نوع من المكانة الاجتماعية للوجهاء العشائريين الذين طالبوا بهذا “العفو”.

وأرجع مساعي “الإدارة” لتقوية جبهتها الداخلية، إلى حالات التوتر القائمة في دير الزور منذ نحو عام، والضغط التركي القائم على التطبيع مع النظام لتشكيل تحالف ضد مشروع “الإدارة” المدعوم أمريكيًا.

تحت الضغط

تعاني “الإدارة الذاتية” من جملة من الضغوط اليوم، أبرزها تقارب تركيا والنظام السوري، وعمليات تنظيم “الدولة الإسلامية” واحتمالية الانسحاب الأمريكي من سوريا، إلى جانب عوامل اقتصادية وأمنية أخرى.

وسبق أن رعت الولايات المتحدة خطوة للإصلاح من جانب “الإدارة الذاتية” عبر دعم إعادة هيكلة “مجلس دير الزور العسكري” الذي حل عقب مواجهات عسكرية مع “قسد”، مدعومًا بعشائر المنطقة.

الباحث أسامة شيخ علي استبعد وجود مسبب واحد لإعادة توجيه سلوك “الإدارة الذاتية” نحو الإصلاح الداخلي، مرجحًا أن الضغوط مجتمعة هي ما تسببت بدفع “الإدارة” نحو الإصلاح.

وأضاف أن هذه العوامل تظهر حاجة “الإدارة” لتحقيق تماسك مجتمعي في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، وهو ما أشار له مظلوم عبدي اليوم، الثلاثاء 23 من تموز، إذ قال لوكالة “هاوار” المقربة من “الإدارة”، “على سكان المنطقة التكاتف من أجل التغلب على المخاطر”.

وأضاف، “إنهم يتعمدون القضاء على موارد (الإدارة الذاتية) حتى لا تتمكن من خدمة الشعب، العام الماضي، استهدفوا مؤسساتنا الخدمية، وأُلحقت بها أضرار كبيرة، بالطبع، جزء من هذه المشكلة هو أسلوب إدارتنا، لكن هناك أيضًا حصارًا وهجمات، وهذا يتسبب بمعاناة شعبنا ويجبره على السفر”.

الباحث يرى أنه في حال استمر التطبيع بين تركيا والنظام ووصل لمستوى التعاون، فإن المكونات العشائرية شمال شرقي سوريا الناقمة على “الإدارة الذاتية” ستكون إحدى أدوات النظام.

اقرأ أيضًا: هل تمنح واشنطن العشائر دورًا أكبر بعد مواجهات دير الزور

مكون مهمّش

يتمثل المكون العربي في مؤسسات “الإدارة الذاتية” بشخصيات عربية موالية لها، لم تحقق تطلعات سكان المنطقة من العشائر العربية على مدار سنوات سيطرة القوات الكردية على المنطقة.

وعلى ضوء هذا التهميش، شهدت مناطق متفرقة من محافظة دير الزور احتجاجات مناهضة لـ”قسد” و”الإدارة” تكررت بمرور السنوات، اعتراضًا على الوضع المعيشي المتدهور، وتنديدًا بفساد مؤسسات “الإدارة”، والإفراج عن المعتقلين، وتعزيز التمثيل العربي بمؤسسات المنطقة.

مع تكرار الاتهامات بحقها منذ بداية تأسيسها عام 2016 بأنها كيان “انفصالي” يسعى لسلخ قطعة من الأراضي من السورية، نفت “قسد” على لسان القيادي فيها محمود برقدان، جميع هذه الاتهامات، مشيرًا إلى أنها “مُغرضة”.

وجاء في حديث برقدان مع وكالة “هاوار”، أن الأخيرة تناضل في سوريا من أجل “دمقرطة البلاد”.

وأضاف أن جميع القوميات والأعراق من عرب وكرد وآشوريين في سوريا يتمتعون بكل حقوقهم، وهو ما اعتبره دليلًا على عدم نية “قسد” طرح خطة للتقسيم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة