قدم المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، حول الظروف الإنسانية والسياسية في سوريا.
وقال بيدرسون خلال إحاطته، الاثنين 22 من تموز، إن سوريا لا تزال في حالة من الصراع العميق والتعقيد والانقسام، ومليئة بالجهات المسلحة و”الجماعات الإرهابية” والجيوش الأجنبية.
وأوضح أن المدنيين لا يزالون ضحية للعنف ويتعرضون لانتهاكات واسعة النطاق، وحالة نزوح طويلة الأمد، وسط ظروف إنسانية مزرية.
وجاءت إحاطة بيدرسون وسط دعوة دول أوروبية لمراجعة علاقاتها مع النظام السوري وإعادة تقييم نهج الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا.
وأشار بيدرسون إلى أن الممارسات القمعية، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب في جميع أنحاء سوريا، تساهم بخلق واقع معمم من الفوضى والخوف والعنف.
خطر الصراع الإقليمي
وفق بيدرسون، لم يتراجع خطر الصراع الإقليمي حول سوريا، مع تصاعد الضربات العسكرية الإسرائيلية.
وأشار إلى وجود خطر كبير من تفاقم هذه الديناميكية مع تدهور الوضع في لبنان.
منذ تشرين الأول 2023، تزايد حجم الضربات الإسرائيلية لمواقع عسكرية تتبع للنظام السوري، وكذلك استهداف شخصيات إيرانية وأخرى تنتمي لـ”حزب الله”.
وآخر هذه الضربات كانت في 15 من تموز الحالي، قرب الحدود السورية- اللبنانية، سبقها ضربة في 14 من تموز أيضًا، قتل على إثرها جندي وأصيب ثلاثة آخرون من قوات النظام السوري.
التصعيد شمالًا وجنوبًا
لا تعد الضربات الإسرائيلية وحدها التي تشكل خطرًا على البلاد، إذ قال بيدرسون في إحاطته، إن التهديد بالتصعيد داخل الحدود السورية لا يزال قائمًا.
وأوضح أن الأعمال العدائية على الخطوط الأمامية شمالي سوريا أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين.
وفق بيدرسون، فإن ذلك شمل الاشتباكات بين قوات النظام وميليشيات متحالفة معه، مع “المعارضة المسلحة” و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وعناصر قبلية و”هيئة تحرير الشام”.
ويُضاف كذلك الضربات الجوية والطائرات المسيرة التابعة للنظام السوري وأنقرة وموسكو.
وخلال تموز الحالي، شهدت مناطق شمال غربي سوريا، هجمات بطائرات مسيرة انتحارية تتبع للنظام السوري.
وتستهدف المسيرات منازل وسيارات مدنيين.
وإلى جانب الضربات الإسرائيلية والتصعيد شمال غربي سوريا، أشار بيدرسون في إحاطته إلى الاشتباكات في درعا، جنوبي البلاد.
وشهدت الأحياء الغربية والجنوبية من مدينة جاسم في ريف درعا الشمالي تصعيدًا أسفر عن أضرار مادية، ومقتل ثلاثة أشخاص مدنيين وإصابة اثنين آخرين ترافق مع تراجع في تقديم الخدمات العامة من كهرباء ومياه شرب.
واعتبر أن هناك حاجة ملحة لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني.
وسبق أن قال السفير الروسي في دمشق، ألكسندر يفيموف، إن إعادة الإعمار الكامل في سوريا غير ممكنة حاليًا، مؤكدًا أنه وقبل كل شيء فالحرب في سوريا لم تنتهِ بعد.
وإلى جانب المسيرات الروسية والتابعة للنظام، تبرز أيضًا المسيرات التركية، وقالت أنقرة في 18 من تموز الحالي، إن “عدد الإرهابيين الذين تم تحييدهم خلال العمليات العسكرية منذ الأول من كانون الثاني 2024 وحتى اليوم، بلغ 1427 بينهم 746 شمالي سوريا، و681 شمالي العراق”.
عودة التنظيم
إحاطة بيدرسون أمام مجلس الأمن ومع ما تحدثت عنه من ظروف عسكرية وإنسانية معقدة، تضمنت كذلك إشارة لعودة “تنظيم الدولة” وهو ما يتوافق مع معلومات أمريكية في هذا الصدد.
وفق بيدرسون، فإن التهديد الذي تشكله الجماعات المدرجة على قوائم الإرهاب، يظهر من جديد، مع تزايد هجمات التنظيم.
وفي 17 من تموز الحالي،قالت القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم)، إن تنظيم “الدولة الإسلامية” يحاول إعادة تشكيل نفسه، إذ رصدت تضاعف عمليات التنظيم من حيث العدد في سوريا والعراق عما كانت عليه عام 2023.
وأضافت أنه في الفترة الممتدة بين كانون الثاني وحزيران الماضيين، تبنى التنظيم 153 هجومًا في العراق وسوريا.
واعتبرت أت هذا المعدل يشير إلى كون التنظيم في طريقه للوصول إلى ضعف العدد الإجمالي للهجمات التي أعلن مسؤوليته عنها في عام 2023، ما يظهر أنه يحاول إعادة تشكيل نفسه بعد عدة سنوات من انخفاض قدراته.
إيقاف الهجمات على اللاجئين
بيدرسون لفت في إحاطته الظروف التي يعيشها اللاجئون السوريون في دول الجوار، والمخاوف من احتمالات إعادتهم قسرًا.
ودعا لإنهاء الخطابات والإجراءات المناهضة للاجئين، وحماية السوريين أينما كانو، خاصة مع الهجمات عليهم وأعمال العنف.
وشهدت ولاية قيصري التركية في 30 من حزيران الماضي، احتجاجات وحالة من التوتر والغضب، تخللتها اعتداءات على مصالح سوريين، إثر انتشار شائعة خاطئة عن اعتداء لاجئ سوري على طفلة تركية تبلغ من العمر خمسة أعوام، قبل أن تؤكد ولاية قيصري في بيان لها عبر “إكس“، أن الطفلة سورية الجنسية وهي قريبة الشاب الذي يعاني من مشكلات عقلية.
وتصاعدت بعدها أعمال العنف والاعتداءات على ممتلكات لاجئين سوريين في عدة مدن تركية، شملت كلًا من مدن هاتاي وغازي عينتاب وكلّس وقيصري وبورصة.
ولا تعتبر حوادث الاعتداء على ممتلكات اللاجئين السوريين في تركيا الأولى من نوعها، إذ تتكرر بين الفترة والأخرى إثر وقوع حادثة ما أو انتشار معلومة قد تكون خاطئة.
ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و107 آلاف و380 لاجئًا سوريًا تحت نظام “الحماية المؤقتة”، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن رئاسة الهجرة التركية في 18 من تموز الحالي.