الدبلوماسية لمحاربة العنصرية وليس لتعزيزها

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

لم يكن غريبًا على مسامع عشاق كرة القدم والرياضة عمومًا في العالم تلك الكلمات التي تخللت أغنية رددها لاعبو منتخب التانغو بعد فوزهم بلقب كوبا أمريكا قبل أيام على حساب كولومبيا بهدف دون رد، عبارات تحمل الطابع العنصري والتمييز بحق المنتخب الفرنسي الأول لكرة القدم، وعلى ما يبدو فإن فعل وأثر نهائي مونديال 2022 في الدوحة ما زال مستمرًا.

عبارات تتحدث عن اللعب لفرنسا، “وهم من أنغولا، والدته نيجيرية ووالده كاميروني، ولكن بجواز سفر فرنسي”، هكذا كان يردد إنسو فيرنانديز لاعب منتخب الأرجنتين مع مجموعة من رفاقه في المنتخب، بعد الفوز على كولومبيا وفي أثناء العودة إلى الأرجنتين والاستقبال الجماهيري الحافل.

أيضًا ليس غريبًا أن تثور الأوساط والفعاليات الرياضية والرسمية الفرنسية غضبًا مما جرى، وما زال يجري بين المنتخبين، وخصوصًا أن بطولة الكوبا لا يشارك بها المنتخب الفرنسي ولا علاقة له بالمنافس والخصم حتى يتم ترديد الأغنية، وبصراحة كان من حقهم أن يهاجموا بقوة ويستنكروا ما حدث ويطلبوا الاعتذار الرسمي.

الغريب أن التدخلات السياسية التي تجري أو تدار بلحظة معينة، تقلب الأمور رأسًا على عقب، بل وتصب البارود على النار كما في تصريحات نائبة رئيس الأرجنتين، السيدة فيكتوريا فيارويل، التي هاجمت فرنسا والدولة الفرنسية، ودعت للوقوف إلى جانب إنسو فيرنانديز، وأضافت بحسب ما جاء في وكالات الأنباء، “لن تخيفنا دولة استعمارية مثل فرنسا حول أغنية في كرة القدم، لأنها أظهرت الحقيقة التي يرفضون الاعتراف بها. الأرجنتين دولة ذات سيادة وذات حرية. ليس لدينا مواطنون من الدرجة الثانية أو مستعمرات، لم نفرض أي شيء على أحد”.

ولا أعلم هنا لماذا تقصدت السيدة فيارويل أن تتحدث عن الحقيقة التي يرفضون الاعتراف بها (أي فرنسا)، وهل تعلم السيدة الموقرة بقوانين الاحتراف وبآليات وأنظمة وقوانين كرة القدم وما هو مسموح وما هو غير مسموح؟ وعلى الرغم من اعتذار إنسو عما قاله وما ردده وبأنه لا يمثله ولا يمثل قيمه في كرة القدم والحياة، فإن السيدة فيارويل كانت ملكية أكثر من الملك، وحساسة أكثر من المنتخب ولاعبيه ونجومه، وعلى رأسهم الأسطورة ليونيل ميسي، لتتدفق منها شعارات الظلم والإنسانية والمستعمرات والمواطنين بدرجاتهم بحسب ما قصدت.

التدخل الحكومي الأرجنتيني والاعتذار عن تصريحات السيدة فيارويل كان ضروريًا لإضفاء طابع الدبلوماسية بين البلدين وبين المنتخبين، وخصوصًا أن العالم على بعد أيام من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس 2024. كثير من مشكلات العنصرية في الملاعب يمكن حلها بشكل ودي ودون قرارات صارمة من المؤسسات الدولية الرياضية، وفي بعض الأحيان تكون القرارات الرادعة ضرورية لوقف أي تطاول واستهتار.

ولكن هذه الإشكالية تعيد إلى الأذهان دائمًا تدخلات السياسيين والعسكر ومنذ سنوات وعقود طويلة في ملاعب كرة القدم، وتصريحاتهم التي تشعل نارًا لربما في المستقبل لا تجد من يطفئها.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة