د. أكرم خولاني
يسبب إعتام عدسة العين، أو ما يعرف بالساد أو المياه البيضاء، ضبابية في العدسة التي كانت صافية في الحالات الطبيعية، ومع مرور الوقت يمكن أن يؤثر في الرؤية، وقد يصل لدرجة تمنع القيام ببعض الأنشطة اليومية كالقراءة والقيادة، كما يمكن أن يعوق فحص داخل كرة العين، وعندها يصبح من الضروري علاج مشكلة الساد، ولا تزال الطريقة الوحيدة الناجعة للعلاج هي الجراحة.
ما المقصود بجراحة الساد
جراحة الساد (Cataract Surgery) هي عملية جراحية دقيقة يتم من خلالها استخراج محتوى العدسة المتكثفة (الساد) الذي يُسبب تغيّمًا في عدسة العين واستبداله بآخر اصطناعي.
تصل نسبة نجاح هذه العملية في استعادة البصر الطبيعي إلى 90%، عدا عن حالات وجود ضرر كامن في العين ناتج عن حالات مرضية أخرى كالإصابة بالسكري والزرق (غلوكوما) وأمراض شبكية العين المختلفة.
ما التحضيرات اللازمة قبل إجراء العملية
تشمل التحضيرات لعملية الساد إجراء فحص كامل للعين، والالتزام بالتعليمات التالية:
- الصيام وعدم تناول الطعام قبل موعد العملية بنحو 12 ساعة.
- التوقف عن تناول أي أدوية قبل العملية دون استشارة الطبيب، خاصة الأدوية التي تؤثر على سيولة الدم.
- استعمال قطرات للعين تقضي على البكتيريا والميكروبات.
- إجراء الفحوصات الطبية التي تتضمن ما يلي:
- تعداد الدم الكامل.
- تحليل وظائف الكبد والكلى.
- قياس ضغط الدم ومستوى السكر.
- قياس كفاءة القلب والتأكد من قدرته على تحمل العملية.
كيف تُجرى العملية
تتم عملية الساد تحت تأثير التخدير الموضعي للمرضى البالغين، ويمكن أن تُجرى في عيادة الطبيب، ولا حاجة للمكوث في المستشفى أو بقاء المريض تحت المراقبة.
أما بالنسبة للأطفال فإن التخدير العام هو المستخدم للتقليل من انزعاج الطفل أو إحساسه بالألم.
يستغرق هذا الإجراء نصف ساعة تقريبًا، وعادة يتم استخراج الساد لكل عين على حدة، وتكون المدة الزمنية ما بين الإجراءين أسبوعين تقريبًا.
ويجري جراح العيون جراحة الساد على النحو التالي:
1- التخدير
يتم تقطير العين بمادة لتوسيع حدقة العين.
ثم يتم وضع عدة قطرات مخدرة في العين لكيلا يشعر المريض بأي ألم خلال العملية.
2- إزالة عدسة العين
يقوم الجراح بعدها بإحداث شق صغير في قرنية العين تحت تكبير مجهري، ويجري ذلك عبر استعمال إحدى الوسائل التالية:
جهاز الفاكو: يعمل جهاز الفاكو بتقنية الموجات فوق الصوتية، ويساعد في صناعة شقوق جراحية صغيرة، ويتم إدخال الجهاز من خلال الشق الى العدسة، حيث تذوب المادة المكونة للعدسة نتيجة للذبذبات فوق الصوتية ويتم امتصاصها إلى داخل الجهاز.
أشعة الفيمتو ليزر: تستخدم أشعة الفيمتو ليزك لعمل شقوق جراحية صغيرة لتفتيت العدسة المريضة وشفطها.
المشرط الجراحي: يستخدم المشرط الجراحي لعمل شق كبير نسبيًا بجوار القرنية وتستأصل من خلاله العدسة، ويُعيب هذه الطريقة أن الشق يستغرق وقتا لكي يلتئم، وكذلك قد تتسبب الجراحة في الإصابة بالاستجماتيزم.
3- زراعة عدسة جديدة
بعد استئصال العدسة المصابة يتم إدخال عدسة اصطناعية جديدة وصافية إلى داخل محفظة العدسة الفارغة، على أن تكون أحد أنواع العدسات الثلاث الآتية:
العدسات أحادية البؤرة: تمتلك هذه العدسة بعدًا بؤريًا واحدًا، بالتالي تسمح للفرد بالرؤية القريبة أو البعيدة، وقد يضطر المريض بعد زراعتها إلى ارتداء النظارات أو العدسات اللاصقة حتى يتمكن من رؤية الأجسام على مسافات مختلفة.
العدسات متعددة البؤر: يتيح هذا النوع من العدسات للمريض الرؤية في مسافات مختلفة، فيتمكن من رؤية الأجسام القريبة والبعيدة دون مشكلات، بالتالي لن يحتاج إلى استعمال النظارات أو العدسات اللاصقة.
العدسات الانكسارية: تستهدف هذه العدسات مرضى الاستجماتيزم الذين يشكون ازدواج الرؤية نتيجة عدم انتظام سطح القرنية.
لا داعي لإغلاق الشق الجراحي عند استخدام الفاكو أو الليزر نظرًا إلى صغره وقدرته على الالتئام بشكل ذاتي مع مرور الوقت، ولكن عند إجراء عملية الساد المفتوحة يكون الشق كبيرًا نسبيًا، لذا يتم إغلاقه بواسطة الغرز الجراحية التي تتطلب مراجعة الطبيب فيما بعد لإزالتها.
ثم تتم تغطية العين باستخدام ضماد طبي.
وتتم مراقبة ضغط الدم وغيره من المؤشرات بعد العملية ثم يُسمح للمريض بمغادرة العيادة أو المستشفى بعد مرور ساعة من انتهاء العملية.
ماذا بعد إجراء العملية
بعد إجراء عملية الساد يستطيع المريض العودة إلى بيته، وقد يعاني من عدم وضوح في الرؤية، لذلك فإنه يجب عليه تجنب القيادة.
تظهر العين بشكل مُحمر لعدة أيام بعد العملية ويتلاشى هذا الاحمرار تدريجيًا.
يشعر المريض بتحسن فوري في الرؤية بمجرد انتهاء العملية، ويجب مراجعة الطبيب بعد أسبوع من الجراحة للتأكد من استقرار الحالة.
ينبغي للمريض اتباع بعض النصائح إلى أن يستعيد الرؤية بالكامل ويلتئم جرح العملية، وتتضمن تلك النصائح ما يلي:
- تجنب بعض النشاطات لعدة أيام او أسابيع كما في الانحناء أو رفع الأجسام الثقيلة.
- الالتزام باستعمال المضادات الحيوية وقطرات العين المضادة للالتهاب التي وصفها الطبيب لمدة 3 أسابيع.
- غسل اليدين جيدًا قبل استخدام القطرة، أو لمس العين.
- يمكن استخدام مسكنات الألم حسب الحاجة.
- استعمال النظارات الشمسية الداكنة عند الخروج من المنزل لحماية العين من المؤثرات الخارجية وأشعة الشمس.
- ارتداء واقي العين لمدة أسبوع.
ويحذر المريض من الأمور التالية:
- فرك العينين أو الضغط عليهما.
- وصول الصابون والماء للعين في أثناء الاستحمام.
- التعرض لأشعة الشمس المباشرة.
- استعمال مستحضرات التجميل المختلفة.
يجب طلب الرعاية الصحية الفورية في الحالات التالية:
- وجود آلام شديدة رغم استخدام المسكنات.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- خروج إفرازات أو نزيف في العين.
- تورم الجفن.
- ظهور ومضات ضوئية أو بقع جديدة متعددة، تسمى العوائم، أمام العين.
- فقدان الرؤية.
تصبح الرؤية أكثر وضوحًا ويحدث الشفاء التام خلال مدة زمنية تتراوح بين 4 و8 أسابيع تتحسن فيها الرؤية إلى أن تستقر وتُعاود وضعها الطبيعي.
ما المضاعفات المحتملة لجراحة الساد
حدوث المضاعفات بعد الخضوع لجراحة الساد أمر غير شائع، ويمكن علاج معظمهما بنجاح، وتشمل المضاعفات المحتملة ما يلي:
- التورم.
- العدوى.
- النزيف.
- جفاف العينين.
- تدلي الجفن.
- تحرك العدسة الاصطناعية من مكانها.
- تحرك الشبكية من مكانها (انفصال الشبكية)
- المياه الزرقاء (ارتفاع ضغط العين).
- فقدان البصر.
يزداد خطر الإصابة بالمضاعفات مع وجود مرض آخر في العين أو حالة مرضية خطيرة.
وهناك مشكلة شائعة قد يصاب بها الأشخاص الذين خضعوا لجراحة الساد تسمى “إعتام عدسة العين الثانوي”، والمصطلح الطبي لهذه الحالة هو “إعتام المحفظة الخلفية”، إذ تحدث هذه المشكلة عندما تصبح مؤخرة المحفظة غائمة وتضعف الرؤية، وتُعالج عن طريق إجراء غير مؤلم يستغرق خمس دقائق دون مبيت في المستشفى، ويُطلق على هذا الإجراء اسم “بضع المحفظة باستخدام ليزر ياغ” حيث يُستخدم شعاع ليزر لإحداث فتحة صغيرة في المحفظة الغائمة، وتوفر هذه الفتحة مسارًا خاليًا لمرور الضوء عبره.