دير الزور – عبادة الشيخ
تشهد محافظة دير الزور وريفها، ضمن مناطق سيطرة النظام أو “الإدارة الذاتية”، انتشارًا للعملات المزورة من فئة 100 دولار أمريكي، وتشير شهادات ضحايا التزوير إلى أن مصدر تلك العملات مناطق سيطرة النظام، وأن أغلب ضحايا تلك الحالات هم ممن يتلقون حوالات مالية من الخارج.
واشتكى عدد من سكان ريف دير الزور الشرقي، حيث تسيطر “الإدارة الذاتية”، وقوعهم في فخ العملة المزورة منذ مطلع تموز الحالي.
وقال أحمد نوارة، وهو من سكان حي الجورة في مدينة دير الزور الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، إنه كان من ضحايا التزوير عن طريق مكتب حوالات مالية غير مرخص.
وأضاف لعنب بلدي أن أحد مندوبي مكاتب الحوالات سلّمه حوالة مالية قدرها 400 دولار أمريكي في أحد شوارع مدينة دير الزور، وكالعادة جرت عملية تسليم الأموال بشكل سريع خوفًا من الرقابة الحكومية التي تجرّم التعامل بعملات أجنبية في سوريا.
وبعد أن تحقق أحمد من المبلغ، ركب المندوب دراجته النارية، وغادر مسرعًا دون أن يفصح عن اسمه، أو عن اسم شركة الحوالات التي يعمل لمصلحتها.
وبعد نحو أسبوع، توجه أحمد إلى مناطق “الإدارة الذاتية” شرق نهر الفرات، واكتشف خلال وجوده في محل للصرافة بقرية حوايج الذياب، أن المبلغ الذي يملكه مزور بالكامل.
أحمد الذي خشي أن توجه له تهمة تزوير العملة حينها، قال إنه اتصل برقم الهاتف الموجود على إشعار الحوالة، لكن المجيب أخبره أنه سيبلغ فرع “الأمن العسكري” أن أحمد يتداول العملات الأجنبية، إن حاول الاتصال به مجددًا.
وعلى إثر التهديد الذي تلقاه، تخلى أحمد عن حقه بتحصيل المبلغ، خوفًا من التورط بمشكلة من هذا النوع.
وفي كانون الثاني الماضي، أصدر النظام مرسومين تشريعيين “5” و”6″، حدد بموجبهما عقوبات التعامل بغير الليرة السورية، ومزاولة الصرافة دون ترخيص، ونقل أو تحويل العملات الأجنبية خارج سوريا من جهة أخرى.
وتضمن المرسوم رقم “5” للعام 2024 تأكيدًا على سابقه الذي منع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات، أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري، وحافظ على العقوبات المتعلقة بالحبس أو السجن.
حالة انتشرت في الأسواق
فرحان العليان، تاجر ألبسة في بلدة درنج بريف دير الزور الشمالي، قال لعنب بلدي، إن تداول العملة المزورة وصل لأصحاب المحال وحتى للزبائن على نطاق واسع.
وأضاف أنه قبل نحو أسبوع، جلبت له سيدة أربعينية قادمة من مدينة العشارة الواقعة تحت سيطرة النظام ورقة نقدية من فئة 100 دولار مزورة، وعند سؤالها عن مصدرها، قالت إنها تسلّمتها من مكتب للحوالات من ابنها المقيم في ألمانيا.
فرحان أشار إلى أن العملات يعاد تداولها بدل إتلافها، خصوصًا أن حاملها لا يمكنه تعويض خسارته، فهناك من يعمل على تبديلها بأقل من نصف قيمتها خاصة للموظفين في قطاع النفط لدى “الإدارة الذاتية”، الذين يخفونها ضمن المبالغ الكبيرة، ما يجعل من الصعب كشفها يدويًا.
صالح العليان، رئيس اتحاد الصرافين في ريف دير الزور الخاضع لسيطرة “الإدارة الذاتية”، قال لعنب بلدي، إن انتشار الدولار المزور في مكاتب الصرافة والأسواق هو حالة جديدة نسبيًا، مشيرًا إلى أن بعض هذه العملات يصعب كشفها يدويًا.
وأضاف أن صرافي المنطقة يضبطون عملات مزورة بشكل شبه يومي، ومنها ما تصل جودة التزوير فيها إلى 90%، ما يجعل من الصعب كشفها.
عبد الله العطية، تاجر مواد صحية شرقي دير الزور، قال لعنب بلدي، إن بعض التجار يظنون أن شراء مواد بقيمة 30 أو 40 دولارًا، يسهل تمرير فئات نقدية مزورة وخداع أصحاب المحال التجارية، لكن الحديث عن انتشار العملات المزورة، دفع التجار لفحص أي عملة يتلقونها من الزبائن.
الحوالات.. شريان لحياة السوريين
تشكل الحوالات المالية شريان الحياة بالنسبة لمعظم السوريين اليوم وسط تدني الأجور والرواتب، واستمرار ارتفاع الأسعار مع ارتفاع مستويات التضخم، وانخفاض قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية.
ويعيش ما يقارب 90% من السوريين تحت خط الفقر، وهناك أكثر من 15.3 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
ويلجأ غالبية السوريين لإرسال الحوالات عبر شركات ووسطاء غير معروفين، كونهم يسلّمون الحوالة بسعر “السوق السوداء”، الذي يصل إلى 14 ألف ليرة للدولار الواحد.
بينما في حال تم إرسال الحوالة عبر القنوات الرسمية، فإن الحوالة تصل بسعر الصرف الرسمي الذي لا يتجاوز 12700 ليرة، لذلك فإن الفارق جعل الغالبية يفضّلون إرسالها عبر الشركات والوسطاء، وهي وسيلة لا تعتبر آمنة بشكل كافٍ.
ويعاب على هذه الطريقة أن الأموال غالبًا ما تأتي ناقصة، كما أن طريقة التسليم في الشارع أو في مدخل إحدى البنايات المهجورة، تعتبر خطرة نوعًا ما، فهي تتم مساء عادة، كما أن الخوف الأكبر من المراقبة، ففي حال تم القبض على الشخصين المُتلقي ومُسلّم الحوالة فإن المصير سيكون أسود غالبًا.