“مفاتيح السجن السوري”.. لغة العذاب خلف القضبان

tag icon ع ع ع

ينقل كتاب “مفاتيح السجن السوري” إلى القارئ لغة السجن وعالم ما خلف القضبان في سوريا، ويعرض مصطلحات ومفردات في ذلك العالم الرهيب، الذي تحول السجن بنسخته السورية، ليس فقط إلى مكان للحرمان من الحرية، إنما للحرمان من الحياة أيضًا.

والسجّان في سجون النظام السوري، وربما في سواها من دول الاستبداد، ليس ربًا أعلى فقط بمعنى أنه يملك سلطان الحياة والموت، لكن أيضًا من وظائفه خلق البلبلة بين السجناء حرصًا منه على بقائهم مشتتين لا اتفاق بينهم.

ونظير سعي السجان إلى البلبلة والتشتيت، وعلى غفلة منه، يتحول السجن إلى بيئة خصبة لتوليد عبارات وصور بيانية يواجه بها شعب السجناء العقاب الجماعي المتمثل بأسر الألسنة، فضلًا عن أصحابها.

حاول مؤلفو الكتاب من خلال 96 صفحة تتضمن شهادات متنوعة تقصي مفردات اللغة السجنيّة، ووجدوا أن السجن السوري “سجون”، وأن هذه السجون مع اشتراكها في لغة واحدة، ولّادة عاميّات وخصوصيات تطبع السجين خلال اعتقاله، ولا تخلو من أن تطبعه أيضًا بعد الإفراج عنه.

مفردات ومصطلحات السجن مرتبة وفق التسلسل الألفبائي، تبدأ بمصطلح “اعتز بنفسك” وهي أمر يوجهه السجان إلى السجين، مفاده أن يتخذ الأخير وضعية “وقفة العز”، أي الوقوف مرفوع الرأس، كي يتلقى الضربات.

وتنتهي المفردات بـ”يوم التنكيل” (أيضًا “يوم أبو محمد”)، ويشير إلى يوم عُذّب فيه السجناء كثيرًا في سجن “تدمر”، وذلك إثر تمرّد أحدهم (أبو محمد) ومقتله.

ومن المفردات الحاضرة في الكتاب “المظلة، وكواع وركَب، والكهربا، والدولاب، والكرسي، والكرسي الألماني، وكرباج، وعازمينك على فنجان قهوة، وسيارات اللحمة، وتشريفة، واستحباس، وطق البرغي، والشبح، وبساط الريح، وخزمجي، وحركة أمان”، وغيرها من الكلمات المشروحة كل منها على حدة.

“مفاتيح السجن السوري” ليست مفاتيح لأبوابه، وفق الكتاب الذي صدر عام 2012 في بيروت، وهو من إعداد محمود حمادي، وإشراف مونيكا بورغمان، ولقمان سليم، وهما مؤسسا “أمم للتوثيق والأبحاث”، إنما هي مفاتيح لغوية مجموعة ضمن كتاب لفهم مصطلحات المعتقلين ومفرداتهم المتداولة فيما بينهم، وجهد متواضع واستكمال لما فعله سجناء تلك السجون، ويستمرون فيه، من محاولة “تحرير” ما تيسر من كرامتهم البشرية المأسورة، وذاك باسترداد ملَكة التواصل فيما بينهم، وملَكة تسمية الأشياء ولو بغير أسمائها، وحتى ملَكة السخرية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة