تستمر أزمة المياه في محافظة السويداء جنوبي سوريا، رغم إعلان مسؤولي حكومة النظام بين حين وآخر عن مشاريع وأعمال صيانة للآبار والسدود ومحطات المياه.
الأزمة الممتدة منذ عدة سنوات تعود لفساد في إدارة وتسيير شؤون مؤسسة مياه السويداء، بحسب ما تحدث به أحد موظفي المؤسسة لعنب بلدي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية.
وأضاف المصدر، أن هناك مجموعة من الأشخاص ضمن المؤسسة تتحكم بعمليات توقيع عقود الصيانة وتبديل القطع وتجهيز الآبار، محصورة في شركات تستورد معداتها من إيران والهند، ولا تلبي الحاجة.
وتضطر عائلات لدفع حوالي 100 إلى 160 ألف ليرة سورية أسبوعيًا لشراء المياه من الصهاريج الجوالة، أي بين 6.8 إلى 10.8 دولار، إذ يقابل الدولار 14700 ليرة.
أزمة المياه كانت حاضرة أيضًا في احتجاجات السويداء، إذ طالب المتظاهرون بحل مشكلة نقص المياه وفرض رقابة شعبية على عملها.
ووجه المتظاهرون مطالب لمدير مؤسسة المياه، أولها المباشرة بتشغيل الآبار العامة وعدم المماطلة في التنفيذ، ووضع حد للصهاريج العامة التي تبيع المياه لحسابها الخاص، والاشتراط على المقاولين تركيب مضخات ذات منشأ صناعي جيد دون الاعتماد على مضخات هندية أو إيرانية.
ارتفاع منسوب وإصلاح دون جدوى
تحدثت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، مطلع تموز الحالي، عن إعادة تشغيل 19 بئرًا بعد صيانتها وإصلاحها وإعادتها إلى الخدمة، وهو ما أكدته مؤسسة مياه السويداء عبر “فيس بوك“.
في 27 من حزيران الماضي، قال مدير الموارد المائية في السويداء بديع مطر لجريدة “الوطن” المحلية، إن حجم التخزين ضمن السدود المستثمرة وصل إلى 14 مليونًا و214 ألف متر مكعب، وحجم التخزين في السدود المخصصة لمياه الشرب لم يتجاوز 5 ملايين متر مكعب.
بالنسبة لآبار المكرمة وصل عدد الآبار المستثمرة جزئيًا إلى 57 من أصل 95 بئرًا.
الإجراءات الحكومية طالت أيضًا التعديات على مياه السدود بإغلاق الفتحات، كما جرى في سد حبران، وصيانة حرم السدود (الروم، حبران، جبل العرب)، وإنجاز مشروع تنفيذ شبكات ري على الآبار في عرى والقريا، بحسب ما نقلته جريدة “الوطن” عن مطر.
وكان حجم التخزين ضمن سدود السويداء، في شباط الماضي، 16 مليون متر مكعب، إذ شهد هذا العام ازديادًا في حجم التخزين مقارنة بالعام الماضي، الذي لم يتجاوز 10 ملايين متر مكعب في شهر شباط، بحسب تصريح مطر لـ”صحيفة تشرين“.
وأشار مطر إلى أن زيادة منسوب المياه في السدود سيكون له انعكاس إيجابي على مياه الشرب صيفًا، خاصة مع وجود تسعة سدود مخصصة لهذه الغاية.
ويبلغ التخزين الأعظمي لسدود السويداء 60 مليون متر مكعب، وتبلغ 17 سدًا.
اعتراف حكومي بالفشل
في 9 من تموز الحالي، تحدث كل من محافظ السويداء أكرم علي محمد ووزير الموارد المائية في حكومة النظام حسين مخلوف، عن أزمة المياه في المحافظة.
المحافظ قال إن “ملف المياه يأخذ معظم الوقت والجهد بالمتابعة اللحظية والوقوف على كل التفاصيل والعمل على معالجتها”، لكن يجب “مضاعفة الدعم لإرضاء الأهالي” وحصولهم على احتياجهم من المياه.
بينما اقترح الوزير مخلوف تعاقد مؤسسة مياه السويداء مع شركة من القطاع الخاص، لتشغيل الآبار على مسؤوليتها.
بالإضافة إلى زيادة عدد الآبار المحيّدة عن التقنين، ومخصصات المحافظة من الكهرباء ليلاً لتشغيل الآبار.
وأبدى مخلوف استعداد الوزارة تقديم كل أشكال الدعم المادي والإداري وتسهيل الإجراءات لملف المياه في السويداء.
إتاوات وتعديات
مدير مؤسسة مياه السويداء، وائل الشريطي، اعترف في حزيران الماضي، بظاهرة “الإتاوات” من قبل موزعي المياه في أحياء مدينة السويداء.
والإشكالية الأكبر ضمن أحياء مدينة السويداء، بحسب الشريطي، هي التوسع العمراني العشوائي، الذي حرم منازل “نظامية” من كميات المياه المطلوبة.
وأدى عدم تركيب العدادات بشكل يتناسب مع أعداد المنازل المشغولة إلى عدم وصول المياه بالكميات المطلوبة وفق العدادات، وفق تصريح الشريطي لـ”الوطن” في 26 من حزيران الماضي.
يضاف إليها “تعديات بعض الأهالي على دور ضخ المياه بتركيب موتورات لشفطها إلى خزاناتهم”، والتعديات على خطوط المياه بالكسر أو تخريب الريكارات وصمامات توزيع المياه.
ويجري ضخ 15 ألف متر مكعب من المياه ضمن أحياء المدينة يوميًا، ومن المفترض أن تكون كافية.
فالمياه توزع ضمن أحياء المدينة وفق جداول محدد بـ15 يومًا، وفي حال توفر الكهرباء بـ10 أيام.
إعلان حالة طوارئ
في حزيران 2023، أعلنت مؤسسة مياه السويداء حالة الطوارئ بعد خروج جميع السدود المخصصة لمياه الشرب عن الاستثمار تقريباً واقتصار تأمين مياه الشرب على الآبار التي خرج الكثير منها هي الأخرى من نطاق الاستثمار.
وذكرت جريدة “الوطن” حينها، أن المؤسسة توجهت إلى المجتمع الأهلي والجهات المانحة لمحاولة تشغيل الآبار المتعطلة.
وأضافت الصحيفة أن المؤسسة لديها “عجز مالي كبير”، وغارقة بالديون والالتزامات المالية، ومستودعاتها خالية من التجهيزات، وغير قادرة على استجرار قطع الصيانة.