“الحجز الاحتياطي” على أملاك 817 شخصًا من زاكية جنوب دمشق

  • 2024/07/18
  • 10:46 ص
بلدة زاكية بريف دمشق التي صدر قرار بالحجز الاحتياطي على أملاك المئات من سكانها- عام 2022 (مدينة زاكية الشام- فيس بوك)

بلدة زاكية بريف دمشق التي صدر قرار بالحجز الاحتياطي على أملاك المئات من سكانها- عام 2022 (مدينة زاكية الشام- فيس بوك)

كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم، الخميس 18 من تموز، عن حجز وزارة المالية السورية احتياطيًا على أملاك مئات الأشخاص من بلدة زاكية جنوب دمشق، في النصف الأول من العام الحالي.

وأوضحت “رايتس ووتش” أن “قرارات الحجز تستند إلى مرسوم صدر عام 2012 يخوّل وزارة المالية تجميد أصول الأفراد على ذمة التحقيق للاشتباه في تورطهم بأعمال إرهابية، بموجب قانون مكافحة الإرهاب الفضفاض في سوريا، حتى لو لم يُتهموا بارتكاب جريمة.

قرارات الحجز الاحتياطي طالت 817 شخصًا من سكان زاكية، بينهم 286 شخصًا موجودين داخل البلدة بعد إجرائهم “التسوية”، عقب استعادة النظام السيطرة عليها في 2016، بشرط الامتناع عن الانخراط في أنشطة مناهضة لحكومة النظام.

في المقابل تعذّر تحديد هوية 196 آخرين، و187 كانوا نازحين داخليًا، و69 لاجئًا، و37 مختفيًا قسرًا، و22 مفقودًا، و20 متوفيًا طالتهم قرارات الحجز.

وقال نائب مديرة الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، آدم كوغل، إنه “من خلال معاقبة الأشخاص لمجرد قرابتهم العائلية مع الشخص المتهم، وليس استنادًا إلى مسؤوليتهم الجنائية الفردية، فإن تنفيذ وزارة المالية للمرسوم 63 يشكل عقابًا جماعيًا، وهو أمر محظور في جميع الظروف بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان”.

وأضاف كوغل، “بالنسبة للاجئين الذين يواجهون ضغوطًا متزايدة للعودة من الدول المجاورة وأوروبا إلى سوريا، تُبيّن هذه الإجراءات التعسفية بتجميد الأصول، حجم الانتقام وانتهاكات النظام المستمرة، ما يجعل احتمال أن يجدوا الاستقرار والأمن عند عودتهم ضئيلًا للغاية”.

وأفاد أحد المقاتلين السابقين في فصائل المعارضة الذي بقي ضمن بلدة زاكية بعد إجراء “تسوية”، أنه وزوجته كانا مدرجين على قوائم الحجز الاحتياطي للأملاك، إضافة إلى 19 من أقاربه من الدرجة الثانية، مشيرًا إلى أنه لم يتم إخطاره بقرار تجميد ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة.

وأضاف الرجل لـ “رايتس ووتش”، أنه لم يعلم بالأمر إلا في أواخر آذار الماضي، عندما حاول شخص آخر من سكان زاكية إجراء معاملة تتعلق بممتلكاته في مكتب السجل العقاري، ليجد أنه يخضع لتجميد الأصول.

في حين قال أحد مهجري زاكية في الشمال السوري، إنه اكتشف أنه قد استُهدف بقرار الحجز، بعد أن وجد اسمه على نسخ من الأوامر التي نُشرت على صفحة مخصصة لأخبار زاكية في “فيس بوك”.

وأضاف المصدر ذاته، “القائمة التي قرأتها تضمنت اسمي وأسماء أبي وأمي وإخوتي وأعمامي وأبناء عمومتي. لا أعرف السبب”، مشيرًا إلى أن بعض أقاربه الذين شملهم قرار الحجز على الأملاك لا يزالون في زاكية، وآخرين معتقلين ومنهم من لجأ إلى تركيا وأوروبا، وأحد المشمولين بالقرار متوفى منذ 1988.

تستند جميع قرارات “الحجز الاحتياطي” التي تم تحليلها إلى “قانون سلطات الضابطة العدلية” في سوريا (المرسوم التشريعي 63 لعام 2012)، والذي يخوّل وزارة المالية تجميد أصول الأشخاص تحفظيًا ودون أمر من المحكمة، بناء على طلبات من سلطات الضابطة العدلية حتى انتهاء التحقيق في “الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي أو الخارجي”، والجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب التعسفي في سوريا لعام 2012.

وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” أنه في حال تمت إدانة ومحاكمة الأشخاص الذين صدر قرار بالحجز الاحتياطي على أصولهم، سيتم بعد ذلك مصادرة ممتلكاتهم تلقائيًا وتحويلها إلى الحكومة.

وأكدت “رايتس ووتش” أن المرسوم “رقم 63” ينتهك ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة من خلال عدم توفير وسيلة للطعن أو الإخطار الرسمي للأفراد المدرجين في القائمة، كما أنه ينتهك حقوق الملكية المحمية بموجب المادة 15 من الدستور السوري وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وحذرت المنظمة الحقوقية من أن تجميد الأصول يمكن أن يُعرقل بشدة الاستقرار المالي للأشخاص، ما يحد من قدرتهم على الوصول إلى الأموال، والحفاظ على الممتلكات، وممارسة الأعمال التجارية (البيع والشراء)، وبالتالي يفاقم الصعوبات الاقتصادية وربما يعرقل سبل عيشهم.

سبق لـ “هيومن رايتس ووتش” و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، أن وثقتا استخدام حكومة النظام ترسانة من الأدوات التشريعية للاستيلاء على آلاف الممتلكات الخاصة بالسوريين، دون وجه حق ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة أو التعويض.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية، قوائم مُسربة ضمّت أسماء سوريين أصدر “القضاء” السوري أحكامًا بالحجز على ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة.

وضمّت القوائم أسماء ناشطين معارضين للنظام، ومُنشقين عن قواته ومتخلفين عما يسمى “الخدمة الإلزامية والاحتياطية”، كما شملت القرارات أطفال وزوجات المعنيين بالقرار، إضافة إلى أشخاص توفوا بظروف مختلفة داخل معتقلات النظام منذ بداية الثورة عام 2011.

مقالات متعلقة

المساكن والأراضي والممتلكات

المزيد من المساكن والأراضي والممتلكات