تعا تفرج

شكرًا لمقتلك يا لونا الشبل

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

يجدر بنا، نحن السوريين، أن نوجه تحية عاجلة لروح لونا الشبل، مستشارة بشار الأسد، لأنها ماتت في ظروف غامضة، فأعطت لكتّابنا، ومحررينا، ومحللينا الاستراتيجيين، ويوتيوبريتنا، فرصة نادرة لصناعة الترندات. فلو أنها ماتت ميتة طبيعية، لكانت ضربتنا “كمًا مرتبًا”، وقطعت علينا طريق التحليل، والتمحيص، وإبداء الرأي، واستخلاص النتائج، ولا يستطيع أحد أن يزهو على الآخرين، قائلًا: شفتوا؟ أنا أعرف كيف ماتت، وأما أنتم فمساكين، مغفلون!

نؤكد لكم، نحن المتابعين المساكين المغفلين، أن تلك التحليلات المتزاحمة زادتنا جهلًا بالقضية، وأرغمتنا على مراجعتها مرارًا، فوجدنا واحدًا من المحللين الأشاوس يتساءل: لماذا تركت لونا الشبل قناة “الجزيرة” والتحقت بنظام الأسد؟ ولماذا أغضبت أهلها وأبقت نفسها رهينة للنظام؟ ويستنتج أن هذا المسألة فيها “إن”، ولا بد أن يكون حادث السيارة الذي أودى بحياتها مدبرًا. ويشرح لنا آخر، يبدو أن لديه خبرة في المكونات الإثنية، أن لونا درزية، وزوجها الأول درزي، ولكن الثاني سني! ويضيف: لا تنسوا أن نظام الأسد أوقف زوجها، ومنع أخاها، وهو ضابط درزي، من مغادرة البلد، وكانوا قد أقالوها من منصبها، قبل الحادثة بمدة من الزمن، فماذا يعني هذا يا شاطرين؟ نسأله: ماذا يعني ذلك يا شاطر؟ فيقول: النظام الأسدي هو الذي اغتالها، بناء على طلب إيران، لأنها كانت تسرب للكيان الصهيوني الغاصب أخبار تحركات القوات الإيرانية ضمن الأراضي السورية، وتعطيهم إحداثيات وجود أعضاء “الحرس الثوري الإيراني”، و”فيلق القدس”، والكيان الصهيوني الحقير، بدوره، يتصيدهم كما لو أنهم زرازير واقفة على شريط التلفون.

أحد المحللين السياسيين، وضع ثقله التحليلي كله في خدمة هذه القضية الغامضة، فخرج علينا بشرح مفصل لرؤيته التاريخية للحادثة، فقال إن لنظام الأسد تاريخًا طويلًا في مجال الإجرام، وعدّد لنا المجازر التي ارتكبها بحق الشعب السوري، منذ أيام رفعت الأسد، حماة، وسجن “تدمر”، والمشارقة، وصولًا إلى مجازر الوريث بشار، وبالأخص بعد انطلاق الثورة، كمجزرة التريمسة، وبانياس، وخان شيخون، وكيماوي الغوطة، والتضامن، وصور “قيصر”، ثم راح يفاجئنا بمعلومات أكثر إثارة، وأدق رقبة، فيعدد لنا اغتيالات نظام حافظ الأسد في لبنان، من كمال جنبلاط، وصولًا إلى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورفع جرعة المفاجآت درجتين، وأوصلنا إلى النقطة الحساسة في هذا الملف الشائك، وهي أن النظام الأسد، في بعض الأحيان، يقتل أعوانه. ويحكي لنا عن اغتيال اللواء عمران، ورئيس الوزراء السابق صلاح الدين البيطار، ومحمود الزعبي، ومحمد سليمان، وخلية الأزمة التي فجرها، وفيها شخصيات كبيرة، منهم صهر الرئيس آصف شوكت، وهذا كله شو يعني؟ نسأله: شو يعني؟ فيجيب، بثقة: يعني أن لونا الشبل لم تمت بحادث سيارة عادي، بل مدبر، ولعلمكم فإن كل الذين تعاونوا مع هذا النظام المجرم ماتوا بنفس الطريقة.

الأحلى من هذا كله، أن إسرائيل، بعد وفاة الشبل بيومين، استأنفت ضرب المواقع الإيرانية، واغتيال شخصيات إيرانية. ولذلك، انتظروا، أيها السوريون، تحليلًا عبقريًا ألمعيًا، يحكي لنا كيف أن لونا الشبل ما زالت تسرب المعلومات، ولكن من القبر!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة