“الضامة”.. لعبة شعبية تلقى إقبالًا في إدلب

بطولة الضامة الرابعة في إدلب - 5 من تموز 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconبطولة الضامة الرابعة في إدلب - 5 من تموز 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

إدلب – أنس الخولي

تشهد مدينة إدلب شمال غربي سوريا إقبالًا على بعض الألعاب الشعبية التي تحمل طابعًا تنافسيًا، وتعتمد على الذكاء، ومنها لعبة “الضامة”، ويجري تنظيمها بجهود فردية أو من جهات رياضية.

ويعد هذا النوع من الألعاب متنفسًا للسكان في المنطقة، وسط واقع معيشي واقتصادي متردٍ، خاصة أنها لا تتطلب تكاليف مالية مقارنة بباقي الرياضات.

في 5 من تموز الحالي، توافد العديد من لاعبي “الضامة” إلى مدينة إدلب للمشاركة في بطولة “الضامة” الرابعة، التي نظمها الاتحاد الرياضي في المدينة، وحملت عنوان “ضامة المحبة”، واستمرت يومًا واحدًا.

نشاط بعد 2019

شهدت اللعبة اهتمامًا متزايدًا في السنوات الماضية مقارنة بوضعها في سوريا قبل الثورة، إذ لم تنظم أي بطولة لها قبل عام 2011، وفي 2019 نُظمت أول بطولة في إدلب من قبل هواة وأبناء اللعبة.

واستمر تنظيم البطولات بشكل فردي من اللاعبين حتى عام 2023، ليبدأ الاتحاد الرياضي في إدلب بتنظيم بطولات “الضامة”.

قدم اللاعب محمد الحسن (56 عامًا) من مخيمات قرب سرمدا للمشاركة في بطولة “الضامة”، وقال إن البطولات كانت غائبة سابقًا، وكانت تلعب “الضامة” في السهرات بين الأقارب والأصدقاء.

ومع التقدم التكنولوجي وزيادة الاهتمام بهذه اللعبة، أصبح من الممكن المشاركة في البطولات العالمية عبر مواقع مخصصة على الإنترنت، وهو ما يتيح التعرف إلى لاعبين من مختلف دول العالم، وفق محمد.

وأوضح محمد أن لاعبي “الضامة” يمتازون بهدوء الأعصاب وعدم الانفعال، لأنها من ألعاب العقل، كما يهتم اللاعبون بشكل دائم بالتعرف إلى لاعبين آخرين ومنافستهم.

بطولة الضامة الرابعة في إدلب - 5 من تموز 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

بطولة الضامة الرابعة في إدلب – 5 من تموز 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

تنظيم خجول

رغم عدم الحاجة إلى معدات وأدوات، واجه اللاعبون المشاركون في بطولة “الضامة” صعوبات تتعلق بتكاليف تنقلهم إلى إدلب، كما أن اقتصار اللعبة على يوم واحد، حرم البعيدين عن المدينة من القدوم لصعوبة تأمين مكان يبيتون فيه.

عبد الحميد السعيد (66 عامًا) وهو أحد اللاعبين المشاركين في البطولة، قال لعنب بلدي، إن من أكبر الصعوبات التي واجهت تنظيم البطولة، هو إقامتها في يوم واحد، وهو يوم الجمعة الذي تتخلله صلاة الجمعة، وهو يوم راحة وحيد في الأسبوع للعديد من اللاعبين.

وذكر عبد الحميد أن مثل هذه البطولات عندما كانت تنظم خارج سوريا، فإنها تحتاج إلى ثلاثة أيام على الأقل، إذ على اللاعب لعب 7 مباريات لا تقل المباراة عن الساعة وهي من الألعاب الذهنية المرهقة.

وأضاف أن العديد من اللاعبين كبار في السن، ومع الضغط الشديد تصبح الرؤية صعبة لديهم، وقد يخسرون المباراة بسبب عدم رؤية النقلات.

أحمد دهنين، حكم وعضو لجنة فنية في البطولة، قال لعنب بلدي، إنها نُظمت بمشاركة 30 لاعبًا حضروا من مختلف مناطق الشمال السوري، وبنظام الطريقة السويسرية بسبعة أشواط.

وأوضح أن كل شوط يحصل فيه الرابح على نقطة والتعادل نصف نقطة لكل لاعب، ولا يحصل الخاسر على أي نقطة.

وعادة، يتضمن شوط “الضامة” ثلاث مباريات يطلق على الفوز بالشوط مصطلح “القهوة”، إلا أن منظمي البطولة اعتمدوا مباراة واحدة للشوط، لضيق وقت البطولة، الأمر الذي اعتبره بعض اللاعبين ظلمًا وتقصيرًا في تنظيمها.

وأوضح الحكم أحمد أن تنظيم البطولة يحتاج إلى برنامج إلكتروني خاص لحساب مستوى النقلات واللاعبين، والشخص الذي لديه البرنامج تعطل جهازه، لذلك تمت الاستعانة بالحكم الدولي خالد عجاج من الكويت، الذي نظم البطولة وحسب نقاط اللاعبين لإعلان الفائزين.

لعبة تراثية

تعد لعبة “الضامة” شائعة في العديد من المحافظات السورية، وترتبط بشكل وثيق بالتراث الشعبي، وتلعب على رقعة شطرنج، ويملك كل لاعب 16 قطعة، ويتناوب اللاعبان على أدوار تحريك القطع الخاصة بهم.

عبد الحميد السعيد (66 عامًا) يلعب “الضامة” منذ 54 عامًا، تعلمها من جده ووالده ونقلها بدوره لأبنائه، ولا يزال يمارسها حتى اليوم، ويحب التعرف إلى اللاعبين ولو اضطر إلى التنقل لمسافات بعيدة.

سابقًا، كانت تجتمع العائلة في “الأوضة” (ديوان أو غرفة واسعة لأفراد العائلة والأقارب)، وبعد الانتهاء من الأحاديث أو حل مشكلات الأقارب، يلعب الحاضرون مساء لعبة “الضامة”، وتبدأ المنافسات وتزداد الحماسة، وفق عبد الحميد.

وأضاف عبد الحميد أنه قديمًا كان كثير السفر من أجل لعب “الضامة” في مختلف المحافظات السورية، كما سافر إلى لبنان ولعب مع لاعبين محترفين.

وأوضح عبد الحميد أن الاهتمام باللعبة لم يعد كالسابق، فسنوات الحرب الطويلة أنهكت المواطنين، كما أن الضيق المادي وعدم القدرة على السفر حالا دون القدرة على التنقل.

ويعاني الرياضيون في مختلف الرياضات من صعوبات مالية وغياب الدعم، كما يتخلف كثيرون عن المشاركة بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الانتقال إلى مكان البطولة، وانشغالهم الدائم بالبحث عن مصادر لقمة عيشهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة