د. أكرم خولاني
يعاني بعض الأشخاص من ضبابية في الرؤية وكأنهم يرون من خلال زجاج مغشى أو عليه ضباب، وغالبًا ما تعود هذه المشكلة إلى وجود كثافة في عدسة العين، وهي حالة مرضية شائعة، خاصة عند كبار السن وتسمى بـ”الساد العيني”.
ما المقصود بالساد؟
الساد (Cataract)، أو إعتام عدسة العين، أو المياه البيضاء، هو مرض يصيب عدسة العين تحدث فيه كثافة تدريجية على عدسة العين التي تكون شفافة في حالتها الطبيعية، وتحدث هذه الكثافة نتيجة لتكتل البروتين الموجود في العدسة وتكوين طبقة بيضاء تمنع وصول الأشعة الضوئية بشكل واضح إلى شبكية العين، ما يؤثر على وضوح الرؤية. ويؤثر الساد عادة على الرؤية لمسافة بعيدة، ولا يسبب تنبيهًا أو ألمًا أو حكة في العين.
يمكن أن يحدث الساد في إحدى العينين أو كلتيهما، ويعد من أكثر أسباب فقدان البصر شيوعًا، وعادة ما يصيب كبار السن، إذ يزداد احتمال الإصابة به بعد سن 70 عامًا.
وهنالك ثلاثة أنواع من الساد:
- ساد نووي: يتكون الساد في مركز العدسة بالمراحل الأولى فتنشأ حالة من قصر النظر أو قد يطرأ تحسن مؤقت في الرؤية خلال القراءة، ما يلغي حاجة بعض المرضى إلى النظارات، لكن هذا الوضع لسوء الحظ يتبدل ويزول بعد حين لأن العدسة تأخذ بالاصفرار تدريجيًا فتصبح الرؤية ضبابية أكثر وأكثر، وقد يصبح لون العدسة بُنيًا حتى تصبح الرؤية في الضوء الخافت أو قيادة السيارة في ساعات الليل مهمة تنطوي على صعوبة كبيرة، كما أن المرض المتقدم قد يسبب صعوبات في التمييز بين درجات الأزرق والبنفسجي.
- ساد قِشْرِيّ: يبدأ كبقع غير واضحة على شكل خطوط على الجزء الخارجي من قشرة العدسة، وينتشر الساد ببطء وتنتشر الخطوط باتجاه المركز فتعوق عبور الضوء في مركز العدسة، ويعاني المصابون بهذا النوع من الساد من الإحساس بالإبهار عامة.
- ساد تحت المحفظة: يبدأ كمنطقة صغيرة مسدودة مباشرة تحت محفظة العدسة (الطبقة الخارجية)، ويتكون عادة في منطقة قريبة من ظهر العدسة وتحديدًا في المسار الذي يمر الضوء من خلاله في طريقه إلى الشبكية، هذا النوع من الساد يسبب مشكلات في القراءة، ويُضعف القدرة على القراءة في الضوء القوي، ويؤدي إلى رؤية هالات حول مصادر الضوء في الليل.
ما أسباب الإصابة بالساد
يعتبر التقدم في العمر أكثر الأسباب شيوعًا لتكون الساد، لكن هناك أسبابًا أخرى قد تؤدي إلى الإصابة، أهمها:
- التقدم في العمر: لا يُعرف بالتحديد السبب الحقيقي الدقيق للتغير الذي يحصل في العدسة مع التقدم في السن، أحد الاحتمالات لذلك هو ضرر تسببه جزيئات غير مستقرة تـُعرَف باسم الجذور الحرة، التدخين والتعرض للأشعة فوق البنفسجية يشكلان مصدرين للجذور الحرة، كما أن التآكل الطبيعي في العدسة مع مر السنين قد يؤدي هو أيضًا إلى تغيرات في ألياف البروتين الموجودة في العدسة، وتتسارع هذه العملية بوجود بعض العوامل مثل:
- مرض السكري.
- ارتفاع ضغط الدم.
- التعرض الطويل للعوامل البيئية بما في ذلك السموم والإشعاع والأشعة فوق البنفسجية.
- إصابات أو التهابات سابقة في العينين.
- عمليات جراحية في العينين.
- استخدام الكورتيكوستيرويدات بشكل متواصل.
- التعرض المفرط لأشعة الشمس.
- التدخين.
- تاريخ عائلي من الإصابة بالساد.
- إصابة العين بأذى أو حادث: تسبب إصابة العين بجسم حاد ازياد حجم وسماكة وابيضاض الألياف الموجودة داخل العدسة ما يسبب إضعاف الرؤية، ويزول تورم العين مع الزمن بينما يبقى اللون الأبيض ملازمًا للمصاب.
- الإشعاع: قد يؤدي التعرض للأشعة فوق البنفسجية، بالتحديد الأشعة فوق البنفسجية “B”، إلى حدوث الساد، كذلك فإن التعرض للأشعة السينية يسهم في حدوث الساد، إذ يحطم المادة الوراثية في العين، وقد تدمر الصدمات الحرارية والكهربائية وتعمل على ابيضاض عدسة العين بسبب تخثر البروتينات المباشر، وأشعة الليزر أيضًا ذات طاقة كافية تسبب دمارًا في العينين والجلد.
- العوامل الجينية: يكون الدور الأكثر شيوعًا للعوامل الجينية من خلال أخطاء وراثية في الآليات التي تحمي وتحافظ على عدسة العين، ووجود الساد في مرحلة الطفولة أو مرحلة مبكرة من الحياة يمكن أن يكون أحيانًا مترافقًا مع وجود متلازمات مرضية معينة.
- أسباب خلقية: يُولد بعض الأطفال مصابين بإعتام عدسة العين، ويُعرف هذا النوع من الساد بـ”الساد الخلقي”، أو يصابون بهذا المرض خلال مرحلة الطفولة، وقد تكون هذه الحالات موروثة من أحد الوالدين أو مرتبطة بعدوى أو إصابة جسدية تعرض لها الطفل قبل الولادة.
- أمراض الجلد: للجلد وعدسة العين نفس المنشأ الجنيني، ولذا يمكن أن تتأثر العدسة بالأمراض التي تصيب الجلد، مثل التهاب الجلد التأتبي والإكزيما، إذ قد تتسبب في تكوين طبقة متقرحة كالدرع مسببة إعتام عدسة العين، كذلك داء السماك ووحمة الخلايا القاعدية والفقاع.
- التدخين: تبين أن تدخين السجائر يؤدي إلى زيادة معدل الساد النووي إلى ضعفين وزيادة معدل الساد تحت المحفظة بمقدار ثلاثة أضعاف.
- الأدوية: استخدام بعض الأدوية لفترات طويلة، مثل الكورتيزونات، يساعد على تطور الساد.
- استئصال الزجاجية: نستطيع القول إن كل شخص يخضع لعملية استئصال للزجاجية، دون الخضوع لعملية جراحية للساد، يكون عرضة لمرض الساد النووي بعد 6 إلى 12 شهرًا من العملية، لذلك ينصح جراحو العيون عادة المرضى الخاضعين لعملية استئصال الزجاجية بإجراء عملية وقائية مصاحبة لها لتجنب حدوث الساد.
ما الأعراض
تتطور أغلب حالات الساد ببطء ولا تؤثر على الرؤية في المرحلة المبكرة، إذ تصيب الضبابية بداية جزءًا صغيرًا من العدسة فقط ولا يكون المريض واعيًا دائمًا للتغيرات الحاصلة في بصره، لكن مع مرور الوقت، وكلما امتد الساد أكثر، فإنه يسبب ضبابية في قسم أكبر من العدسة ويؤدي إلى إعاقة وتشويش مرور الضوء من خلال العدسة، ويتجلى الأذى في نهاية الأمر بالتشوش العام وضعف الرؤية أو بتشويه الصورة، وتشمل أعراض الإصابة ما يأتي:
- رؤية ضبابية مشوشة أو خافتة.
- صعوبة متزايدة بالرؤية في الليل.
- صعوبة القراءة في الإضاءة الخافتة.
- حساسية للضوء.
- هالات حول مصادر الضوء.
- تغيير النظارات أو العدسات اللاصقة بشكل متكرر وبوتيرة عالية.
- تحول الألوان إلى باهتة أو مائلة إلى الصفرة.
- رؤية مزدوجة في عين واحدة.
كيف يمكن التشخيص
الطريقة الوحيدة لاكتشاف إصابة شخص ما بالساد هي سلسلة من فحوصات العيون تشمل:
- فحص حدة الإبصار.
- فحص هيكل العين بالمصباح الشِقِّي.
- فحص الشبكية.
ما خيارات العلاج
العلاج المفيد الوحيد ضد الساد هو عملية جراحية لإزالة العدسة الضبابية، وعادة ما يتم خلال هذه العملية زرع عدسة شفافة جديدة، وقد تتم إزالة الساد أحيانًا دون زرع عدسة جديدة، وفي هذه الحالات يمكن إصلاح الرؤية بالنظارات أو العدسات اللاصقة.
وجدت التقديرات الحديثة أن العمليات الجراحية لا تُجرى إلا إذا نتج عن الساد ضعف رؤية يتطلب الجراحة، وتسجل هذه العمليات عادة نجاحًا في 95% من الحالات، ولكن وُجد في بعض الدول المتقدمة أن هنالك مبالغة في إجراء العمليات الجراحية للساد ما يعطي نتائج محبطة.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالساد
لتقليل خطر الإصابة بالساد ينصح بالآتي:
- حماية العينين من الأشعة عن طريق ارتداء النظارات الشمسية في الخارج.
- الإقلاع عن التدخين.
- الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات التي تحتوي على مضادات الأكسدة.
- تجنب البدانة والحفاظ على وزن صحي.
- الحرص على ضبط مستوى سكر الدم عند وجود مرض السكري.