عنب بلدي – جنى العيسى
تنتظر “المؤسسة العامة للطيران” في سوريا تحسينات في عدد من القطاعات، جراء بدء تفعيل عقد التشاركية مع شركة خاصة ترتبط إدارتها برئيس النظام السوري، بشار الأسد، وزوجته، بهدف استثمار وتشغيل وإدارة “المؤسسة السورية للطيران”.
مصدر مطلع في “المؤسسة السورية للطيران” قال في تصريح صحفي قبل أيام، إن تحسينات متوقعة عديدة ستطرأ على عمل المؤسسة خلال الأيام المقبلة، موضحًا أن التحسينات تتمثل بعدة محاور بدءًا من مرافق مطار “دمشق الدولي”، ثم إضافة بعض تجهيزات المعدات الأرضية، وستشمل أيضًا رواتب وأجور العاملين من طيارين وفنيين، بالإضافة إلى رفد الأسطول الجوي المدني بعدد من الطائرات، وإصلاح الطائرات المعطلة وإعادة إدخالها إلى الخدمة، وغيرها.
وفي تموز 2023، كشف تحقيق أنجزته عنب بلدي، بالاستناد إلى مصادر مفتوحة عبر الجريدة الرسمية، إنشاء كل من بشار وأسماء الأسد شركة خاصة حصلت على عقود استثمار بقطاع الطيران في سوريا، وحملت اسم “إيلوما”، وذلك عبر أسماء مغمورة ترتبط بالقصر الجمهوري مباشرة.
اقرأ أيضًا: شركة “إيلوما“.. واجهة بشار وأسماء الأسد لاحتكار قطاع الطيران
رواتب عالمية وطائرات جديدة
نقل تلفزيون “الخبر” المحلي عن مصدر في “السورية للطيران” (لم يذكر اسمه)، في 6 من تموز الحالي، أن التحسينات المتوقعة ستبدأ أولًا على مرافق مطار “دمشق الدولي”، ثم إضافة بعض تجهيزات المعدات الأرضية، وستشمل أيضًا رواتب وأجور العاملين من طيارين وفنيين.
وستذهب إدارة “السورية للطيران” إلى الشركة المستثمرة، إذ ستتحمل مسؤولية تنفيذ الأعمال والخدمات المتعلقة بالنقل الجوي للركاب والبضائع، وشراء وإيجار واستثمار الطائرات.
وستقوم الشركة بتنظيم الرحلات الجوية وخدماتها والخدمات الأرضية، وأخذ الوكالات عن شركات الطيران، وفتح فروع داخل سوريا وخارجها، بالإضافة إلى رفد الأسطول الجوي المدني بعدد من الطائرات، وإصلاح الطائرات المعطلة وإعادة إدخالها إلى الخدمة.
وسيحصل جميع العاملين في المؤسسة على رواتب وتعويضات مماثلة لأمثالهم في شركات الطيران العالمية، ومن المتوقع أن تصل رواتب الطيارين المدنيين إلى ستة آلاف دولار أمريكي، بينما قد يحصل الفنيون على أربعة آلاف دولار.
وخلال السنوات الماضية، انتشرت العديد من الانتقادات فيما يتعلق بسوء الخدمة والفوضى في المطارات السورية من الناحية الفنية أو التقنية، فضلًا عن اتهامات للكوادر العاملة بتلقي رشى وابتزاز المغادرين أو القادمين من أجل حصولهم على مبالغ مالية.
وفق التحقيق الذي أعدته عنب بلدي، تتمثل غاية شركة “إيلوما” بإدارة واستثمار المنشآت التي تعمل في مجال السياحة وخدمات المطارات، ودخول المناقصات والمزايدات مع القطاع العام، وشراء الأسهم والحصص في جميع أنواع الشركات، والمشاركة أو المساهمة في تأسيسها أو الاشتراك في إداراتها، وتملك الأراضي والعقارات اللازمة لتحقيق غاية الشركة، عدا بناء المساكن وبيعها والاتجار بها.
وبعد قرار التأسيس بنحو خمسة أشهر، قررت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التصديق على قرار الهيئة العامة غير العادية لشركة “إيلوما” المتضمن الموافقة بالإجماع على تعديل غاية الشركة، بإضافة النشاط التالي إليها المتمثل بإدارة شركات الطيران والمطارات.
في 4 من كانون الثاني 2023، وجهت شركة “إيلوما” كتابًا لوزارة النقل، طرحت فيه خطتها للاستثمار، وتضمنت ضخ استثمارات قدرها 300 مليون دولار أمريكي خلال 20 عامًا على أن تستثمر في:
- شراء وصيانة الطائرات والمحركات وقطع التبديل والوصول بالأسطول إلى 20 طائرة.
- رفع قدرة العمليات الأرضية لتخديم أكثر من 25 ألف رحلة سنويًا لجميع النواقل الوطنية والأجنبية.
- رفع عدد الركاب إلى أكثر من ثلاثة ملايين راكب سنويًا.
- تأهيل مركز تموين الطائرات لتقديم أكثر من عشرة آلاف وجبة يوميًا.
- تأهيل مركز الصيانة لتقديم خدمات الصيانة وعمليات التعمير وتأهيل مركز التدريب.
- إضافة جهاز محاكاة الطيران لتدريب الطيارين السوريين والأجانب.
- تعديل الرواتب والتعويضات ورفعها لجميع الفئات والمستويات الوطنية.
ستحصل الشركة لقاء ذلك على نسبة 20% من الإيرادات الصافية في أول عشر سنوات من الاستثمار، وسيتم رفعها لتصبح 25% من الإيرادات الصافية في السنوات العشر الثانية.
تغول على القطاع العام
مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، والدكتور في الاقتصاد، كرم شعار، قال لعنب بلدي، إن شركة “إيلوما” مسجلة باسم راميا حمدان ديب ورزان نزار حميرة اللتين تتشاركان في شركات أخرى مع أشخاص واجهة لبشار وأسماء الأسد.
تعد رزان نزار حميرة جزءًا من عملية استحواذ على القطاع العام، وفق ما أوضحه كرم شعار، إذ تتشارك مع علي نجيب إبراهيم بشركة “إنفنيتي سكاي لايت”، وهي الشركة المشغلة لمحطة “دير علي” لتوليد الطاقة الكهربائية جنوب العاصمة دمشق، التي ينفذ فيها أيضًا مشروع تشاركي هدفه إعادة تأهيل وتشغيل وإدارة المحطة.
بالمقابل، يتشارك علي نجيب إبراهيم مع يسار إبراهيم في عدد من شركات “الواجهة” التي ليس لها وجود حقيقي في عالم الأعمال، وأُسست لتنفيذ أوامر القصر الجمهوري.
يسار إبراهيم مساعد رئيس النظام، ويعمل في القصر الجمهوري، ومن الأشخاص الذين تربطهم علاقات كبيرة في قطاع الاقتصاد مع أسماء الأسد.
اقرأ أيضًا: النظام السوري يتوجه نحو شركات “الواجهة“
ويرى شعار أن طبيعة النشاطات التي تقوم بها هذه الشبكة التي تعد واجهة للأسد، تعتبر تغولًا على القطاع العام بهدف السيطرة عليه وتحويله إلى شكل مجدٍ للربح.
وحول التحسينات الممكنة في قطاع الطيران بواسطة شركة “إيلوما”، يرى شعار أن تطبيق هذه التحسينات بشكل عملي أمر ممكن، إذ يهدف الأسد إلى تحويل “المؤسسة العامة للطيران” من شركة تكاد تكون ميتة إلى شركة رابحة قابلة للحياة، وفق تعبيره.
مكاسب ضخمة لمؤسسيها
الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي، قال لعنب بلدي، إن الاستثمار في قطاع الطيران يعتبر ضخمًا، ويسهم في أي بلد بنسبة لا يستهان بها بالناتج القومي، لذلك هناك فوائد كبيرة من الاستثمار فيه، وتكون المكاسب بحجم تشعب هذا القطاع بالداخل والخارج.
وأوضح قضيماتي أن من الطبيعي أن تقوم الشركة المستثمرة للمؤسسة بتحسينات، معتبرًا أنها ستكون ملموسة، إلا أن المنفعة ستكون حصرية لمؤسسيها، وسيحصلون على مكاسب كبيرة جدًا، لكون التمليك هنا يشمل قطاعًا كاملًا ولمصلحة أشخاص محددين، وفق رأيه.
ويرى قضيماتي أن النظام السوري يسعى نحو تغييرات تتيح للدول العربية تخفيف وطأة الحظر على القطاعات ومنها قطاع الطيران.
وتعد المطارات جزءًا من سيادة الدولة، إذ قد يعني غياب الخدمات فيها عدم وصول المستثمرين ومساهماتهم في الاقتصاد، وكذلك غياب السياحة، وهي أسهل القطاعات القادرة على ضخ الأموال والقطع الأجنبي للدولة، كما أن عملها بشكل طبيعي يمنح انطباعًا عن مدى تعافي الدولة.
أُسست “شركة الخطوط الجوية السورية” عام 1946 بطائرتين مروحيتين من طراز “سيسنامستير”، وبدأت بتسيير رحلات بين المطارات السورية في محافظات دمشق وحلب ودير الزور ثم القامشلي، وفي عام 1975، تم تغيير اسمها إلى “مؤسسة الطيران العربية السورية” بموجب مرسوم جمهوري، نصت مادته الثانية على إحداث مؤسسة عامة تسمى “مؤسسة الطيران العربية السورية”، مركزها الرئيس محافظة دمشق، وترتبط بوزير النقل، وتعتبر هذه المؤسسة في علاقاتها مع الغير بحكم الشركات، وتطبق عليها أحكام قانون التجارة.