بسبب التكلفة المرتفعة..

زينة متواضعة تستقبل الحجاج في إدلب

عودة الحجاج إلى الشمال السوري - 6 من تموز 2024 (معبر باب الهوى/ فيس بوك)

camera iconعودة الحجاج إلى الشمال السوري - 6 من تموز 2024 (معبر باب الهوى/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

تحضيرًا لاستقبال والديه العائدين من أداء فريضة الحج، اكتفى عبد الحميد بطلاء منزله وتزيينه ببعض قطع الزينة وصور الكعبة والقليل من البالونات.

كان الشاب يتمنى تزيين جزء من الحي ووضع السرو والأغصان الخضراء على الباب الخارجي للمنزل، لكن ظروف التهجير وارتفاع الأسعار حالت دون قدرته، فهو مهجر من دمشق ويقطن في إدلب شمال غربي سوريا.

وصف عبد الحميد خطاب (37 عامًا) الزينة بـ”المتواضعة”، وكلفته أكثر من 800 ليرة تركية (25 دولارًا أمريكيًا)، أما تكلفة الزينة الكاملة التي كان يتمناها فتصل إلى 5000 ليرة (150 دولارًا)، مشيرًا إلى وجود طقوس اقتصد بها كالضيافة، وأخرى استغنى عنها كالعراضة الشامية.

ويتعامل السكان في أسواق إدلب بالليرة التركية بشكل رئيس، إلى جانب الدولار، ويقابل كل دولار 33 ليرة تركية.

افتقد الشاب الطقوس المعتادة في استقبال الحجاج، خلال تموز الحالي، وذكر لعنب بلدي أن عائلته تسكن في منزل بالإيجار، ويمكن أن يخرجوا منه في أي وقت، لذلك لم يكن من الممكن التزيين بالرسوم الجدارية، واكتفى بتعليق بعض صور الكعبة داخل المنزل والتي يمكن إزالتها في أي وقت.

لفت الشاب إلى أن التكاليف المالية لعبت دورًا في ذلك، فقد باع والده عقارًا كان يملكه على أطراف دمشق حتى يؤمّن تكاليف الحج.

تزيين المنازل بعبارات معينة وبعض الرسوم الجدارية وتزيين الأحياء، من الطقوس التي يحافظ عليها السوريون لاستقبال الحجاج، إلا أن الظروف المعيشية المتردية أدت إلى غياب بعض هذه الطقوس، بينما يحاول بعضهم الاحتفاظ ببعض التقاليد للتعبير عن الفرحة بعودة الحجاج سالمين.

بدوره، اكتفى مازن الحمد (33 عامًا) باستقبال والده العائد من الحج بالعراضة التي أقامها أصدقاؤه لحظة دخول والده من معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، ولم يضع زينة في المنزل.

الضيافة مرهقة

اعتادت عائلات الحجاج تقديم الهدايا للضيوف، كالسبحة وأعواد السواك وسجادات الصلاة وقطع “الراحة” وحبات التمر، لكن ارتفاع تكاليف هذه الهدايا دفع بعضهم إلى الاقتصاد فيها.

تبلغ أسعار السبح المصنوعة من البلاستيك أو “البوليستر” التجارية 40 ليرة تركية، ويزداد سعر السبح حسب المواد المصنوعة منها ودقة صنعها، بينما يبدأ سعر أعواد السواك من 20 ليرة.

ويبلغ سعر الكيلوغرام من التمر المتوسط الجودة 50 ليرة تركية، والرطب السعودي 90 ليرة، أما الأنواع الفاخرة فتبدأ من 150 ليرة للكيلو وتصل إلى 450 ليرة.

أما “الراحة” التي تقدم لاستقبال الحجاج فيبدأ سعر الكيلوغرام منها 430 ليرة تركية، ويزيد سعرها حسب المواصفات لتباع بالقطعة الواحدة التي قد يزيد سعرها على 15 ليرة.

بعد حساب بسيط، قال عبد الحميد لعنب بلدي، إن تكلفة ضيافة استقبال ضيوف الحجاج تزيد على6500  ليرة تركية (200 دولار)، لافتًا إلى أنه اكتفى بتقديم عود من السواك وبعض حبات التمر إلى جانب تقديم ماء زمزم للزوار.

واكتفى مازن الحمد بتقديم أعواد السواك للزوار، واستعاض عن السبحة التقليدية بالعداد الإلكتروني ذي السعر الأقل الذي يصل إلى 10 ليرات تركية كهدايا، أما الضيافة فقدم نوعًا متواضعًا من “الراحة” والتمر إلى جانب ماء زمزم.

وتعد الطقوس المبهجة لاستقبال الحجاج من المسائل التي ترتبط بتراث السوريين والتي يحاولون المحافظة عليها، لكن إحياءها بات مرتبطًا بالقدرة المادية، كما أن بعضها يلقى انتقادًا في ظل الظروف المعيشية المتردية.

عبد الله العيسى (60 عامًا) من إدلب، يأمل بأداء فريضة الحج العام المقبل، قال لعنب بلدي، إن الطقوس لم تعد كما السابق، فالتكاليف مرهقة جدًا، وبات الأشخاص يزورون الحجاج اليوم لتهنئتهم، وسؤالهم عن مناسك الحج، ولم يعد أحد يعتب على الضيافة والهدايا.

وخلال الأسبوعين الماضيين، بدأت دفعات الحجاج السوريين بالعودة إلى سوريا، سواء عبر المعابر الحدودية مع تركيا، أو إلى مناطق سيطرة النظام السوري، الذي يسيّر لأول مرة منذ 12 عامًا رحلات الحج من مناطق سيطرته.

وفي 12 من حزيران الماضي، أعلنت “الهيئة السورية للحج والعمرة” اكتمال وصول جميع الحجاج السوريين عبر مكاتبها إلى المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج لموسم 2024، وقالت إن عدد الحجاج الواصلين عبر مكاتبها في الشمال السوري وتركيا وقطر وأربيل بلغ 5216 حاجًا.

وتسيّر “الهيئة السورية”، وهي من مؤسسات المعارضة، أفواج الحج لهذا العام من الشمال السوري وتركيا وأربيل وقطر، وتتراوح حصتها بين 5000 و5500 حاج.

كما يسيّر النظام، لأول مرة منذ 12 عامًا، رحلات الحج من مناطق سيطرته بعد تحديد حصة وزارة الأوقاف التابعة لحكومته بـ17500 حاج، جرى قبولهم من أكثر من 50 ألف طلب.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة