كشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في تقرير لها عن مدى تأثير العقوبات المفروضة على النظام على السكان في سوريا.
واعتمد التقرير الصادر اليوم، الجمعة 12 من تموز، والذي حمل عنوان “الديناميكيات والآثار غير المتعمدة للتدابير القسرية الانفرادية في سوريا” بتحليله التداعيات الناتجة عن العقوبات المفروضة على النظام السوري “نهجًا قائمًا على الأدلة يرتكز على مزيج من الأساليب الكمية والنوعية”، بحسب “الإسكوا”.
ويقصد بالتداعيات غير المتعمدة ( غير المقصودة) للعقوبات، بأنها الآثار التي لم ترد ضمن أهداف الإجراءات واعتُمدت قانونًا.
وقالت رئيسة مشروع “الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا” في “الإسكوا”، دينا ملحم، إن التقرير يقدم نظرة تفصيلية حول تأثير هذه التدابير على حياة السوريين العاديين، وما يقع على مقدمي المساعدات الإنسانية من عواقب غير متعمدة ناجمة عن العقوبات، ولا سيما وصولهم إلى القطاعات الأساسية مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والأمن الغذائي، والمياه والصرف الصحي والصحة، والزراعة، والمساعدات الإنسانية”.
ما نتائج التقرير
خلص التقرير إلى أن 8% من السوريين الذين شملهم استطلاع أجرته “الإسكوا” قالوا إن سبل العيش لم تتأثر جراء العقوبات، بينما قال 92% منهم إن سبل العيش تأثرت.
وشمل استطلاع “الإسكوا” 1142 شخصًا في سوريا، امتنع 45 منهم عن الإجابة.
وكشفت نتائج الاستطلاع أن 66% من المشاركين فيه أعربوا عن عدم تأييدهم للعقوبات، بسبب آثارها المعاكسة على حياتهم اليومية.
كما أقر من أيّد العقوبات بآثارها السلبية على سبل عيشهم، بحسب ما جاء في تقرير “الإسكوا”.
وتحدث من شملهم الاستطلاع عن التدابير التي تخطئ أهدافها غالبًا وإمكانية التحايل على العقوبات.
ودعا التقرير إلى عدة نقاط منها:
- بذل الجهود للحد من “الامتثال المفرط” والآثار الكبيرة المرتبطة بهذه التدابير.
- الحوار المستمر مع أصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك المنظمات الإنسانية، لمعالجة التداعيات غير المتعمدة للعقوبات.
- إنشاء آليات مراقبة لرصد فعالية العقوبات واقتراح التحسينات.
- توفير ضوابط ومعلومات واضحة عن التجارة المسموح بها وإجراءات العمليات الإنسانية السلسة.
- ضمان الوصول إلى المساعدة أو الخدمات القانونية للتعامل مع أنظمة العقوبات المتعددة.
تأثير محدود على النظام
العقوبات الأمريكية على النظام السوري أو فصائل عسكرية عاملة على الأرض جاءت بسبب انتهاكات ارتكبتها هذه الأطراف.
العقوبات على النظام هي الأكبر والأوسع، أبرزها قانون “قيصر” (16 من حزيران 2020)، وقانون “مكافحة المخدرات” (23 من كانون الأول 2022).
لكن العقوبات استطاع النظام الالتفاف عليها، وحاول التلاعب بآثارها على السكان، ليضغط على المجتمع الدولي، في محاولة منه لإلغائها.
وقال الخبير والاستشاري في مجال تحليل البيانات والجرائم المالية وائل العلواني في حديث سابق لعنب بلدي، إنه عند الحديث عن أثر العقوبات على النظام السوري، فنحن هنا نتحدث عن نظام مدرَج منذ زمن على قوائم العقوبات، وضالع بدعم الإرهاب، لذا فهو يملك من الآليات التي صممها لتفادي هذه العقوبات طوال تلك السنوات، ما يجعل من أثرها محدودًا فعلًا.
وأضاف العلواني أن الآليات التي يتبعها النظام وأصحاب النفوذ والسلطة، تستخدم الثغرات الموجودة في الأدوات المشروعة بالقانون المالي الدولي لتخدم مصالحها، كالشركات الوهمية، والقشرية، والجوفاء، وشركات الواجهة، والشركات التي تتعاون مع محامين ومحاسبين قانونيين مخادعين قادرين على تزوير الكثير من الأوراق الرسمية.
والعقوبات التي تُفرض على القطاعات، بحسب العلواني، هي الأبرز تأثيرًا على حياة المدنيين السوريين المقيمين في داخل سوريا، أو حتى خارجها.
وقسّم العلواني أنواع العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام السوري ومؤسساته ورجال الأعمال المحسوبين عليه إلى ثلاثة أنواع، هي:
- العقوبات المفروضة على القطاعات.
- عقوبات القوائم (التي تستهدف أشخاصًا معيّنين، إذ تُجمّد أرصدتهم، ويُمنعون من السفر، وما إلى ذلك).
- العقوبات الثانوية (التي تستهدف أشخاصًا وكيانات بموجب قانون “قيصر”).