درعا.. ما علاقة “تحرير الشام” باقتتال الفصائل في جاسم
مع اندلاع المواجهات المسلحة بين فصائل محلية في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، إثر اغتيال القيادي “أبو عاصم الحلقي” في الأسبوع الأول من تموز الحالي، تبادلت الأطراف الاتهامات، تارة بالتبعية لـ”تحرير الشام” أو تنظيم “الدولة الإسلامية”، وتارة أخرى بالعمالة للنظام السوري.
وتواصلت عنب بلدي مع أربعة قادة عسكريين لمجموعات محلية في درعا، اثنان منهما من الأطراف المقتتلة، للحديث عن أسباب الاقتتال، وفشل مساعي الحل.
واستمرت المواجهات بين فصيل يعرف بكونه ينتمي لعائلة “الحلقي” على خلفية اغتيال قيادي فيه اسمه “أبو عاصم الحلقي”، وفصيل أخر يشكل آل الجلم غالبية مقاتليه، ويقوده وائل الجلم الملقب بـ”الغبيني”، المتهم الرئيس باغتيال “أبو عاصم”.
وتبادلت الأطراف المتنازعة الاتهامات بالانتماء لتنظيم “الدولة الإسلامية” و”هيئة تحرير الشام”، والنظام، إذ اتهم قيادي يتبع لمجموعة الحلقي، في حديث لعنب بلدي، مجموعة “الغبيني” بإيواء عناصر من “تحرير الشام”، كما أن قائدها على علاقة مع قيادات في تنظيم “الدولة”، بحسب قوله.
ويعتبر قياديون من مجموعة “الحلقي” أن “الغبيني” يشكل ملاذًا آمنًا لمجموعات “تحرير الشام” والتنظيم، في الحي الجنوبي من مدينة جاسم.
وقدر القيادي الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية أن عدد عناصر “الهيئة” في المدينة بـ30 عنصرًا.
قيادي ثانٍ في مجموعات “الغبيني” قال لعنب بلدي إنه لا وجود لعناصر من “تحرير الشام” في القطاع الجنوبي من مدينة جاسم، حيث يتمركز فصيله، واتهم القطاع الغربي بإيواء عناصر من تنظيم “الدولة”.
وتنتشر في أرياف محافظة درعا مجموعات تتبع لـ”هيئة تحرير الشام”، وفق ما قاله قيادي ثالث يتمركز مع فصيل عسكري في ريف درعا الغربي لعنب بلدي.
القيادي، الذي تحفظ على ذكر اسمه لمخاوف أمنية، أضاف أن عناصر “الهيئة” يتمركزون على شكل مجموعات صغيرة في ريف درعا الشمالي وفي محافظة القنيطرة، وهم على صلة بفصيلهم الأم الذي يسيطر على أجزاء من شمال غربي سوريا، ويحصلون على دعم مالي وتوجيهات أمنية منه.
وأضاف القيادي أن “هيئة تحرير الشام” تغذي الانقسامات العشائرية لتكوين ملاذ آمن لها وتحتمي بسطوة بعض عشائر في المنطقة، لكنه لم يشر إلى إيواء جهة معينة لعناصر “الهيئة” في المنطقة.
وتواصلت عنب بلدي مع “تحرير الشام” مرارًا للاستفسار عن المعلومات التي تتحدث عن انتشار عناصرها جنوبي سوريا، لكنها لم تحصل على رد حول الأمر حتى لحظة تحرير هذا التقرير.
وساطات تبوء بالفشل
رغم مرور خمسة أيام على اندلاع المواجهات في مدينة جاسم، فشلت جميع مساعي الوجهاء في الوصول لتهدئة بين الطرفين، أحدثها كان عبر وفد من وجهاء مدينة إنخل قد أمس الأربعاء لجاسم، لكنه عجز تقريب وجهات النظر بعد تنعت طرفي الخلاف في قبول الحلول المطروحة.
قيادي آخر لمجموعة محلية محايدة في مدينة جاسم قال، لعنب بلدي، إن لدى كلا الطرفين مطالب يعتبرها الآخر صعبة التحقيق، إذ يصر فصيل “الحلقي” على تسليم منفذي عملية الاغتيال لطرف ثالث محايد، وخروج عناصر “تحرير الشام” من المنطقة.
في حين يعتبر الطرف الآخر أن عملية الاغتيال هي “سداد لثأر قديم”، إذ يتهم “أبو عاصم الحلقي” بالوقوف وراء مقتل شخص خلال محاولة اغتيال طالت “الغبيني” سابقًا.
وتستمر الاشتباكات المسلحة في مدينة جاسم بين المجموعتين المحليتين، متسببة بحركة نزوح للمدنيين من المنطقة، لليوم الخامس على التوالي.
المواجهات العسكرية بين المجموعتين اندلعت الأحد الماضي، بعد أن أنذر آل “الحلقي” السكان المدنيين في الحي الجنوبي للمدينة بضرورة إخلاء منازلهم، وأخلت مسؤوليتها عن الأضرار في حال الهجوم على الحي الذي تسكنه عائلات معظمها من عشيرة “الجلم” التي ينتمي لها القيادي وائل الغبيني.
تحولات ما بعد السيطرة
تمكنت الفصائل المحلية في عموم مدينة جاسم من السيطرة على مفاصل المدينة في تشرين الأول 2022، من قبضة تنظيم “الدولة” الذي انتشر فيها على مدار سنوات، بشكل غير معلن، وكان بصدد إعلان “خلافة إسلامية” جديدة فيها.
المعركة التي تدخلت فيها بشكل مباشر “اللجان المركزية” و”اللواء الثامن” وأدت لمقتل ما يقارب 45 عنصرًا للتنظيم بينهم 15 قيادي ومن ضمنهم “أبو عبد الرحمن العراقي” الذي أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مقتله في درعا على يد “الجيش الحر” وهو زعيم التنظيم.
وتابعت الفصائل عقب هذه المعركة ملاحقة خلايا التنظيم في المزارع المحيطة بالمدينة ومتابعة انتشارها في عموم المنطقة.
وفتحت اعترافات القيادي في تنظيم “الدولة” رامي الصلخدي في تشرين الأول 2022، الباب أمام تساؤلات عن تعاون بين النظام وخلايا التنظيم، وكيف تمددت خلايا التنظيم في المنطقة، إلى درجة قيل إنها كانت تتحضر لإعلان “إمارة”.
وبعد أسر الصلخدي على أيدي فصائل محلية بجاسم، في إطار حملة عسكرية استهدفت خلايا التنظيم، ظهر في تسجيل مصوّر نشره “تجمع أحرار حوران” المحلي، متحدثًا عن اجتماع جرى بينه وبين قائد “الأمن العسكري” في درعا، العميد لؤي العلي، لتنسيق استهداف أفراد من جاسم دون تحديد هويتهم.
وبحسب التسجيل، زوّد “الأمن العسكري” الصلخدي بأسلحة فردية لتسهيل عمليات استهداف أبناء المدينة.
النظام متفرج
لم يبدِ النظام السوري أي تدخل في الأحداث الأخيرة، وهو الذي حاصر المدينة مرات عديدة كان أحدثها كان في كانون الأول عندما قطعت قواته الطرق الرئيسية المؤدية لها ومنعت دخول المواد الغذائية وعززت من وجودها في محيط المدينة بحجة وجود “غرباء”.
وسبق أيضًا أن حاصر النظام المدينة في أيلول 2023، واستقدم تعزيزات إضافية لمحيطها.
وفي تشرين الأول 2022، نفذت قوات النظام حصارًا مطبقًا على المدينة إلا أن مقاتلي المدينة قطعوا ذريعة تدخل النظام عبر مهاجمتهم لخلايا تنظيم “الدولة” رافضين التنسيق أو تدخل النظام في المعركة.
وحاول النظام سابقًا استغلال التحركات الأمنية للفصائل المحلية ضد خلايا تنظيم “الدولة”، إذ قال إنه من قتل قائد التنظيم في الجنوب بمحافظة درعا عام 2022، لكن الفصائل المحلية نفت.
وسبق أن أعلن عن قتل واعتقال خلايا آخرين من التنظيم، لكن اتضح لاحقًا أن الفصائل المحلية هي من نفذت العمليات.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :