بتقنيات حديثة وبالاعتماد على الطاقة الشمسية
محطة مياه تخفف أعباء الصهاريج على قاطني كفريا والفوعة بإدلب
تنفس سكان بلدتي كفريا والفوعة شمالي إدلب الصعداء بعد تشغيل محطة حديثة لمياه الشرب، بدأت بضخ المياه إلى جانب محطة موجودة سابقًا، كانت لا تكفي لـ10% من احتياجات المنطقة.
حاليًا، تصل المياه مجانًا للسكان مرة كل أسبوع لمدة 12 ساعة، بعد أن كانت تصل مرة كل 13 يومًا، ولمدة ساعتين فقط، ما خفف الاعتماد على الصهاريج التي كانت ترهق الأهالي ماليًا، إذ يصل سعر المتر المكعب من المياه إلى 70 ليرة تركية، ويكفي للاستخدام المنزلي نحو خمسة أيام لأسرة مكونة من أربعة أشخاص.
محمد السعدو (38 عامًا) مهجر يقيم في بلدة الفوعة، قال إن تشغيل المحطة خفف العبء المالي على السكان، وجاء بعد الشكاوى للعديد من المنظمات الإنسانية والجهات المسؤولة لحل مشكلة نقص المياه.
واعتبر حامد عثمان (41 عامًا) المقيم في الفوعة أن المشروع الجديد حل أزمة كبيرة أرّقت السكان، لكن بعض العائلات تضطر لشراء صهاريج المياه في فترات المناسبات لصغر حجم الخزانات في المنازل، آملًا أن يصبح ضخ المياه مرتين في الأسبوع لحل المشكلة بشكل نهائي.
تقنيات حديثة لضخ المياه
تعد تقنية “سمارت” التي تم تنفيذها من قبل شركة “الرصافة” الهندسية بدعم من منظمة “ريليف إنترناشيونال” في بلدة الفوعة من أحدث تقنيات ضخ المياه وفق أنظمة مؤتمتة بنسبة 100%، وتعمل بالطاقة الشمسة من إنتاج شركة “لورنتز” (LORENTZ) المتخصصة في إنتاج مضخات المياه.
يتألف المشروع من مضختين تضخان المياه من البئر باتجاه البيارة (وهي منطقة على أطراف الفوعة) بشكل عمودي، ثم يتم ضخ المياه من البيارة بشكل أفقي باتجاه خزان عالٍ في المحطة الشرقية بمضخة باستطاعة 100 حصان، وتنزل المياه من الخزان باتجاه المستفيدين بالإسالة، ويعمل كامل المشروع بالطاقة الشمسية.
المهندس هاني شارودي من شركة “الرصافة”، ذكر أن المشروع يضخ يوميًا 1000 متر مكعب من الماء، ووفر من استخدام الديزل بنسبة 81.5% مقارنة بالمشاريع المنفذة سابقًا والتي تعمل بالمولدات، لافتًا إلى أن 18.5% من الديزل التي يستهلكها مشروع “سمارت” هي للتشغيل في أيام الشتاء حيث تكون الطاقة الشمسية ضعيفة وغير كافية لتشغيل المشروع.
وأوضح شارودي لعنب بلدي أن المشروع يعمل بواسطة مصفوفة ألواح طاقة شمسية تنتج 198 كيلوواطًا من الكهرباء يوميًا، ومؤلفة من 340 لوحًا تم توزيعها على ثلاثة أقسام.
ما يميز نظام “سمارت” عن أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية الأخرى هي قابلية النظام للأتمتة بشكل كامل، بما يخفف من الأيدي العاملة وتلافي بعض الأخطاء البشرية التي تقع خلال التشغيل، وهو ما يحقق تشغيلًا مستدامًا للمضخات، كما يضمن نظام “سمارت” ألية غسل الألواح بالأمطار الاصطناعية، وفق المهندس.
وعن نظام غسيل الألواح بالإمطار، قال المهندس إنه من أحدث الأنظمة، ولأول مرة يتم تركيبه في سوريا، والنظام عبارة عن جهاز خاص يرش قطرات ماء بقطر 5 ملم مشابهة للأمطار الطبيعية لغسل الألواح، مشيرًا إلى أن أهمية هذا النظام ترتبط بأهمية عملية الغسل لأن تراكم الغبار على الألواح يؤدي لتراجع كفاءتها بنسبة 35%.
ولفت المهندس إلى أن نظام الغسل مؤتمت، لكن عدم وجود معيار حقيقي لقياس شدة الغبار في المنطقة جعل الشركة تدرب المشغلين على تشغيل التقنية لمدة 15 دقيقة كحد أقصى يوميًا بعد أوقات الظهيرة حتى لا تتسبب عملية الغسل بأي أعطال.
ومنذ عام 2018، يقطن في الفوعة وكفريا مهجّرون من دمشق وريفها وحماة ودرعا وريف إدلب الجنوبي وحمص، وتتقاسم الفصائل العسكرية العاملة في المنطقة السيطرة على البلدتين المتجاورتين، بموجب قطاعات تتبع لكل فصيل.
دورة للتعريف بالمشروع
أجرت شركة “الرصافة” تدريبًا لـ90 مهندسًا عاملين في ورشات بمنظمات إنسانية، حول المشروع الذي نفذته الشركة في محطة “الفوعة” الغربية لمياه الشرب.
المهندس شاوردي قال إن شركة “الرصافة” أبرمت عدة عقودًا استشارية مع المنظمات الدولية، وأجرت تدريبًا بالتعاون مع “وكالة حماية البيئة” لتدريب المهندسين على التقنية الحديثة التي نفذتها الشركة في محطة “الفوعة”.
وذكر أن التدريب استمر ثلاثة أيام، وشرح خطوات تنفيذ المشروع والتقنية المستخدمة، والفروق عن المشاريع المنفذة سابقًا لمدة يومين، وفي اليوم الثالث أجريت زيارات ميدانية للمهندسين لمعاينة المشروع على أرض الواقع.
وأوضح المهندس أن الهدف من الورشة التدريبية هو التعاون مع المهندسين الذين قاموا بتنفيذ مشاريع ضخ مياه سابقة مع المنظمات الإنسانية، لتصحيح بعض المفاهيم خصوصًا المتعلقة بتقنية “سمارت” وتلافي بعض الأخطاء
المهندس أحمد النعسان مدير قسم الورش في منظمة “ريليف إنترناشيول” داخل سوريا وأحد المهندسين الحاضرين للدورة، قال لعنب بلدي، إن المشروع كان تطويرًا لما يتم تنفيذه في الداخل السوري من محطات طاقة شمسية خاصة بتشغيل محطات المياه.
وذكر أن الورشة التدريبية للمشروع طرحت أنظمة جديدة تفيد بتأمين مياه الشرب بشكل أفضل، وفتحت آفاقًا من خلال المعدات الجديدة في هذا المجال، لكنها كانت مختصرة وقصيرة للغاية، وبعض النقاط المهمة لم تأخذ وقتها للدراسة والتحليل.
وأضاف المهندس أحمد أن ما تم تنفيذه في محطة “الفوعة” أسلوب حديث متكامل، إلا أنه غير متوفر في الأسواق بسبب حداثته، لافتًا إلى أن المهندسين يدرسون الأسواق لتصميم نماذج مشاريع وفق المعدات المتوفرة، مشيرًا إلى قيامه بنقل ما تعرف عليه إلى زملائه في المنظمة التي يعمل بها.
ولفت المهندس أحمد إلى ضرورة تبادل الخبرات على شكل ورشات عمل وتدريبات بين المهندسين المنفذين للمشاريع المتشابهة، مشيرًا إلى أن بعض الأفكار بحاجة إلى وقت أطول للنقاش، والتركيز بشكل أكبر على بعض النقاط كالتصاميم والمواد المستخدمة لتطوير المشاريع بشكل دائم وتلافي المشكلات.
وتتجه المنظمات الإنسانية وأصحاب الآبار الخاصة للاعتماد على الطاقة الشمسية لسحب المياه وضخها من البئر باتجاه خزانات المياه، في إطار إيجاد حلول مستدامة، وسط تراجع الدعم وتوقف العديد من المشاريع، وتقليل الاعتماد على مضخات الديزل وتشغيلها في المساء فقط وفي بعض أيام الشتاء، والتي يقل فيها إنتاج الطاقة من الألواح الشمسية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :