درعا – حليم محمد
تراجعت رياضة بناء الأجسام (كمال الأجسام) في أرياف محافظة درعا جنوبي سوريا عن سلم الرياضات التي يفضلها أبناء المحافظة خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى إغلاق النوادي الرياضية إثر أضرار لحقت بمالكيها.
وبحسب مدربين في المنطقة، تراجع الإقبال عما كان عليه قبل عام 2018، إذ كانت النوادي تنتشر بكثافة في المنطقة قبل أن يسيطر النظام عليها في تموز من العام نفسه.
وتعود أسباب هذا التراجع لهجرة الشباب، والفوضى الأمنية المتمثلة بعمليات الخطف والاغتيال والسرقة، والبطالة، وضعف القدرة الشرائية للسكان، وفق مدربين محليين.
أسباب للعزوف
سامر (40 عامًا) يمتلك ناديًا لرياضة “كمال الأجسام” في ريف درعا الشرقي، قال لعنب بلدي، إن ضعف الإقبال مرتبط باعتبار أن الرياضة باتت من الكماليات والأمور الثانوية والترفيهية بالنسبة لشباب المنطقة.
وتراجع الإقبال على رياضة بناء الأجسام، بعد ارتفاع الأسعار وتدني الدخل، في ظل البطالة المنتشرة بالمحافظة.
ولاحظ سامر تراجع التسجيل في ناديه بشكل تدريجي خلال السنوات التي تلت سيطرة النظام على المحافظة، علمًا أن نسب التسجيل تتفاوت بين فصلي الشتاء والصيف، إذ تتحسن قليلًا في فصل الصيف، وفق المدرب سامر.
وأضاف أن المنطقة باتت تفتقد لعنصر الشباب بعد موجات الهجرة التي شهدتها محافظة درعا، إذ هاجر العديد من زبائنه إلى خارج سوريا.
ويتقاضى سامر أجورًا شهرية تصل إلى خمسة دولارات من كل مشترك، ويدفع معظم مدخوله كتكاليف تشغيلية للصالة الرياضية التي يملكها بما في ذلك مولدات الكهرباء.
ويصل سعر ليتر المازوت (الديزل) الواحد إلى 18 ألف ليرة سورية (نحو 1.2 دولار أمريكي).
ويتكلّف سامر أيضًا مبالغ إضافية في صيانة المعدات الرياضية بشكل دوري، إذ لا يمكنه المجازفة بتعطل أحدها، خصوصًا أن ثمنها باهظ، وفق قوله.
دوافع نفسية واجتماعية
ألغى محمد المفعلاني، وهو من سكان بلدة ناحتة بريف درعا الشرقي، اشتراكه بالنادي الرياضي في حزيران 2018، معتبرًا أن الاستمرار صار متعبًا بالنسبة له، خصوصًا أنه لا يوجد نادٍ رياضي في بلدته، فكان يضطر للجوء إلى نادٍ في قرية مجاورة.
وقال لعنب بلدي، إنه بعد المخاوف الأمنية التي طغت على المشهد في درعا بعد تبدل السيطرة لمصلحة قوات النظام، لم يعد يهتم بممارسة الرياضة التي لطالما أحبها منذ طفولته، وفق تعبيره.
وأضاف، “لم يعد لدي هدف، وماتت الرغبة في بناء جسم مثالي”.
ووفق الشاب، تعتبر المداومة على ارتياد النادي خطرة أمنيًا، مع احتمال تعرضه للخطف أو الاغتيال خلال تردده المتكرر للصالة.
وتشهد محافظة درعا حالة من الفوضى الأمنية المتمثلة بعمليات القتل والخطف، وتوثق المكاتب الحقوقية عشرات حالات الاغتيال شهريًا في المحافظة الجنوبية.
محمد قال أيضًا، إن المنطقة باتت تفتقد لجيل الشباب بعد هجرة “أعداد كبيرة” منهم، وإن هذه الفئة هي المشغل الرئيس لنوادي الرياضة.
تكلفة مالية
تناقصت أعداد النوادي في محافظة درعا، فبعدما كانت كل مدينة مثل داعل وطفس والحراك تضم ما لا يقل عن أربعة نوادٍ قبل تموز 2018، تراجع العدد إلى نادٍ واحد، في حين لا تتوفر نوادٍ في معظم القرى والبلدات الصغيرة.
وقال عمر (25 عامًا)، وهو من سكان بلدة تل شهاب في ريف درعا الغربي، إن امتناعه عن ارتياد أي نادٍ سببه عدم وجود واحد على مقربة من مكان سكنه.
وأضاف لعنب بلدي أنه يحتاج إلى ليتر واحد من البنزين ذهابًا وإيابًا على دراجته النارية، في حال قرر التسجيل بنادٍ رياضي في مدينة طفس.
ووصل سعر ليتر البنزين إلى 30 ألف ليرة سورية، أي أنه يحتاج إلى ما يقارب 900 ألف ليرة سورية شهريًا في حال داوم على التدريب يوميًا، وهو ما يعادل عشرة أضعاف رسوم التسجيل في النادي.
وأضاف عمر، وهو طالب جامعي، أن هناك أولويات تدفعه لتجنب ممارسة الرياضة، وهي عمله في الزراعة كعامل مياومة بأجرة لا تتجاوز 30000 ليرة لتأمين مصروف دراسته.
في حين اعتمد عمر على التمارين الرياضية الصباحية في منزله خوفًا من زيادة وزنه.
وقال إن التدريب في النادي أكثر متعة، وهناك آلات تجعل من الرياضي راغبًا بالاستمرار في تأدية رياضة يشرف عليها متخصص، كما يضع له برنامجًا غذائيًا منظمًا بأوقات محددة.
ويحتاج 80% من السكان السوريين في عام 2024 إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وفقًا لإحصائية صدرت في 12 من شباط الماضي عن برنامج الأغذية العالمي (WFP).
ويعاني نحو 55% من السكان في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، منهم 3.1 مليون يعانون بشدة من انعدام الأمن الغذائي.