سوريون يشككون بجدوى التحول للدعم النقدي
لا يثق ذو الفقار (41 عامًا) بقرارات حكومة النظام السوري على الرغم أنه من مؤيدي تحويل الدعم إلى نقدي، وبالنسبة له فإن عدم إفصاح الحكومة عن رقم الدعم النقدي الشهري مؤشر مهم على أن ما ينتظر المواطنين المزيد من الفقر والحاجة.
ذو الفقار موظف عن بعد مع إحدى الشركات السعودية، يقيم في مدينة اللاذقية، قال إنه يدفع شهريًا ثمن خبز ما بين “مدعوم” و”حر” نحو 90 ألف ليرة لعائلته المؤلفة من أربعة أشخاص، فالمخصصات الحالية لا تكفي، وأحيانًا يساعد شقيقه ويشتري له الخبز “الحر”، لأنه يدرك بأن شقيقه الموظف الحكومي لا يستطيع تحمل أعباء دفع ثمن الخبز “غير المدعوم”.
وأضاف ذو الفقار أن البدل النقدي الشهري للدعم في حال إقراره يجب أن يكون اعتبارًا من 800 ألف ليرة، ويرتفع بحسب أعداد أفراد الأسرة ليكون عادلًا بالحد الأدنى، وقال، “أشك بأن تمنح الحكومة مثل هذا الرقم، وبالكاد يمكن أن تمنح بين 100 إلى 200 ألف ليرة وهي مبالغ تافهة تهدف من خلالها إلى إمعان إفقار المواطن وإجباره على دفع فاتورة الفساد والسرقة”.
ونهاية حزيران الماضي، طالبت حكومة النظام السوري من جميع المواطنين من حاملي “البطاقة الذكية” فتح حسابات مصرفية خلال ثلاثة أشهر، وذلك تمهيدًا لتحويل مبالغ الدعم النقدي إليها لاحقًا عند استكمال منظومة الدعم النقدي وجاهزيتها لخدمة الملف بشكل مناسب، دون تحديد الفترة الزمنية التي سيبدأ بها توزيع الدعم النقدي.
بدوره، عمر (38 عامًا) مهندس موظف بالقطاع العام، يتفق مع القرار ويرى فيه إيجابيًا، خصوصًا أن المواطنين يستطيعون الاستفادة من مبلغ الدعم بأمور أخرى حسب نوعية استهلاكهم.
الإيجابية الأخرى للقرار، بحسب عمر، هو أن عدم توفر المواد بكل الأوقات يصعّب على المواطنين الحصول عليها، مثلًا إن لم تتم إتاحة الغاز المنزلي لن يستطيع المواطن الحصول على الأسطوانة، أما بحالة الدعم النقدي فإن المواطن سيحصل على ثمنها بكل الأحوال.
ويشترط عمر ليكون القرار إيجابيًا بالمطلق، أن يكون مبلغ الدعم عادلًا ولا يقل عن 700 ألف ليرة شهريًا، كما أن يصبح متغيرًا بمعنى أن يرتفع بحال ارتفعت الأسعار لا أن يصبح ثابتًا مثل الرواتب بينما ترتفع الأسعار.
يشوب موضوع الدعم النقدي الكثير من علامات الاستفهام، ورغم التساؤلات الكثيرة حول المبلغ الشهري المقترح، فإن الحكومة لم تصدر أي توضيح أو تشارك المواطنين السيناريوهات التي تتم دراستها.
يرى رأفت (60 عامًا) موظف متقاعد، أن رفع الدعم يجب أن تقابله زيادة حقيقية في الراتب، الذي كان حتى ما قبل 2011 قليلًا بذريعة دعم المواد الرئيسة، وبالتالي أي حالة رفع دعم دون رفع الرواتب بطريقة حقيقية ستكون “إخلالًا بالعقد الاجتماعي المتعارف عليه”.
واعتبر رأفت أن الأمر السابق لن يتحقق، وستكون حجج الحكومة جاهزة دائمًا بالعقوبات والحرب، على الرغم من أنه “حتى الطفل الرضيع يدرك أن الفساد وسوء الإدارة هما سبب فقر المواطنين بالدرجة الأولى”، وفق تعبيره.
آراء متباينة
في سياق متصل، تباينت آراء الاقتصاديين حول موضوع تحويل الدعم إلى نقدي، إذ قال الأستاذ في كلية الاقتصاد علي كنعان لإذاعة “شام إف إم” المحلية، في حزيران الماضي، إن دعم السلع يؤدي إلى هدر كبير ونقص في الكميات والفساد، إضافة إلى عدم القدرة على توفير السلع، مرجحًا أن تتراوح قيمة الدعم النقدي الشهري المتوقع بين 50 ألفًا و300 ألف ليرة شهريًا لكل عائلة.
بالمقابل، قال الخبير الاقتصادي عامر شهدا، إن المشروع بشكله الحالي بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة برأس القوة الشرائية لليرة السورية، ووصفه بالمسرحية الهزلية المنفصلة عن الواقع، واعتبر أن نتائج هذا المشروع كارثية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، كما أنه بمثابة ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني.
وطالب شهدا بعرض محضر اجتماع اللجنة الاقتصادية التي ناقشت الموضوع على الشعب، والكشف عن اسم الوزير الذي تقدم بهذا المشروع.
كما طالبت وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي، الحكومة بالشفافية، وطرح سيناريوهات الدعم النقدي المختلفة على الجمهور للنقاش.
ورغم أن الحديث عن تحويل الدعم إلى نقدي في وقت سابق قوبل بتبريرات حكومية مفادها عدم القدرة على القيام بذلك، ألمحت الحكومة مؤخرًا إلى جدية طرحها.
وفي تقرير موسع أعدته عنب بلدي بعد توجه الحكومة الحالي، ناقشت فيه مدى القدرة على تحويل الدعم إلى نقدي وما أهداف ذلك، إلى جانب أثر تطبيق هذا النهج على المواطنين والسلع المدعومة على حد سواء.
اقرأ أيضًا: محاذير اقتصادية من سياسة إحلال الدعم النقدي في سوريا
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :