يضطر عبد الباري الدغيم للتنقل من مكان إلى آخر في ريف حلب بحثًا عن توفر الإنترنت، للوصول إلى موارد تعليمية لإنهاء مشاريع البحث المكلف بها في جامعته.
وقال عبد الباري، لعنب بلدي، إن غياب خدمات الإنترنت يعد “أمرًا مدمرًا للطلاب وسط أيام الامتحانات الثانوية والجامعية”، إذ يتعذر عليهم الوصول إلى الموارد التعليمية عبر الإنترنت لإنجاز أبحاثهم ومشاريعهم الدراسية.
ويضطر الطلاب إلى التنقل بين عدة أماكن للبحث عن شبكات تسمح بالتواصل والبحث لكن دون جدوى، والشبكات المتاحة غالبًا ما تكون شبكات الخطوط التركية، والتي تأتي بشكل متقطع جدًا ولا تلبي الاحتياجات الضرورية بشكل كافٍ.
انقطاع الإنترنت أثر أيضًا على تواصل الطلاب مع عائلاتهم، فالعديد منهم انتقل إلى اعزاز أو مدن ريف حلب التي تضم جامعات.
عقاب جماعي؟
لليوم الخامس يستمر انقطاع الإنترنت عن ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي تل أبيض شمال الحسكة ورأس العين شمال غربي الحسكة، بعد احتجاجات شهدتها هذه المناطق.
وجاءت الاحتجاجات رفضًا للانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في تركيا بالتزامن مع تلميحات التقارب بين أنقرة والنظام السوري، وافتتاح معبر تجاري بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام برعاية روسية- تركية.
وعبر عدد من الأهالي التقتهم عنب بلدي عن استيائهم من مسألة انقطاع الإنترنت، مشيرين إلى عدم قدرة السلطات المحلية على حل الأزمات بشكل فعال، معتبرين ذلك “عقابًا جماعيًا يفرض عليهم”.
أنس جلوي من سكان اعزاز قال لعنب بلدي، إن انقطاع الإنترنت شكل عائقًا كبيرًا أمام أعمال الأهالي ومواعيدهم اليومية، فهم يعتمدون على الإنترنت لتنظيم حياتهم اليومية والمهنية.
وأضاف أنس أن الوضع الراهن يتجاوز مجرد قضية فنية في الشبكة، بل “تعبير عن سياسة العقاب المفروضة على سكان الشمال السوري، من قبل الحكومة التركية، ومحاولة للضغط عليهم”، بحسب تعبيره.
ما الأسباب
أكد عدد من مزودي خدمات الإنترنت، التقتهم عنب بلدي، أن الانقطاع يعود إلى عدة أسباب منها تراكمي، لكن أبرزها انقطاع الكبل الرئيسي (الضوئي) من الجانب التركي.
شادي حايك، صاحب شبكة إنترنت في مدينة اعزاز، أوضح لعنب بلدي، أن أصحاب الشبكات أنهوا جميع التجهيزات والإصلاحات اللازمة من الجانب السوري، لكن لا تزال هناك بعض المشاكل بالكبل الرئيسي من الطرف التركي.
ويحاول أصحاب الشبكات التنسيق مع الجانب التركي من خلال المسؤولين عن معبر باب السلامة الحدودي، لدخول كادر الصيانة وإجراء عملية الإصلاح.
إلا أن هناك تأخيرًا في الاستجابة من المصدر الرئيس (الجانب التركي)، فهو المزود الرئيسي للإنترنت في المنطقة.
وأشار صاحب شبكة إنترنت (فضل عدم ذكر اسمه)، في حديثه لعنب بلدي، إلى أن عدم الاستجابة من مسؤولين في الجانب التركي ناتج عن حالة غضب من تخريب وإشعال بعض المحتجين النار ما تسبب في تلف للكابلات الضوئية.
كما توجد مطالبة من مسؤولين في الجانب التركي بإصلاح الأضرار من قبل الأشخاص الذين تسببوا بذلك، من باب الترويج لمفهوم المسؤولية الفردية في إصلاح الأضرار التي تسبب بها.
عودة ضعيفة في عفرين
عادت خدمة الإنترنت في مدينة عفرين شمال غربي حلب بعد خمسة أيام من انقطاعها، لكن بشكل غير منتظم وفي شبكات محددة فقط، دون تغطية شاملة للمنطقة.
والخدمة متاحة حاليًا بشكل محدود جدًا عبر شبكات تزودها شركة “وطن”، باستخدام خط احتياطي عبر شبكة “Telecom” واصل من مدينة الريحانية بولاية هاتاي التركية، بحسب حمزة مصطفى، وهو مشرف على شبكة إنترنت في عفرين.
وقال حمزة، لعنب بلدي، إن خدمة الخط الرئيسي الذي يعتمد عليه الشمال السوري بشكل كامل، يعد أفضل بكثير مقارنة بالخط الحالي، الذي يعمل بشكل متقطع ويعاني من ضغط كبير، وتقطيع متكرر، ما أدى لضعف في جودة الخدمة.
وتعتمد شركات الإنترنت في شمالي غربي سوريا (ريف حلب وإدلب)، على مزودي خدمة من الشركات التركية، بشكل كامل، منذ قطع النظام السوري خدمات الاتصالات والإنترنت عن المنطقة بعد خروجه منها.
وتشهد أرياف حلب هدوءًا نسبيًا وحذر، بعد خمسة أيام من التصعيد والاحتجاجات التي شهدتها مدن وبلدات الشمالي السوري.
ومازالت المؤسسات العامة متوقفة عن تقديم معظم خدماتها، باستثناء الخدمات الأساسية كالخبز والنظافة والكهرباء والصحة.
كما أثرت الأحداث أيضًا على عمل المعابر الواصلة بين مناطق سيطرة المعارضة السورية وتركيا.