ملفات أججت الشارع في الشمال السوري ضد تركيا

احتجاجات لمتظاهرين في رأس العين إثر اعتداءات طالت لاجئين سوريين وممتلكاتهم في تركيا - 1 من تموز 2024 (مصادر محلية لعنب بلدي)

camera iconاحتجاجات لمتظاهرين في رأس العين إثر اعتداءات طالت لاجئين سوريين وممتلكاتهم في تركيا - 1 من تموز 2024 (مصادر محلية لعنب بلدي)

tag icon ع ع ع

تصدرت مقاطع مصورة نشرها ناشطون من شمال غربي سوريا لاحتجاجات ضد تركيا المشهد في المنطقة، خاصة أنها تخضع لدعم وتواجد نقاط عسكرية تركية. 

حالة الغضب الشعبي في المنطقة ليست وليدة اليوم أو التطورات الأخيرة في الموقف السياسي التركي من الملف السوري. 

بل تعكس حالة من غضب الأهالي للأهالي المتصاعد من طريقة إدارة تركيا أو تعاملها مع عدد من الملفات التي تمسهم بشكل مباشر وعلى جميع الأصعدة. 

تستعرض عن بلدي في هذا التقرير ملفات كان لها دور سلبي في التأييد والقبول الشعبي لتركيا من قبل السكان في مناطق سيطرة المعارضة، وأدت إلى خروج احتجاجات استنكرت الموقف أو التحرك التركي. 

تحول في الموقف السياسي 

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان في موسكو لحضور الاجتماع الوزاري مع روسيا والنظام السوري- 28 من كانون الأول 2022 (وزارة الدفاع التركية)

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان في موسكو لحضور الاجتماع الوزاري مع روسيا والنظام السوري- 28 من كانون الأول 2022 (وزارة الدفاع التركية)

أواخر العام 2022، أحدث نشر صور وزير الدفاع التركي السابق خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات التركية السابق هاكان فيدان (حالياً وزير الخارجية)، من العاصمة الروسية موسكو صدمة في الأوساط الشعبية للمعارضة السورية.

فتركيا تعتبر أبرز حلفاء المعارضة السورية، وداعم رئيسي لـ”الجيش الوطني السوري”، إضافة إلى أنها تشرف على إدارة عدد من المدن بشكل غير مباشر، عبر ارتباط هذه المدن بإدارة الولايات التركية الجنوبية المحاذية للحدود السورية. 

كما يعول السكان على الحليف التركي، استناداً إلى موقف حكومة أردوغان وتصريحاته منذ شهور الثورة السورية الأولى المؤيدة للمطالب الشعبية. 

تبع اجتماع موسكو محاولات روسية لاستكمال التقارب بين أنقرة ودمشق، وهو ما لم تفلح به، وبقي المسار شبه معطل دون أي تطورات ملموسة باستثناء الاجتماعات الأمنية. 

الرئيس التركي أحيا ما كانت تسعى إليه موسكو بعد تصريحاته الأخيرة، بعزمه تطوير العلاقات مع النظام السوري، “بنفس الطريقة التي عملنا بها في الماضي”، بحسب تعبيره. 

وقال أردوغان، الجمعة 28 من حزيران الماضي، إنه “من المستحيل تمامًا أن نقول إن ذلك لن يحدث غدًا، بل سيحدث مرة أخرى”، مؤكدًا في الوقت نفسه، عدم وجود اهتمام أو هدف للتدخل في شؤون سوريا الداخلية.   

تصريحات وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان في 24 من حزيران الماضي، كان لها وقعها أيضاً على الشارع السوري. 

إذ يرى فيدان أن على النظام السوري أن يستغل “بشكل كاف” استخدام “فترة الصمت” بحكمة، كفرصة لحل المشكلات الدستورية وتحقيق السلام مع الخصوم، وإعادة ملايين السوريين إلى بلادهم، وإعادة بناء البلاد وتنشيط الاقتصاد. 

وأضاف فيدان، “نعتقد أن سوريا، إذا اندمجت حكومتها ومعارضتها، ستكون لاعبًا مهمًا في الحرب ضد إرهاب حزب العمال الكردستاني”. 

وجاءت التصريحات التركية الأخيرة تزامناً مع الحديث عن مبادرة صينية- عراقية، لإحلال تقارب بين أنقرة ودمشق. 

وبعد سلسلة التصريحات الأخيرة، وجه أردوغان رسائل للنظام والمعارضة في تصريحاته، أمس الثلاثاء، بقوله إن هناك فائدة كبيرة في فتح القبضات المشدودة في السياسة الخارجية، وكذلك الداخلية، “ولن نمتنع عن الاجتماع مع أي كان، كما كان الحال في الماضي”.

وأضاف أردوغان: “عند القيام بذلك، سنأخذ مصالح تركيا في الاعتبار في المقام الأول، لكننا لن نسمح لأي شخص يثق بنا، أو يلجأ إلينا، أو يعمل معنا، أن يكون ضحية في هذه العملية، تركيا ليست ولن تكون دولة تتخلى عن أصدقائها” (في إشارة إلى المعارضة السورية).

فتح معبر تجاري مع النظام

معبر "أبو الزندين" الواصل مع مناطق سيطرة "الجيش الوطني" والنظام السوري بريف حلب الشرقي- 18 من آذار 2019 (عنب بلدي)

معبر “أبو الزندين” الواصل مع مناطق سيطرة “الجيش الوطني” والنظام السوري بريف حلب الشرقي- 18 من آذار 2019 (عنب بلدي)

تزامنت التصريحات التركية مع فتح معبر تجاري بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة، وهو ما خلف استياء شعبياً متسارعاً. 

في 28 من حزيران الماضي، أعلن المجلس المحلي لمدينة الباب افتتاح معبر أبو الزندين “تجريبياً لمدة 48 ساعة تجريبيًا، بهدف اعتماده “كمعبر تجاري رسمي”. 

وطلب المجلس من أهالي الباب وفعالياتها التعاون مع الجهات المختصة لتسهيل فتح المعبر وتنشيط الحركة التجارية في المدينة، معتبرًا أن الخطوة “ستعود بالنفع على الجميع”. 

ودخلت في اليوم التالي شاحنات تجارية باتجاه مناطق سيطرة النظام. 

قابل ذلك احتجاجات شهدتها المنطقة، وإقامة خيمة اعتصام على الطريق المؤدي للمعبر، بهدف منع عبور الشاحنات بين الجانبين. 

وخلال مظاهرة رافضة لفتح “معبر أبو الزندين” بين مناطق النظام ومناطق سيطرة المعارضة، ردد المتظاهرون عبارات هاجمت الرئيس التركي.

كما خرج مواطنون في مدينة اعزاز شمال غربي حلب، في مظاهرة رفضت اندماج المعارضة والنظام، وفتح معبر “أبو الزندين”، وهو معبر يعتقد أن أنقرة تدفع وراء افتتاحه. 

مدير البحوث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، معن طلاع، صنف في حديث سابق لعنب بلدي الأجندة المدرجة على الطاولة الروسية- التركية، بثلاث مستويات. 

أحد هذه المستويات مرتبطة بالشكل الاقتصادي والخدمي، منها المعابر الداخلية متضمنة “أبو الزندين”، وقد تتضمن لاحقًا تسهيل حركة بعد الطرقات مثل M4” M5″، إلى جانب ملفات أخرى مثل ملف المياه وملف التعليم، وأخرى لها علاقة بالسجلات المدنية.

وفتح المعبر يعني تنفيذ إحدى رغبات روسيا في المنطقة بالاتفاق مع تركيا. 

الاعتداء على السوريين في تركيا 

الحدث الثالث المؤجج لغضب الشارع في شمال غربي سوريا ضد تركيا خلال الفترة الأخيرة، جاء بعد اعتداءات طالت سوريين في ولاية قيصري التركية. 

وانتشرت، مساء الأحد 30 من حزيران الماضي، تسجيلات مصورة تظهر اعتداءات لمواطنين أتراك على محال ومنازل وممتلكات لاجئين سوريين في قيصري، بعد انتشار شائعات حول تحرش مواطن سوري بطفلة تركية. 

وذلك قبل أن تؤكد ولاية قيصري في بيان لها عبر “إكس“، أن الطفلة سورية الجنسية وهي قريبة الشاب الذي يعاني من مشكلات عقلية. 

الاحتجاجات في الشمال خرجت في مدن اعزاز وعفرين بريف حلب، ومدينتي تل أبيض شمال الرقة، ورأس العين شمال غربي الحسكة، إضافة إلى مدينة إدلب. 

وتوجه متظاهرون في اعزاز إلى معبر باب السلامة ومنعوا دخول الشاحنات والسيارات التركية، كما تعرضت سيارات لموظفين أتراك للاعتداء والتكسير، ووقعت اشتباكات قرب نقاط عسكرية تركية في منطقتي عفرين والأتارب. 

وشهدت مناطق متفرقة من ريفي حلب إنزال العلم التركي من بعض المؤسسات الحكومية، وإغلاق مراكز البريد والشحن التركي “PTT”، وضرب آليات عسكرية تركية بالحجارة. 

وأدت الاشتباكات في عفرين إلى مقتل أربعة أشخاص. 

وبحسب مراصد عسكرية وصفحات إخبارية في الشمال السوري، فإن الأشخاص قُتلوا إثر استهدافهم من قبل النقاط العسكرية التركية، مع حديث عن وجود إصابات، دون إحصائية طبية رسمية.

الاعتداءات على السوريين وممتلكاتهم توسعت بعدها إلى ولايات أخرى كهاتاي وغازي عنتاب وكلس وبورصة. 

دهس المدرعات التركية لمدنيين 

توفي عدد من المدنيين جراء صدمهم بالمدرعات التركية خلال تنقلها في النقاط العسكرية الموزعة في مختلف مناطق سيطرة المعارضة. 

حالات الدهس قابلها غضب من قبل الأهالي، خاصة أنه في بعض الحوادث لا تتوقف المدرعات بعد صدم أحدهم بل تكمل طريقها. 

آخر الحالات كانت قرب قرية مجدليا جنوب إدلب، الإثنين 1 من تموز، أدت لمقتل مسن وإصابة زوجته جراء دهسه بمدرعة تركية. 

وفي كانون الأول 2022، دهست مدرعة تركية طفلة (7 سنوات) ثم جدتها (70 عامًا) وهي تحاول إنقاذها  أثناء محاولة مدرعتين الرجوع من الطريق الرئيس في مدينة الأتارب غربي حلب لأنه مغلق بسبب الحفريات، والالتفاف بطريق فرعي. 

وأدى ذلك إلى حالة من الغضب والاحتقان الشعبي، وحاصر الأهالي المدرعتين ورشقوهما بالحجارة. 

أخرجت سيارات “جهاز الأمن العام” العامل في المنطقة المدرعتين ورافقتهما إلى المخفر. 

رد الفعل الغاضب على حوادث الدهس وصلت في إحدى الحالات إلى إطلاق النار على رتل تركي في آب 2020، خلال مروره على دوار بلدة سجو بريف حلب. 

وبرر ضابط في “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الجيش الوطني” لعنب بلدي، حينها، سبب عدم توقف المدرعة بعد صدم أحد الأهالي، بأن سائق المصفحة  لا يستطيع رؤية الأشخاص في حال اقتربوا منها، ما أدى لصدم مدني، وتابعت بعدها المصفحة مسيرها كونها تخضع لأوامر “آمر الرتل”.

الانسحاب من النقاط التركية 

شاحنات الجيش التركي تقوم بإخلاء النقاط العسكرية في شمال حماة إلى بلدة قوقفين في جبل الزاوية جنوبي إدلب – 20 تشرين الأول 2020(عنب بلدي /يوسف غريبي)

وفق اتفاق “أستانة” بين روسيا وتركيا عام 2017، الذي تضمن  إنشاء منطقة آمنة منزوعة السلاح، نشرت تركيا 12 نقطة مراقبة عسكرية في منطقة “خفض التصعيد”. 

ورغم توسع سيطرة النظام على الأرض خلال العمليات العسكرية الممتدة من نيسان 2019 حتى 5 آذار 2020، على حساب المعارضة، أبقى الأتراك على نقاط مراقبتهم في مناطق سيطرة النظام بعد سيطرته عليها في ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الشمالي وريف حماة الشمالي. 

لكن بعد توقيع اتفاق موسكو بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في 5 آذار 2020، بدأت تركيا بسحب نقاطها إلى مناطق سيطرة المعارضة وأعادت انتشارها. 

أحدث ذلك إحباطاً بين الأهالي، كون النقاط التركية نشرت وفق اتفاق أستانة لوقف العمليات العسكرية، ويعني انسحابها استمرار سيطرة النظام عليها، وهو ما اعتبره أهالي إخلال تركيا بوعودها. 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة