جوزيف شهرستان لن يكون الأخير

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

نعت الأوساط الإعلامية والرياضية السورية قبل أيام نجم منتخب سوريا سابقًا بكرة القدم والمدرب الوطني جوزيف شهرستان، الذي توفي في أحد مستشفيات العاصمة السورية دمشق بعد معاناته مع المرض.

في وفاة شهرستان حكاية نجم انتقل من الشهرة إلى التشرد بعدما ضاقت به الأحوال وألقت به قبل عام من وفاته على أرصفة الشوارع باحثًا عن سندويشة للأكل وعن كأس شاي أو قهوة يريح بها أعصابه، مرتديًا ما تبقى بحوزته من لباس رث ومتسخ، يتجول في الشوارع، حتى سترت نهايته مقابلة إعلامية تلتها مقابلة ومن ثم انتفاضة عبر “السوشال ميديا” لكثير من عشاق كرة القدم داخل البلاد، أجبرت من خلالها أولي الأمر الرياضي على التحرك لانتشال بقايا النجم من الرصيف إلى غرفة في فندق “تشرين” مع وجبة يومية.

أكثر من شخص مقرب من المرحوم شهرستان أكد أن وجبة الطعام تم قطعها بعد شهر ونصف من إقامته في فندق “تشرين” الرياضي، وهو بحاجة ليس فقط للطعام بل للدواء والعلاج بسب مشكلات في مفصل قدمه وفي الركبة، دفعت منظمة الاتحاد الرياضي العام جزءًا يعادل 20% من المبلغ الكامل، وبقي شهرستان ينتظر تبرعات المحسنين وتقديم الأصدقاء ورحمة رب العالمين.

اتحاد الكرة في نظام الأسد واتحاده الرياضي العام قدموا العزاء بنعي عبر الصفحات الرسمية، وغابوا عن مراسم التشييع، كيف لا وهو دون رعاية ودون اهتمام كما كان المرحوم محمد خير ضاهر يومًا ما يصارع مرض السرطان ويبيع أثاث منزله كي يؤمّن لنفسه العلاج، كيف لا وبعد وفاة الحكم السوري الدولي عبد الله جركس قبل 17 عامًا تم اقتطاع مبلغ 700 ليرة من أصل 5000 قدمتها اللجنة التنفيذية بمدينة حلب لابنه تكريمًا على عطاء والده.

كيف نقتنع بالرعاية والاهتمام وكل مسؤول يرمي بالمسؤولية على غيره، ومن ثم يتشدق رأس المنظمة واللجنة الأولمبية بأن الرعاية موجودة والاحتضان لكل الرياضيين الأبطال، بعد التقاط الصورة مع الضحية لا يسمح لها بأن تدفن بهدوء، وأن ترحل دون ضجيج.

في بلاد مزقتها الآلة العسكرية والأمنية وسلطات الاستبداد طيلة 40 عامًا، سيموت ضاهر وشهرستان والدهمان، وسيبقى جمال الكشك ينتظر العلاج في المستشفى، وسيظهر عمر كنفاني بهيئة “الشحاد” في شوارع اللاذقية بعد أن فقد عقله نتيجة اعتقال قديم. في بلاد يموت فيها النجوم الذي رفعوا ما استطاعوا رفعه من قيمة الأرض، لن يكون جوزيف شهرستان آخر من يموت دون عناية ودون هوية.

فكما كان نجمًا واختصر هوية الكرة السورية ببعض أهدافه أمام الخصوم، ها هو يختصر هوية البلاد بأكملها تحت التراب.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة