الحسكة – مجد السالم
فوجئ علوان حسين (46 عامًا) برفع إيجار المنزل الذي يقطنه مع أفراد عائلته الأربعة على أطراف مدينة القامشلي إلى الضعفين، مع شرط دفع المبلغ بالدولار الأمريكي.
قرار الرفع من صاحب المنزل شكّل صدمة لعلوان، لأن المنزل عبارة عن غرفتين بجانبهما مطبخ بسقف من التوتياء، وهو يستأجره منذ نحو عامين في أطراف مدينة القامشلي، وفي منطقة تعتبر “سيئة جدًا” من حيث الخدمات والبنية التحتية المتهالكة، حسب وصف علوان.
علوان قال لعنب بلدي، إن صاحب البيت منحه مهلة حتى نهاية حزيران الحالي، لإخلاء المنزل أو دفع 55 دولارًا أمريكيًا شهريًا (نحو 850 ألف ليرة سورية بحسب سعر الصرف الحالي).
أضاف الرجل أن المنزل متهالك، واضطر للسكن فيه لأنه في أطراف المدينة، وكانت أجرته بالليرة السورية، وتناسب دخله من العمل بالمياومة في مستودعات الأغذية وسوق الخضار.
وذكر أن هذا النوع من المنازل بات من الصعب الحصول عليه، لأنه بحث في عدة أحياء أخرى عن سكن بديل، لكن جميع أصحاب العقارات يطلبون الإيجار بالدولار، والأسعار تصل حتى 100 دولار.
بالدولار مع دفع مسبق
بحسب ما رصدته عنب بلدي من عدة مكاتب عقارية بالقامشلي، بات الدولار أساس المعاملات العقارية، سواء كانت بيعًا أو رهنًا أو إيجارًا، وباتت إيجارات المنازل تتراوح بين 70 و100 دولار، ومن النادر إيجاد عقار للإيجار بـ50 دولارًا.
أحمد الخليل (60 عامًا) صاحب مكتب عقاري، قال لعنب بلدي، إن التعاملات العقارية تحديدًا جميعها صارت بالدولار، وإن العملة السورية أصبحت من الماضي.
وأضاف أن المستأجر الذي يبحث عن بيت “قعيدة بدل الإيجار”، يُطلب منه دفع ثمن “الرهينة” أو ما تعرف محليًا “بالقعيدة” بالدولار، مقابل السماح له بالسكن، كي يضمن عدم فقدان نقوده لقيمتها أمام التدهور المستمر لقيمة الليرة السورية.
“القعيدة” أو “الرهينة” هي مبلغ يدفعه المستأجر لصاحب المنزل، ويحصل عليه حين خروجه من البيت، وخلال هذه الفترة يكون صاحب المنزل قد استثمر في هذه النقود واستفاد منها.
وذكر الخليل أن المشكلة ليست فقط في ارتفاع الإيجار وتحصيله حصرًا بالدولار، بل إن المستأجرين يواجهون مشكلة طلب الدفع المسبق ولعدة أشهر مقدمًا أقلها 6 أشهر، ما يعني أن الشخص مطلوب منه تأمين مبلغ 600 دولار (نحو 9 ملايين ليرة سورية بحسب سعر الصرف الحالي) كي يستطيع السكن في المنزل.
ويعد المبلغ المذكور مرتفعًا مقارنة بالوضع الاقتصادي والمعيشي للسكان، إذ يبلغ الحد الأدنى لرواتب موظفي “الإدارة الذاتية” نحو 70 دولارًا شهريًا، بينما رواتب موظفي مناطق سيطرة النظام السوري نحو 18 دولارًا.
قرار دون تطبيق
لا يقتصر ارتفاع الإيجار على السكن، إنما يطال المحال التجارية والمستودعات التي تضاعفت إيجاراتها، وتُدفع بالدولار الأمريكي.
أحد العاملين في مستودعات الأدوية قال لعنب بلدي، إن مالك المستودع رفع الإيجار الشهري بشكل مفاجئ من 300 إلى 800 دولار (نحو 12 مليون ليرة سورية) بالشهر، لكنه رفض ذلك ما اضطره إلى نقل كامل المستودع إلى ضواحي المدينة حيث تكون الأجرة أقل لكنها أيضًا بالدولار.
وفي جولة لعنب بلدي على عدة محال تجارية ومكاتب في القامشلي، تراوحت الإيجارات الشهرية بين 200 و800 دولار، حسب المساحة والموقع من مركز المدينة.
وعلى الرغم من إصدار “الإدارة الذاتية” قرارًا في 2021 يحدد قيمة الإيجارات الشهرية للسكن بمبلغ يتراوح بين 50 ألفًا و150 ألف ليرة سورية حسب تجهيزات المنزل، فإن القرار بقي حبرًا على ورق، حسب حديث السكان.
وبحسب رصد عنب بلدي، فإن ما يحصل هو العكس، فـ”الإدارة الذاتية” نفسها تحدد قيمة الإيجارات الشهرية بالدولار وتشجع على “دولرة سوق العقارات”، وهذا ما فعلته مع أصحاب “البسطات” في سوق حطين الشعبي بالقامشلي.
وحددت بلدية القامشلي قيمة الإيجار الشهري لـ”بسطة” بطول ثلاثة أمتار وعرض 2.5 متر بـ30 دولارًا (نحو 450 ألف ليرة سورية)، ما دفع بأصحاب “البسطات” للمطالبة بتخفيض الأجرة الشهرية.