دير الزور – عبادة الشيخ
وصلت عمليات جمع الإتاوات التي يفرضها تنظيم “الدولة الإسلامية” في قرى وبلدات ريف دير الزور الشرقي إلى مستثمري النفط في المنطقة، إذ رُصدت العديد من التهديدات لمستثمرين بإحراق ممتلكاتهم في حال لم يدفعوا أموالًا للتنظيم.
التهديدات نفسها المرتبطة بتحصيل الأموال من قبل التنظيم، تتركز في المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من أرياف دير الزور الشمالية والشرقية.
وفي 24 من حزيران الحالي، اقتحم عناصر من التنظيم إحدى آبار النفط في محطة “الصيجان” بالريف الشرقي للمحافظة، وأضرموا النيران داخله لامتناع المستثمر عن دفع الأموال، وفق ما قالته وكالة “نورث برس”.
الدفع أو القتل
مستثمر نفط في حقل “التنك” شرقي محافظة دير الزور، تحفظ على ذكر اسمه لمخاوف أمنية، قال إنه حصل على حق الاستثمار عبر مناقصة طرحتها “الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قسد”) بعقد مدته شهر.
وحصل على امتيازات تضمن له تأمين حراسة أمنية للبئر النفطية، مقابل حصة من أرباح الإنتاج مع إحدى الشخصيات العسكرية العاملة في صفوف “قسد”.
وبعد توقيع العقد مع إدارة حقل “التنك”، بدأت تصله رسائل عبر تطبيق “واتساب” من أرقام أمريكية يطالبه مرسلوها بدفع أموال خلال مدة زمنية محددة، مرفقة بتهديدات في حالة لم تتم عملية الدفع.
وجاء في نص الرسالة، “السلام عليكم، مطلوب منك دفع مبلغ مالي قدره 5000 دولار خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، وفي حال عدم الدفع سيتم اتخاذ إجراءات أخرى، وهذا الدفع هو تحت مسمى الزكاة والكلفة السلطانية”.
وأضاف أنه في البداية أهمل التهديدات، ومع قرب انقضاء المهلة، أُلقيت قنبلة صوتية على منزله، تبع ذلك تهديدات أرسلتها أرقام أخرى عبر التطبيق نفسه، جاء فيها أنه في حال عدم الدفع سيتم استهداف سيارته ومنزله.
الهجوم بقنبلة صوتية أخاف المستثمر، ما دفعه للتواصل مع الرقم نفسه، وعرض عليه أن يدفع محاولًا تخفيض المبلغ لكن دون جدوى.
وبعد مرور يومين، تواصل عناصر التنظيم مع المستثمر، وطلبوا منه سداد 5000 دولار، وحددوا موقعًا و”كلمة سر” لتسليم المبلغ.
وأضاف أنه دفع المبلغ في سوق شعبي يعرف محليًا باسم “سوق الخميس” في بلدة الشحيل شرقي دير الزور، وسلمه لشخص التقاه في السوق بعد أن نطق بكلمة السر المتفق عليها.
حالة عامة
خالد السلطان، المنحدر من بلدة الشعفة بريف دير الزور الشرقي، وهو مستثمر سابق في حقول “الأزرق” للنفط، قال لعنب بلدي، إنه حصل على عقد استثمار مدته عشرة أيام، وبدأ بتلقي التهديدات بمجرد توقيعه للعقد.
ووفق خالد، تعتبر التهديدات حالة شائعة بالنسبة للعاملين في هذا المجال، إذ يتلقى غالبية المستثمرين تهديدات بالقتل من قبل أشخاص يتحدثون باسم تنظيم “الدولة”.
وأضاف أن الإتاوة التي يفرضها التنظيم تأتي بحسب إنتاج البئر التي استثمرها، إذ طلب منه مبلغ 10000 دولار بعد مراسلة حساب له عبر تطبيق “تلجرام”.
ووفق خالد، تمكن من تخفيض المبلغ بعد مفاوضات استمرت لأيام، ودفع في نهاية المطاف 4500 دولار، علمًا أنها كانت مقدار أرباحه من استثمار البئر.
طريقة تسليم المبلغ بالنسبة لخالد كانت مختلفة، إذ طُلب منه أن يضع المبلغ داخل كيس بلاستيكي في بادية البلدة، وهدده الشخص الذي تواصل معه، بأنه في حال كان المبلغ ناقصًا سيجبره على دفع ضعف المبلغ.
بالنسبة لخالد، لم يكن جامعو الإتاوة من التنظيم، إنما يعتقد تبعيتهم لـ”قسد”، خصوصًا أنهم مطلعون على أدق التفاصيل المتعلقة بعقد الاستثمار، وإنتاج النفط، وعدد الصهاريج التي تدخل وتخرج من البئر النفطية.
ووفق المستثمرين الذين تواصلت معهم عنب بلدي، كانت تتراوح الإتاوات بين 5000 و25000 دولار أمريكي، اعتمادًا على حجم الحقل وإنتاجه، وحسب مكانة الشخص وقدرته المالية على الدفع.