السوق المقبي.. معلم أثري وملجأ الفقراء في جبلة

تعد الأسعار في السوق المقبي في جبلة رخيصة مقارنة بالمحال في الأسواق المجاورة - 26 من حزيران 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconتعد الأسعار في السوق المقبي في جبلة رخيصة مقارنة بالمحال في الأسواق المجاورة - 26 من حزيران 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

يقصد أهالي جبلة مدينة وريفًا السوق المقبي فيها، الذي اشتهر ليس كسوق أثري فحسب، بل لأنه يضم مختلف أنواع البضائع الشعبية بأسعار قليلة أو متوسطة.

ورغم موجة الغلاء التي طالت معظم السلع، فإن محال السوق تحتوي على أرخص أنواع الملابس والأدوات المنزلية وسائر الاحتياجات الشخصية، ويعد واحدًا من الأسواق القليلة التي يمكن العثور فيه على قطعة ملابس ثمنها 20 ألف ليرة سورية فقط (الدولار الأمريكي 14800 ليرة).

وتتراوح أسعار ملابس الأطفال تحت 5 سنوات في السوق بين 25 ألفًا و125 ألف ليرة، وبنطال الجينز النسائي بين 75 ألفًا و150 ألف ليرة، و”البيجامات” بين 100 ألف و175 ألف ليرة، و”التيشرتات” القطنية بين 60 ألفًا و100 ألف ليرة، بينما تتراوح أسعار “التايورات” وملابس المحجبات بين 100 ألف و200 ألف ليرة.

وما يميز السوق أن تلك الأسعار أولية وهي قابلة للمفاصلة، والأخيرة أكثر ما يشتهر فيه السوق، وبمعظم الأحيان يتم تخفيض القطعة بين 5 آلاف إلى 20 ألف ليرة بحسب سعرها ونوعيتها.

وتعد هذه الأسعار أقل بأضعاف من أسعار المحال التجارية الأخرى وسط المدينة، وتعتبر مقبولة مقارنة بالحد الأدنى للرواتب الحكومية، الذي يبلغ في مناطق سيطرة النظام السوري 279 ألف ليرة سورية (18.7 دولار).

فيما مضى كان السوق المقبي يعرف باسم سوق “البيض”، وسمي كذلك لأن سكان الريف كانوا يقصدونه مع سلال مليئة بالبيض “البلدي”، ثم يبادلونها ببضائع السوق، دون استخدام النقود، كما هو متداول بين سكان المنطقة.

ويمتد السوق المقبي بمحاذاة المدرج الروماني من جهة البحر، ويمتلك مدخلين، الأول من جهة الحديقة، والآخر مقابل لسوق السمك في الطريق المؤدي إلى الكورنيش.

وتنتشر المحال التجارية على بابه لبيع البهارات ورب البندورة والفليفلة وسائر احتياجات المؤونة، كذلك تنتشر عربات الذرة والفول.

مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، تردد العديد من أبناء الريف في الوصول إلى السوق المقبي، نتيجة الضخ والشحن الطائفي الذي تتهم السلطة وبعض المتطرفين في المدينة بأنهم يقفون وراءه، مراعاة لمصالحهم الخاصة.

لكن الحال لم يستمر كثيرًا، وخلال أعوام لا تتجاوز الثلاثة عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقًا بالتدريج، وصولًا إلى اليوم الذي عادت فيه مدينة جبلة كما كانت من قبل.

ينظر أهالي جبلة إلى السوق المقبي كذاكرة وتراث، فهو من أوائل أسواق المدينة وأقدمها، وحافظ على توازن الأسعار جامعًا للشريحتين المتوسطة والفقيرة، بينما كانت الشرائح الأكثر غنى تذهب إلى المحال التجارية وسط المدينة، حيث تتوفر البضائع التركية بكثافة حتى اليوم، وبأسعار تفوق مئات ألوف الليرات للقطعة الواحدة من الملابس.

تزور فاطمة (40 عامًا) السوق المقبي منذ 20 عامًا، فحين كانت شابة كانت تلجأ إليه لشراء الملابس، مستذكرة أنها كانت تشتري بنطال “الجينز” بمبلغ لا يتجاوز الـ225 ليرة سورية، و”التيشرت” بـ125 ليرة وأحيانًا بـ90 ليرة، بما يتناسب مع ميزانيتها آنذاك والتي لم تكن تتجاوز الـ500 ليرة.

وأضافت أنها كانت تشتري بما تبقى حذاء بما لا يتجاوز الـ100 ليرة، حتى إنه كان يتبقى معها نقود تكفي أجور المواصلات وتناول سندويشة “عالماشي”.

اليوم تلجأ فاطمة، التي تعيش بحي الفروة بالمدينة، إلى السوق لشراء كل مستلزمات منزلها، بما فيها مؤونة الملوخية ودبس الفليفلة كون الأسعار رخيصة جدًا مقارنة بباقي المحال، كذلك تشتري منه ملابسها بينما لم تتمكن من إقناع ابنتها الشابة بشراء الملابس منه.

وقالت بهذا الخصوص، إن الجيل اختلف والصبايا يتفاخرن بالذهاب إلى محال ماركات الملابس المعروفة، وبات من العيب القول إن الملابس من السوق المقبي، وهو ما قد يعرضهن للتنمر.

يعتبر السوق المقبي أحد أهم المعالم الأثرية في المدينة، ويتميز ببعض المحال المقببة، ما يشير إلى أن بناءه تم في العهد العثماني، كما قال مدير دائرة آثار جبلة، مسعود بديوي، لصحيفة “الوحدة” المحلية.

وذكر أن بعض المحال التجارية فيه بنيت في خمسينيات القرن الماضي، كما أن بناءه يتماشى مع تنظيم المدينة خلال العهد المملوكي، وقال إن مدينة جبلة يغلب عليها البناء بالطابع المملوكي العثماني.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة