تقلبات الطقس تطيح بموسم العنب في إدلب

التقلبات الجوية أدت إلى تلف محصول العنب في إدلب - 23 من حزيران 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconالتقلبات الجوية أدت إلى تلف محصول العنب في إدلب - 23 من حزيران 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

إدلب – أنس الخولي

يتحسر المزارع علي سماحي، ويشعر بحرقة على خسارته التي قال إنها “قصمت ظهره” إثر تلف واحتراق عرائش العنب نتيجة تقلبات الجو في إدلب، بين الحر الشديد وهطول الأمطار، خلال فترة زراعته.

المزارع المهجر من ريف دمشق قال لعنب بلدي، إنه ضمِن هذا العام في منطقة حارم شمالي إدلب 40 عريشة، يقدر إنتاجها بثمانية أطنان من العنب، بمبلغ 3500 دولار أمريكي، ودفع 500 دولار تكاليف معدات العناية بها أملًا بتحقيق الربح.

وذكر أنه اعتاد كل موسم دفع أموال مقابل “ضمان” عرائش العنب، مضيفًا أنه دفع هذا العام كل ما يملك، لكن تقلبات الطقس أنهكت عرائش العنب وحرقتها، رغم محاولاته تدارك الخسائر عبر رش الأسمدة والأدوية الزراعية لكن دون جدوى.

ويقصد بحريق العريشة جفاف أوراقها واصفرارها، وتيبس حبات العنب وتلفها.

ووصف المزارع ما حلّ بالعرائش بـ”الكارثة”، ويتوقع ألا يتجاوز إنتاج أفضل العرائش لديه أكثر من ثلاثة كيلوغرامات من العنب، وألا يتجاوز مردوده مبلغ 250 دولارًا من 40 عريشة.

وتعرضت بساتين العنب في إدلب شمالي غربي سوريا لأضرار بالغة أطاحت بـ95% من الموسم الزراعي، وفق تقديرات مزارعين، نتيجة تقلبات الطقس وارتفاع درجات الحرارة وهطول الأمطار، ما كبد المزارعين خسائر فادحة.

معاون مدير الزراعة في حكومة “الإنقاذ”، المهندس مصطفى الموحد، قال في تصريح لعنب بلدي، إن محصول العنب تضرر بشكل كبير هذا العام بسبب موجات الحر، بالتزامن مع القطاف الجائر للأوراق، ما سبب نقص الإنتاج لأكثر من 50%.

وأوضح أن عدد عرائش العنب في مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ” يبلغ حوالي 100 ألف شجرة، المثمر منها حوالي 92 ألفًا، لافتًا إلى أن المساحة المزروعة بالعنب تبلغ 319 هكتارًا تقريبًا.

تقلبات الطقس تطيح بموسم العنب في إدلب

التقلبات الجوية أدت إلى تلف محصول العنب في إدلب – 23 من حزيران 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

نبات حساس

لم تقتصر الخسائر على ثمار العنب، لأن الحرارة المرتفعة والأمراض الفطرية أطاحت بالأوراق وحتى الأشجار نفسها، واضطر مزارعون إلى قص عدد من عرائش العنب بعد يباسها بشكل كامل، ليضيع عليهم جهد أعوام من العناية بها.

ويعتبر العنب من النباتات الحساسة جدًا تجاه تقلبات الطقس والأمراض الفطرية، لذلك يحتاج إلى عناية شديدة.

ويختلف موعد قطاف العنب والأوراق بين منطقة وأخرى نظرًا إلى ظروف النمو وضوء الشمس، لكن جني الأوراق يبدأ عادة من حزيران حتى تشرين الأول، وبين كل عملية قطاف مدة نحو 20 يومًا.

ومن أهم الآفات الزراعية التي تصيب العنب وأخطرها هي حشرة “الفيلوكسرا” على جذور النبات، و”النيماتودا” (الديدان الثعبانية)، ودودة الثمار، وحلم العنب، والعناكب الحمراء، والمنّ.

كما يصاب العنب بالأمراض الفيروسية مثل “الموزاييك” والتبقع المصفر، والتجعد الورقي، وزيادة تشعبات العناقيد وتساقط الثمار، وكذلك يصاب بأمراض فيزيولوجية عدة ناتجة عن نقص العناصر المعدنية وغيرها، وبأمراض فطرية كثيرة مثل البياض الزغبي والبياض الرمادي، والتبقع (أنتراكنوز)، والعفن الرمادي، واحمرار الأوراق وغيرها.

هيثم طباجو مزارع آخر يملك بساتين عنب في منطقة حارم، قال إن العنب من النباتات الحساسة جدًا، وإن تأخر الشتاء هذا العام أرهق المحصول والمزارع.

وذكر أن المزارعين دفعوا مبالغ لعمليات رش المحصول بمبيدات الفطريات، التي تضر بالعرائش، لافتًا إلى أنه احتاج إلى رش العرائش أكثر من 25 مرة خلال هذا الموسم.

وبحسب المزارع، فإن الأمراض الفطرية أضرت بجميع أشجار الفاكهة كالخوخ والمشمش، لكن العنب كان أشدها تأثرًا، ما تسبب بموت العديد من الأشجار التي اضطر لقصها، وضاع جهده خلال سنوات من رعايتها.

وأضاف المزارع أن تكاليف العناية بالأشجار هذا العام تجاوزت 6000 دولار أمريكي ثمن أسمدة ومبيدات وري، وكان يأمل أن يعوضها ويحقق أرباحًا، لكن الخسائر “كبيرة”، مقدّرًا مردود إنتاج بساتينه بـ2500 دولار فقط.

ويستفيد المزارعون عادة في إدلب من بيع أوراق العنب، التي تستخدم في إعداد بعض الأطباق.

ويعتمد مزارعون آخرون على بيع الحصرم (العنب قبل نضوجه) بهدف تحقيق أرباح قبل بداية موسم العنب، إلا أن المزارعين الذين تأخروا في جني الأوراق والحصرم هذا العام لم تتسنَّ لهم الفرصة لتحقيق أي أرباح.

وبحسب المزارع هيثم، فإنه بدأ قبل أسبوعين تقريبًا بجني أوراق العنب والحصرم وبيعها في الأسواق، واستطاع جمع مبلغ 2000 دولار، لكنه كان ينتظر حتى نهاية الموسم لجني الأوراق الصغيرة والمتوسطة وبيعها، إلا أن موجة الحر قضت عليها.

وتعتبر فاكهة العنب من الثمار المرغوبة لدى السوريين، ووصل سعر الكيلوغرام من العنب عام 2023 إلى 1.5 دولار أمريكي، وهو سعر مرتفع مقارنة بالوضع المعيشي ويومية العمال، التي لا تتجاوز ثلاثة دولارات.

بينما يرى المزارعون أن الطلب على العنب هذا العام سيكون منخفضًا، بسبب تأثره بالأمراض.

وشهد العام الحالي تقلبات جوية أبرزها هطول أمطار غزيرة متأخرة في أيار الماضي، أسفرت عن سيول أضرت بالمزروعات الصيفية وبخيام النازحين.

وقال “الدفاع المدني السوري” لعنب بلدي حينها، إن أضرار الأراضي الزراعية تركزت بشكل رئيس في منطقة بحوري وبير الطيب غربي معرة مصرين بريف إدلب، حيث تضرر نحو 200 دونم من الأراضي المزروعة بالخضراوات الصيفية كالخيار والكوسا والبندورة، بسبب سيل ضرب المنطقة وأدى إلى انجراف المزروعات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة