خبراء يقدمون نصائح وإرشادات

أهمها الجنس والدين.. أمهات وآباء أمام أسئلة الأطفال المحرجة

أمهات وآباء في ورطة أسئلة الأطفال المحرجة

camera iconأم توبّخ ابنتها لطرحها سؤالًا محرجًا (كانفا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – هاني كرزي

يميل كثير من الأطفال إلى طرح أسئلة محرجة على الأبوين، ويصرون على الحصول على إجابة، إلا أن بعض الأهل يفضلون التهرّب من الجواب أو يقومون بتوبيخ الطفل لطرحه أسئلة كهذه، بينما يحاول بعضهم الآخر تقديم إجابات مبسطة وصادقة عن تلك الأسئلة التي يكون أغلبها مرتبطًا بالجانب الجنسي أو الديني.

يتمتع الأطفال بقوة ملاحظة عالية وفضول تجاه كل شيء من حولهم، فهم يرغبون في معرفة كل ما يجري حولهم، ويعبرون عن ذلك بفيض من الأسئلة التي يقع معظمها في دائرة الأسئلة المحرجة بالنسبة للأهل.

التهرّب والتوبيخ تصرف خاطئ

يميل بعض الآباء والأمهات إلى التهرّب من أسئلة أطفالهم المحرجة، كما فعلت رولا معتوق (27 سنة)، حين سألها طفلها “لماذا أبي لا يُنجب أطفالًا مثلك؟!”، حيث قالت، “حين طرح طفلي البالغ من العمر خمس سنوات هذا السؤال أمامي، ارتبكت ولم أعرف ماذا أجيب، فتظاهرت بأني أتصل بالهاتف، على أمل أن ينسى السؤال”.

أضافت رولا، وهي ربة منزل تقيم في اسطنبول، لعنب بلدي، “بعد ساعة عاد طفلي ليطرح نفس السؤال، فحاولت إشغاله بشيء آخر، وطلبت منه تجهيز نفسه كي نذهب إلى حديقة الملاهي، وعندما عدنا إلى البيت مساء، سألني عن سبب عدم إجابتي عن السؤال، فأجبته بأنه حين يكبر سيعرف كل شيء”.

بعض الآباء يلجؤون لتوبيخ أطفالهم والصراخ عليهم عند طرح أي سؤال محرج، حيث قالت “أم تيم نجار” (34 سنة)، “بينما كنت أقوم بتغيير الحفاظ الخاص بطفلتي سألني ابني، ليش أختي مالها نونو متلي؟!”، ويقصد لماذا أختي ليس لها عضو ذكري مثلي، شرحت الأم مضيفة، “صرخت عليه بشدة، وحذرته من طرح أسئلة كهذه مرة أخرى”.

وتابعت “أم تيم” التي تعمل في ورشة خياطة بمدينة إدلب، لعنب بلدي، أنها أخبرت زوجها عما حصل وعن سؤال طفلهما البالغ من العمر 4 سنوات، فقرر الأب معاقبته بحرمانه من الشوكولا التي يحبها، ما جعل الطفل يبكي بشدة، ولاحظت الأم لاحقًا أن ابنها لم يعد يقترب من أخته الصغيرة، فحاولت إرضاءه بشراء بعض الحلويات واصطحابه للحديقة، دون أن تقدم إجابة عن سؤاله الذي لم يعد يطرحه مجددًا، حسب قولها.

الاختصاصية النفسية ليا السيد طه، حذرت من خطورة تجاهل الأهل أسئلة أطفالهم المحرجة أو توبيخهم على طرحها قائلة، إن “الأطفال في مراحل نموهم الأولى لديهم فضول طبيعي وفطري حول الأشياء والمفاهيم المختلفة، وبالتالي عدم إشباع هذا الفضول يعوق النمو العلمي والاجتماعي والعاطفي والديني للطفل”.

وأضافت ليا، لعنب بلدي، أن عدم تقديم إجابة للطفل قد يدفعه للبحث بمفرده عن إجابات لتساؤلاته من أشخاص آخرين، وهذا يعرّضه لتلقي المعلومات من مصدر غير موثوق أو بشكل ناقص أو غير مناسب لعمره، وسيؤدي إلى تكوين أفكار خاطئة تسهم في تشويه المعرفة لدى الطفل، وربما يعرضه ذلك لممارسة سلوكيات جنسية خاطئة أو يصبح عرضة للتحرش.

أربع خطوات للتعامل مع الأسئلة المحرجة

رغم مخاطر وسلبيات تجاهل أسئلة الأطفال المحرجة، فإن بعض الأهل يصرون على عدم تقديم إجابات مقنعة وصادقة للطفل، لذا نصح المستشار الأسري سامح قجي الأهل باتباع أربع خطوات للتعامل مع تلك الأسئلة التي يطرحها الطفل.

قال سامح، لعنب بلدي، إن الخطوة الأولى التي يجب على الأب أو الأم اتباعها هي عدم توجيه اللوم للطفل لطرحه سؤالًا محرجًا، بل يجب أن يعتبر الأمر طبيعيًا، لكن عليهما قبل الإجابة أن يسألا الطفل عن سبب طرحه لسؤال كهذه، بغية معرفة مصدر سؤاله، هل من منصات التواصل الاجتماعي، أو أن شخصًا غريبًا أخبره عن موضوع جنسي أثار فضوله، ما دفعه لطرح السؤال على أهله.

وأضاف سامح أن الخطوة الثانية تتمثل في سؤال الطفل عن الإجابة التي يتوقعها، لأن ذلك يتيح للأهل اكتشاف مدى إدراكه وذكائه، وفي الخطوة الثالثة يجب الإجابة عن السؤال بطريقة هادئة ومنطقية وغير مخيفة، أما الخطوة الرابعة والأخيرة فتتمثل في التأكد من أن الطفل اقتنع بالإجابة التي قدمها له الأب أو الأم، وهل فهمها جيدًا أم لا.

بدورها، قالت ليا السيد طه، إن الاجابة عن أسئلة الطفل لا بد أن تكون بصدق وهدوء وبطريقة علمية بسيطة وواضحة، تناسب المرحلة العمرية للطفل، وباستخدام وسائل تعليمية صحيحة، والابتعاد عن الإجابات السطحية والكاذبة، وتجنب الشعور بالخجل أو العار أو الغضب من أسئلة الطفل، فهذا سيحميه من الحصول على معلومات مشوّهة، لذلك يجب أن يكون الأبوان المصدر الأول لنقل المعرفة الجنسية والدينية لأطفالهم، وخلق مساحة آمنة للحوار حتى لا يُشبع الطفل فضوله بطريقة غير صحيحة.

الإجابات تختلف حسب عمر الطفل

أسئلة الأطفال وطبيعتها تختلف من طفل لآخر حسب مستوى إدراكه وعمره، وبالتالي يتساءل الأهل هل أجيب طفلي ذا الخمس سنوات نفس الجواب الذي أقدمه لطفلي ذي العشر سنوات، وما الطريقة المثلى لتقديم الإجابة.

ويتشارك أغلب الأطفال في طرح بعض الأسئلة المتكررة، أبرزها، من أين أتيت؟ كيف دخلت في بطن ماما وكيف خرجت؟ لماذا لا يلد أبي؟ لماذا لا ألد طفلًا مثل أمي؟ لماذا جهاز أختي التناسلي لا يشبهني؟ لماذا السماء الزرقاء؟ من هو الله؟ ماذا يعني الموت؟ لماذا هذا سمين؟ لماذا لون بشرته مختلفة عني؟

وترى الاختصاصية النفسية ليا، أن طبيعة الإجابة عن أسئلة الأطفال تختلف حسب عمر الطفل، فعلى سبيل المثال، بالنسبة للتعامل مع الأسئلة المرتبطة بالمعرفة الجنسية، لا بد أن يكون هناك تدرّج معين في تقديم المعلومات حسب العمر.

بالنسبة للأطفال من عمر 2-5 سنوات، تابعت الاختصاصية، نشرح لهم عن أعضاء جسم الإنسان، والاختلاف بين جسد الذكر والأنثى، ونشرح لهم المفاهيم الأساسية المتعلقة بالجهاز التناسلي، بطريقة علمية وبسيطة ومختصرة تناسب عمرهم، فمثلًا يمكن أن نخبر الطفل في هذه المرحلة أن الأشخاص عندما يتزوجون يكونون قريبين من بعض، وحين يشاء الله يصبح لديهم مولود موجود برحم الأم.

وأشارت ليا إلى أن الطفل في سنواته الخمس الأولى لا يستوعب الأشياء المجردة وغير الملموسة، لذا نجيبه عن الأسئلة الوجودية والروحانية المرتبطة بالله والدين والكواكب والجنة والنار والموت، بطريقة بسيطة ومختصرة وصادقة، ودون أن تسبب الإجابة حالة رعب ونفور لدى الطفل.

في المرحلة العمرية التالية بين 6 و9 سنوات، يمكن أن نشرح للأطفال عن كيفية البلوغ واكتئاب الحيض، والحدود بالتعامل بين الجنسين، وعن الجماع بين الزوجين بطريقة غير معمقة، بحسب ما ذكرته الاختصاصية النفسية ليا.

أما الطفل الذي يصل إلى عمر 12 سنة فما فوق، فيكون قد أصبح جاهزًا للحصول على معلومات حقيقية ومعمقة عن الجماع والحمل وكيفية الإنجاب.

ولفتت ليا إلى أن نقل المعرفة الجنسية أو الدينية للأطفال أمر دقيق، يحتاج إلى أن تكون لدى الأهل ثقافة جيدة لتجنب تقديم معلومات خاطئة، ومن الأفضل أن يتلقى الأبوان تدريبات في مراكز متخصصة، كي يتعلموا كيفية نقل تلك المعرفة بشكل تدريجي وسليم وصحي، لأن أي خلل في تقديم الإجابة، قد يؤدي إلى إعاقة نمو الطفل وتشوه في معارفه، إن كانت الجنسية أو الاجتماعية أو العاطفية أو الدينية.

الإجابة عن سؤال الطفل الأشهر

بدوره، تحدث المستشار الأسري سامح قجي عن كيفية الإجابة عن سؤال “ماما كيف دخلت إلى بطنك؟!” الذي ربما يطرحه معظم الأطفال، حيث قال، “من عمر 2-4 سنوات، يمكن أن تقول الأم لطفلها، “لقد حملتك في بطني لأني أحبك، وبدأت أهتم بنفسي وطعامي من أجل أن تنمو وتكبر في أحشائي كما تكبر النبتة كلما سُقيت، حتى حان موعد قدومك إلى الدنيا، حيث خرجت من بطني كما نقطف الوردة عندما تزهر”.

وأضاف قجي، بين عمر 5 و7 سنوات يمكن أن نخبره بأن خلية صغيرة جدًا تنطلق من جسد أبيك إلى جسد والدتك باحثة عن خلية أخرى صغيرة تسمى (بويضة)، وعندما تلتقيان يبدأ الجنين في التكون والنمو، وإذا سأل كيف تدخل تلك الخلية لجسد الأم، نجيبه أن الأب يحضن الأم عن قرب فتدخل تلك الخلية داخلها.

وحين يصبح عمر الطفل بين 8 و11 سنة، يمكن للأبوين أن يخبراه عن عملية الجماع، مع التأكيد له بأن تلك العملية الجنسية التي يحصل فيها تلاصق العضو الذكري مع الأنثوي، يجب أن تحصل بين الأزواج فقط.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة