“جولة في متحف إدلب”.. كتاب توثيقي للباحث فايز قوصرة

  • 2024/06/30
  • 2:34 م
"خالد نور وولده نور خالد".. كوميديا يعيبها الحشو

ينتقل كتاب “جولة في متحف إدلب” للمؤرخ والباحث الثقافي السوري الراحل فايز قوصرة بالقارئ في رحلة إلى داخل متحف إدلب، ويستعرض الغنى الأثري الذي كان موجودًا فيه، عبر 174 صفحة، وهو مقسم إلى خمسة فصول، في كل منها استعراض لصور الآثار والمنحوتات واللقى، وشرحها.

اختار المؤرخ هذا العنوان لكتابه الذي صدر في نسخته الإلكترونية عام 2019 لسببين، الأول كونه الأقرب إلى قلبه بعد متحف أنطاكيا ومعرة النعمان، والثاني ألمه الشديد لكون معظم ما كان موجودًا في المتحف قد سرق، ولم يبقَ إلا اليسير.

وأراد الكاتب قوصرة، الذي وافته المنية في 23 من أيار الماضي، توثيق ما كان شاهدًا عليه في المتحف، ليكون في ذاكرة الأجيال القادمة، قائلًا، “تراثنا يُنهب أماما أعيننا، ونحن نسير نحو الجهل به بكل أسف. لعل هذا الكتاب يكون وثيقة لكل دارس في تراثنا”.

ذكر قوصرة في مطلع كتابه أن اللقى المكتشفة في إدلب كانت ترسَل إلى محافظة دمشق أو حلب (ايجان من داحس وتماثيل من تفتناز)، لكن بعد اكتشاف إبلا، وازدياد اللقى، وبمساعٍ من بعثة إيطالية في تل مرديخ (إبلا)، وبدعم ثقافي ومادي، تم الشروع عمليًا بإنشاء متحف إدلب، وتم ذلك علم 1989.

افتتح متحف إدلب بندوة دولية بعنوان “الندوة الدولية لتاريخ محافظة إدلب وآثارها” بين 25 و28 من أيلول 1989، وكان قوصرة عضوًا في اللجنة، وقال إن مساحة المتحف تبلغ 2500 متر مربع، ومساحة البناء الطابقي 1500 متر مربع، تحيط به حديقة، عُرضت لقى كثيرة فيها.

وجاء في الفصل الأول من الكتاب جناح إبلا، وهي صالة داخل المتحف، تنقسم إلى ثمانية أقسام، تحتوي على جرّات بأشكال متنوعة ومزخرفة برسوم حيوانات وجرّات نادرة، وأطباق، وأباريق كيليكية، وقسم للرُقم عرض بعضها كمعاهدات دولية، وقسم للتماثيل والنحوت البازلتية، وقسم للحلي والمجوهرات، وقسم للنحوت العاجية، وقسم لأختام ونقوش في إبلا، وقسم للدمى، وآخر يعرض بعض اللقى.

وجاء في الفصل الثاني من الكتاب التلال الأثرية، ويتضمن لقى من بعض التلال الأثرية المنتشرة في منطقة إدلب موضوعة داخل المتحف في خزانات، منها أدوات تجميل وألبسة وأدوات حديدية ودمى وأباريق ونصلات ذات مقبض وأوعية وغيرها.

أما الفصل الثالث من الكتاب، فيتحدث عن الآثار الكلاسيكية، ويمكن القول إنها الأكثر في متحف إدلب، كون هذه الحضارة الأغنى في حواضرها العمراينة، ففي الجبال المجاورة غنى أثري لا يصدق، فكل ثلاثة كيلومترات يوجد موقع أثري.

هذا الفصل من الكتاب كان الأوسع، حيث قسّم قوصرة الحديث عنه إلى نحوت وتماثيل الأشخاص كل على حدة، وللتماثيل الأخرى، وبعضها عرّفها منفردة كونها مهمة.

وشمل الفصل الرابع الآثار الإسلامية في المتحف، وهي قليلة لأن معظمها ستكون في المساجد، وليس في موقع أثري كما هو في التلال، ومنها السواكف والكتابات الإسلامية عليها، والسواكف هي الكتل والمجسمات التي تعلو فتحات النوافذ والأبواب وواجهات العمارة، كما تضمن القسم جرّات وأسرجة ونقودًا إسلامية وفخاريات وأباريق وخزفيات وأطباقًا.

وشمل الفصل الخامس جناح التراث الشعبي، ووثق فيه قوصرة بعض المقتنيات الشعبية كصندوق العروس الصدفي، وأباريق القهوة العربية، والصواني النحاسية، وأوعية المطبخ والنرجيلة، ومسدسات استخدمها الثوار في عهد الانتداب الفرنسي.

في النهاية، اعتبر قوصرة أن هذا الكتاب من أعمال التوثيق التي تشهد إهمالًا في المنطقة، إذ كان ينبغي تشكيل لجنة من أجل ذلك، لافتًا إلى أنه يظل جهدًا فرديًا، في ظروف هي الأقسى التي مرت على السوريين في تاريخهم.

وفي تعليقه على الكتاب، ذكر قوصرة في منشور عبر “فيس بوك” أن “الأجيال ستعرف أهمية التوثيق حين نفتقد تراثنا الذي نحطمه، أو نبيعه من أجل المال الحرام”.

في 23 من أيار الماضي، توفي قوصرة عن عمر ناهز الـ79 عامًا، في مدينته إدلب شمال غربي سوريا، ورحل تاركًا خلفه إرثًا ثقافيًا وتاريخيًا.

مقالات متعلقة

كتب

المزيد من كتب