يتكرر كابوس لسبع سنوات خلال نوم نور خالد، مهندس الصوت، ويرى نفسه يعيش لحظات انفجار حصل له وعائلته خلال زيارة والده الذي مات وأمه في الانفجار، ثم يلتقي بوالده في إحدى مدارس الأطفال ويحاول التعرف إليه مجددًا.
فكرة غريبة وغير منطقية وغير علمية، أن يلتقي نور بوالده خالد بعد موته على أرض الواقع، دون تهيؤات وأمراض نفسية أو انفصام شخصية وهلاوس بصرية وسمعية، والإثباتات العلمية موجودة، فحص وراثي (DNA)، وبطاقات الهوية، هي المعجزة التي تدور في فلك الكوميديا بين شخصين، أحدهما أب للآخر، والفارق العمري بينهما سنة واحدة فقط.
“خالد نور وولده نور خالد”، مسلسل كتبه المؤلفان الشابان كريم سامي وأحمد عبد الوهاب، ولهما تجارب مشتركة للأعمال الكوميدية في المسرح والتلفزيون بشكل أكبر من السينما، ولعل أبرز تجاربهما كانت مسلسل “البيت بيتي” بجزأيه (2022-2024)، من بطولة كريم محمود عبد العزيز، الذي يلعب دور البطولة في “خالد نور وولده نور خالد”، إلى جانب هشام محمد (شيكو).
هناك توليفة جيدة لفريق العمل، إلى جانب المؤلفين، وبطلي العمل، يأتي محمد أمين، صاحب أفلام الكوميديا السوداء في السينما المصرية (فبراير الأسود، فيلم ثقافي، ليلة سقوط بغداد)، ولعل الفيلمين الأولين ضمن الأفلام المذكورة يعدّان من أبرز الأعمال السينمائية المصرية خلال الـ24 سنة الماضية، لما ناقشاه من أمور سياسية واجتماعية بطريقة ساخرة.
حضرت التوليفة الجيدة لفريق العمل، على صعيد الكتابة والإخراج والتمثيل، ومن المنطقي أن يكون العمل جيدًا بطبيعة الحال بوجود نص لافت، لكنه يقع مجددًا في فخ الحشو ضمن ذريعة الابتكار، وتقديم الجديد، وهو ما لم يكن جديدًا ولا مبتكرًا، وتحديدًا في شخصية “ميكا”.
عرض المسلسل المكون من 15 حلقة خلال الموسم الرمضاني الماضي، وهو عدد حلقات أكثر من المطلوب لرواية الحكاية، شخصيات سجلت حضورها وأدت ما عليها بشكل جيد، لكنها بلا فائدة، لو ألغيت لما أثر غيابها عن العمل ولا محاوره الأساسية، ورغم أنها قدّمت ما عليها على صعيد الكوميديا، فإنها أدت كذلك إلى حشو لا مبرر له (ميكا على سبيل المثال لعب دوره سيد أسامة)، وكذلك الأمر بالنسبة لشخصية “حضري” (أداها الممثل صلاح عبد الله).
الحشو يحضر كذلك في مشاهد طويلة لم تنجح بما صممت لأجله.
في إحدى الحلقات يراقب خالد ونور (الأب والابن) بعضهما بطلب من الأم غادة (أدى الدور دنيا ماهر)، إطالة بلا فائدة للوصول إلى الهدف المتمثل بإنتاج 15 حلقة لتعرض في رمضان، وهي المشكلة ذاتها التي تواجه صناع المسلسلات المخصصة للعرض في ذلك الموسم، الإطالة ولو على حساب الحكاية لإنتاج العدد المطلوب من الحلقات.
بالإضافة إلى الحشو، يمكن السؤال: ما الفرق بين شخصية “ميكا” ابن المنطقة الشعبية صاحب اللغة الغريبة والاندفاع نحو الشجار، وبين شخصية “اللمبي” التي قدمها محمد سعد ضمن فيلم “الناظر” (إخراج شريف عرفة وبطولة علاء ولي الدين- عرض عام 2000)، وأنتج لها لاحقًا أفلام “اللمبي، اللي بالي بالك، اللمبي 8 جيجا”، بالإضافة إلى مسلسل “فيفا أطاطا” ومسرحية أيضًا.
بالمقابل، وفي حين تتيح التطبيقات الإلكترونية عملية تجاوز بعض المشاهد المعروضة، ويمكن تلافي الحشو من قبل المشاهد نفسه، يمضي العمل بسلاسة نظرًا إلى إيقاع رواية القصة نفسه، والبحث المتواصل عن الإجابة: كيف حصل أن يلتقي ابن بأبيه الميت؟ والإجابة ستحضر في نهاية المسلسل.
في المحصلة، قدم المسلسل كوميديا جيدة ولطيفة لتمضية الوقت، هناك رسائل عن العائلة والتضحية والمحبة بين أفرادها، ليس بالضرورة أن يلقى لها البال على اعتبار أن مكانها الطبيعي لن يكون ضمن مسلسل لطيف كما “خالد نور وولده نور خالد”، باعتباره عملًا كوميديًا لا وعظيًا.