خاض الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب، أول مواجهة شخصية بينهما في دورة انتخابات 2024، في مناظرة أقيمت فجر اليوم الجمعة 28 من حزيران، في مدينة أتالانتا عاصمة ولاية جورجيا الأمريكية.
وفي مناظرتهما التي جرت عبر شبكة “CNN”، بدت الفجوة كبيرة بين الرئيس الحالي البالغ من العمر 81 عامًا، ومنافسه البالغ من العمر 78 عامًا، إذ تفوق ترامب بشكل كبير على بايدن وفق تقييم الصحف الأمريكية.
بايدن ينهار في أول مناظرة
ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن أداء بايدن انهار في أول مناظرة له ضد ترامب ضمن السباق الرئاسي لعام 2024، وكان أداؤه غير مستقر، وقدم نوع الخطاب الذي كان يخشاه الديمقراطيون، إذ افتقر إلى النشاط والقتال.
في المقابل، تمكن ترامب على نحو غير معهود، من الحفاظ على رباطة جأشه خلال عرض مدته 90 دقيقة مليء بالإهانات والتناقضات السياسية.
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مدير المناظرات بجامعة ميشيغان، آرون كال، قوله، “شهد بايدن أسوأ 15 دقيقة افتتاحية لمناظرة رئاسية على الإطلاق”.
وأضاف آرون أن العمر يعد من أهم القضايا التي تشغل أذهان العديد من الناخبين، حيث بدا بايدن أكبر سنًا في العرض الذي قدمه خلال أمسية مرهقة أمام جمهور تلفزيوني كبير.
كان لبايدن أيضًا نصيبه من الزلات، وبينما كان يجيب على سؤال حول الدين الوطني ويبدأ الحديث عن السياسة الصحية، تلعثم وبدا أنه فقد في بعض الأحيان سلسلة أفكاره، في وقت كان يكافح فيه من أجل تهدئة المخاوف بشأن عمره.
وأبرزت الصحيفة أن المنافس ترامب ظل قويًا في عرضه طوال الوقت، وسعى إلى تسليط الضوء على تلعثم بايدن بعد إجابة متعرجة على سؤال حول الهجرة.
بدورها قالت شبكة “CNN” الأمريكية، “كان بايدن أجشًا ونطقه الصوتي محدودًا، وغير قادر في كثير من الأحيان على التعبير عن خلافاته مع ترامب بوضوح، وفي مرحلة ما، بعد أن تراجع بايدن عندما دافع عن سجله في مجال أمن الحدود، قال ترامب، “أنا حقًا لا أعرف ما قاله في نهاية تلك الجملة. ولا أعتقد أنه يعرف ما قاله أيضًا”.
وتابعت “CNN”، “كثيرًا ما كانت الكلمات تتداخل مع بعضها البعض خلال حديث بايدن في المناظرة، وكان يتعثر خاصة عندما حاول الاستشهاد بالإحصاءات والتشريعات، ونادرًا ما كان يرفع صوته لتأكيد نقاط مهمة”، مضيفة، “فاتته الفرص لمهاجمة ترامب بسبب جهوده لقلب انتخابات 2020، وتعييناته في المحكمة العليا التي أدت إلى إلغاء حماية حقوق الإجهاض”.
ترامب اعتمد على الأكاذيب
في المقابل كرر ترامب في بعض الأحيان إنكاره للانتخابات، وقال إنه سيقبل نتائج انتخابات 2024 إذا كانت “عادلة وقانونية”، لكنه كرر بعد ذلك أكاذيبه حول الاحتيال في انتخابات 2020، وفق ما ذكرت “CNN”.
واتخذ الصراع بينهما منعطفًا مريرًا وشخصيًا، فقد سلط بايدن الضوء على الإدانات الجنائية لترامب، ليرد الأخير بالاستعانة بابن بايدن، هانتر، الذي أدين مؤخرًا أيضًا.
ثم اتهم بايدن ترامب بممارسة الجنس مع ممثلة الأفلام الإباحية، ستورمي دانييلز، بينما كانت زوجة ترامب حاملًا، لكن دونالد أنكر ذلك قائلًا، “لم أمارس الجنس مع نجمة إباحية”.
وكانت هجمات بايدن على ترامب متفاوتة بالمثل، وكان يكافح من أجل التحقق من أكاذيب الرئيس السابق، وقال بايدن لترامب، “أنت شخص متذمر، وخسرت في المرة الأولى، كل ما قلته كان كذبًا، لم أسمع في حياتي مثل هذا القدر من السوء”.
بايدن لترامب: أنت الأحمق
طوال المناظرة كانت استراتيجية بايدن الهجومية تتمثل في استخدام جمل قصيرة مرارًا وتكرارًا لإزعاج ترامب.
وفي نقطة مضيئة محتملة لبايدن، سلط الرئيس الضوء على تقرير نشرته مجلة “The Atlantic ” عام 2020، مفاده أن ترامب أشار إلى قتلى الحرب الأمريكيين على أنهم “مغفلون” و”خاسرون”، ونعى ابنه بو الذي توفي بسرطان الدماغ بعد عام قضاه في العراق تعرض فيه لأبخرة سامة.
وقال بايدن، “ابني لم يكن أحمقًا. أنت أحمق. أنت الخاسر”.
ترامب لبايدن: أنت فلسطيني سيء
تطرق بايدن وترامب خلال المناظرة إلى حرب إسرائيل على غزة، وقالت “CNN”، إنه “ليس هناك شك في أن ترامب سيتعامل مع الحرب في غزة بشكل مختلف كثيرًا عن بايدن”.
وقال ترامب، “دعوا إسرائيل تنهي المهمة”، مشيرًا إلى أن بايدن فعل الكثير لكبح جماح الحكومة الإسرائيلية وقصفها العسكري للفلسطينيين في غزة.
ولم يذكر ترامب ما إذا كان سيدعم الدولة الفلسطينية، لكنه أصر على أن هجوم “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس)، في 7 من تشرين الأول الماضي داخل إسرائيل، “لم يكن ليحدث أبدًا لو كان في البيت الأبيض في ذلك الوقت”.
كما هاجم ترامب بايدن مجددًا حيث قال، “أصبح مثل الفلسطينيين، لكنهم لا يحبونه لأنه فلسطيني سيء”، ربما كان هذا القصد بمثابة سخرية للإشارة إلى أن بايدن مفرط في احترام الفلسطينيين ولكنه أيضًا غير فعال في كسب احترامهم، بحسب “سي إن إن”.
ولم يقدم بايدن الكثير من جانبه، فقد تحدث عن التحالف الوثيق بين أمريكا وإسرائيل، وأشار بشكل خاص إلى أن الولايات المتحدة “تزود إسرائيل بكل الأسلحة التي تحتاج إليها وفي الوقت الذي تحتاجها فيه”.
الديمقراطيون مستاؤون من بايدن
في المقابل قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، “كان أداء الرئيس بايدن متذبذبًا وخاصة في الدقائق الأولى، رغم أنه كان بحاجة ماسة إلى استخدام المناظرة لطمأنة الناخبين المشككين بأنه يتمتع بالقدرة البدنية والعقلية لقيادة الأمة”.
وأضافت الصحيفة، “كان صوت بايدن ناعمًا وخشنًا، وحاول مرارًا وتكرارًا تنظيف حلقه لكنه فشل، كانت إجاباته في بعض الأحيان مشتتة، وفي لحظة ما تجمد. وفي مكان آخر، بدأ الرد على الإجهاض، قبل أن ينتقل فجأة إلى الهجرة”.
وأشارت “واشنطن بوست” إلى أنه “عندما كان ترامب يتحدث، كان بايدن يراقب في كثير من الأحيان وفمه مفتوح وعيناه واسعتان، شاشة مقسمة أعطت انطباعًا بأن بايدن الجد العجوز، وليس الزعيم المتعجرف الذي كان يأمل في إبرازه”.
ظهور بايدن في المناظرة أثار قلق الديمقراطيين، بعدما اتضح لهم أنه كان يعاني من ليلة منخفضة الطاقة، وانتشر القلق بسرعة بين صفوفهم حول ما إذا كان ينبغي أن يظل مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، بينما طالب آخرون من أنصاره بتنحيه عن سباق الرئاسة، وفق ما أفادت “واشنطن بوست”.
بعد المناظرة، قالت عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية السابقة من ولاية ميسوري، كلير مكاسكيل، “كان عليه أن ينجز شيئًا واحدًا وهو طمأنة أمريكا بأنه قادر على أداء وظيفته في سنه، وقد فشل في ذلك الليلة”، مضيفة، “لست الوحيدة التي ينكسر قلبها الآن. هناك الكثير من الناس الذين شاهدوا هذه الليلة وشعروا بالأسف الشديد تجاه جو بايدن”.
وكانت المناظرة بين ترامب وبايدن، هي المرة الأولى التي يتواجه فيها رئيس حالي ورئيس سابق أمام ملايين المشاهدين، في مناظرة تعد الأبكر زمنيًا في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
وفي 10 من أيلول المقبل، تستضيف شبكة “ABC” الإخبارية التلفزيونية، مناظرة انتخابية ثانية بين ترامب وبايدن والتي ستكون من دون جمهور أيضًا، كما حصل في مناظرة اليوم.