الحسكة – مجد السالم
في مخيم “التوينة” (واشوكاني) على بعد 13 كيلومترًا شمال غربي الحسكة، يعيش آلاف النازحين ظروفًا صعبة، ويواجهون حرارة الشمس بخيامهم القماشية وبأدوات بدائية، وسط قلة في المياه ونقص في الموارد والخدمات الأساسية.
وتتجدد المعاناة كل عام في المخيم الذي تديره “الإدارة الذاتية”، ويضم 16876 شخصًا، موزعين على 2377 عائلة، ينحدر معظمهم من مدينة رأس العين وريفها الجنوبي، وكذلك من بلدة أبو راسين وريفها، وقرى محيط تل تمر الشمالي والشمالي الغربي.
مياه شحيحة وصعبة المنال
مع اقتراب المساء يفضل محمد حسين (49 عامًا) من قاطني المخيم الجلوس مع أولاده الثلاثة خارج خيمته التي تحولت إلى ” فرن”، وفق تعبيره، جراء موجة الحر ومثله مئات العائلات.
قال الرجل لعنب بلدي، إن الصيف في المخيم “لا يطاق”، فهناك نقص حاد في المياه، ولا تتوفر كميات كافية للاستخدامات اليومية، مثل الشرب والاستحمام والطهو.
ويعتبر شح المياه من أهم وأكثر المشكلات التي يعاني منها قاطنو المخيم، ومع موجات الحر الشديدة والعواصف الترابية تصبح الحاجة إلى المياه من أجل الاستحمام والنظافة وعمل المكيفات ملحة جدًا.
وأضاف محمد أن سعر تعبئة الخزان سعة 1000 ليتر ارتفع إلى نحو 40 ألف ليرة سورية في حال توفر صهريج لنقل المياه، لافتًا إلى أن أغلب أصحاب الصهاريج لا يردون على الاتصالات لكثرة الطلب.
وذكر أن بعض المقتدرين يدفعون أسعارًا أعلى لأصحاب الصهاريج، ووصلت إلى 100 ألف ليرة، خصوصًا خلال فترة عيد الأضحى (بين 16 و19 من حزيران الحالي).
عمر العلي (51 عامًا) من سكان المخيم، أكد أيضًا أن مشكلة المياه تؤرق الأهالي، وقال إن مخصصات كل شخص من المفترض أن تكون 40 ليترًا من المياه يوميًا من أجل الشرب والاستحمام والغسل والطبخ ودورات المياه.
وأضاف أن هذه الكمية ربما تكون كافية خلال فصل الشتاء، لكن خلال فصل الصيف، تشح المياه، ويزداد الطلب عليها.
تسمم وانتشار حشرات
مشكلة أخرى يواجهها قاطنو المخيم خلال فصل الصيف، وهي انتشار الحشرات والقوارض، وسط مخاوف من لدغات العقارب مع ضعف الخدمات الصحية، حيث توجد جهة واحدة تقدم رعاية طبية “متواضعة” هي “الهلال الأحمر” التابع لـ”الإدارة الذاتية”.
أكد عمر العلي تسجيل عدة إصابات للأطفال في المخيم، كالتسمم وضربات الشمس والإسهال، وفي كثير من الحالات يعالج السكان أطفالهم في العيادات الخاصة خارج المخيم.
وعلى الرغم من وجود اشتراك في “الأمبيرات” داخل المخيم، قال عمر، إن هناك عائلات لا تستطيع الاشتراك ودفع مبلغ 14 ألف ليرة ثمن “الأمبير” الواحد.
ولفت إلى أن بعض العائلات تتشارك لدفع ثمن “الأمبيرات”، وتشغل ثلاجة لحفظ الطعام والحصول على المياه الباردة.
المسابح العامة متنفس للشباب
يعمد الشاب أسامة العلي (23 عامًا) كما قال لعنب بلدي، ومعه عشرات الشبان من المخيم للذهاب إلى المسابح العامة في الحسكة، كوسيلة للهروب من الحرارة المرتفعة في المخيم.
وأضاف أنه يذهب مع أصدقائه عند الساعة العاشرة صباحًا إلى المسابح في مدينة الحسكة، ولا يعودون حتى الساعة السادسة مساء مع انكسار ذروة الحر.
ويواجه هذا الحل بحسب الشاب صعوبات، مثل قلة عدة المسابح في المدينة وخروج بعضها عن الخدمة جراء شح المياه، والمسابح التي لا تزال قادرة على استقبال الزبائن فيها كثافة شديدة من الشباب.
وذكر أن استبدال المياه فيها يكون بعد فترات طويلة، ما يجعل نظافتها سيئة وربما تسبب الأمراض، لكن مع ارتفاع الحرارة لا أحد يركز على موضوع النظافة بشكل كبير، إذ يصبح مواجهة الحر أهم، حسب قوله.
وتبدأ أجور المسابح من 10 آلاف ليرة للشخص الواحد وحتى 25 ألف ليرة سورية حسب المسبح وجودته.
ويعيش النازحون في المخيم أزمات متتالية ومتجددة بتغير الفصول، وذلك منذ نزوحهم بعد عملية “نبع السلام” عام 2019، التي نفذها “الجيش الوطني السوري” بدعم تركي على مدينتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة.
وفي 15 من حزيران الحالي، قال الرئيس المشارك لمجلس إدارة مخيم “واشوكاني”، برزان عبد الله، إنه مع قدوم المفوضية السامية للاجئين وتبنيها المخيم بداية عام 2023، بدأت منظمة الصحة العالمية معها بالنشاط في المخيم، واستقبال الحالات الطبية التي كانت تقيّمها بالحرجة جدًا أو بالمصطلح المتعارف عليه طبيًا “حالة ساخنة”.
وذكر أن المنظمة أخبرتهم، في آذار الماضي، أنها ستنسحب من المخيم بسبب “تدني الميزانية المالية لدى المنظمة”.