اللاذقية – ليندا علي
تغيب وسائل التبريد والتكييف عن معظم المنازل في مدينة اللاذقية وضواحيها، نتيجة التقنين الكهربائي لمدة 20 ساعة يوميًا، إذ عاش الأهالي أيامًا قاسية خلال موجة الحر الأسبوع الماضي، حيث تجاوزت الحرارة الـ40 درجة، فيما وصلت الحرارة المحسوسة إلى 44 درجة نتيجة الرطوبة العالية في المدينة الساحلية.
حسام (34 عامًا)، وهو موظف حكومي، أرسل زوجته وأطفاله الثلاثة إلى قريتهم بالقرب من منطقة صلنفة، هربًا من الحر الشديد الذي تسبب بحساسية لأحد أطفاله، نتيجة التعرق والحر، إلا أنه لم يستطع الذهاب معهم لرفض مديره منحه إجازة.
وسرعان ما لحق بهم في عطلة نهاية الأسبوع، قبل أن يعود مجددًا إلى “الساونا” كما وصف منزله في ضاحية سقوبين بمدينة اللاذقية.
فكر حسام بشراء مروحة تعمل على البطارية، وحين عرف ثمنها عدل عن الفكرة تمامًا، إذا يصل سعرها إلى 800 ألف ليرة سورية، وهو الحد الأدنى لسعر مراوح البطارية.
وهناك نوع ثانٍ بـ450 ألف ليرة، لكن “شفراتها” غير محمية، ما يجعل الخطر كبيرًا على أطفاله، وفق ما قاله لعنب بلدي.
أما عابدين (45 عامًا) فليس لديه أي أقارب في القرى، ولم ينجح بالفرار من الحر سوى مع غياب الشمس، بحسب ما قاله لعندي بلدي، حيث يأخذ عائلته في نزهة إلى المناطق الشعبية في الكورنيش الجنوبي، ويبقون فيها حتى ساعة متأخرة، قبل أن يعودوا إلى المنزل الذي لا يستطيعون فتح نوافذه خوفًا من الحشرات و”البق”، فالشباك العازلة متهالكة، ولم يستبدلها هذا العام بعد.
حسام وهو بائع خضار في سوق “قنينص”، كان يبلل منشفة بالمياه ثم يضعها فوق رأسه في محاولة لتخفيف شدة الحرارة، وهي الطريقة التي كررها في المنزل، بينما دفع أكثر من 50 ألف ليرة خلال ثلاثة أيام ثمن أكياس ثلج سعر الواحد منها خمسة آلاف ليرة.
ولجأ كثير من أهالي اللاذقية إلى الاستحمام السريع لعدة مرات في اليوم الواحد، لكن هذا الخيار يعتبر ترفًا بالنسبة للكثيرين في مدينة جبلة، وأحياء بسنادا والدعتور والرمل الشمالي والزقزقانية، نتيجة صعوبة الحصول على مياه بسبب التقنين الكهربائي، فأزمة المياه لم تحلّ بعد في المحافظة.
أمضت سامية (29 عامًا)، وهي مهندسة اتصالات تعمل في إحدى المؤسسات الحكومية بمدينة جبلة، ليلها وهي تهوي بكرتونة على جسد طفلها الذي لم يتجاوز العام والنصف، في محاولة لجعله ينام بهدوء، فالحر الشديد والرطوبة العالية تسببا باستيقاظه المتكرر من النوم، كما أنه توقف عن تناول الطعام بشهيته المعتادة، وحين سألت الطبيبة أخبرتها بأن الحر الشديد سبب رئيس.
ولم يكن غريبًا أن الذهاب إلى البحر هو آخر الخيارات المتاحة أمام سكان المحافظة الساحلية، حتى إلى الشواطئ الشعبية التي لا تتطلب رسم دخول كونها غير مخدمة كما الحال في موقع الصنوبر، وذلك بسبب ارتفاع أجور النقل، فيما تمكن بعض سكان المنطقة من أخذ أطفالهم للسباحة.
المعاناة الكبرى كانت من نصيب طلاب الجامعة، الذين انتظروا باصات اللاذقية- جبلة لساعات طويلة، مستعينين بفيء الأشجار في كراج جبلة قرب السكن الجامعي.
نايا (19 عامًا)، طالبة بكلية الهندسة الزراعية بجامعة “تشرين”، قالت لعنب بلدي، إنها أوشكت على الإغماء بسبب درجات الحرارة، قبل أن تنجح بحشر نفسها في أحد الباصات، التي ما إن تتم رؤيتها حتى يسارع الجميع للركض على أمل الوصول إلى المنزل أخيرًا.
وتتجدد أزمة النقل في محافظة اللاذقية باستمرار، وتزداد حدة يوم الخميس، ويصبح من شبه المستحيل إيجاد باص خلال مدة قصيرة، وعلى الركاب الانتظار لأكثر من ساعتين على الأقل.
رئيس الجمعية الفلكية السورية، عبد العزيز سنوبر، قال لإذاعة “شام إف إم“، في 6 من حزيران الحالي، إن شهر آب المقبل سيكون الأكثر حرًا في التاريخ، وقد تصل درجات الحرارة فيه إلى 45 درجة.
وأشار إلى أن نسبة الرطوبة تعطي شعورًا أعلى بالحرارة، وحين تكون درجتها 40 درجة مئوية تكون المحسوسة 44 درجة.
وسيعاني السوريون من ارتفاع درجات الحرارة، دون أي وسائل لمواجهتها بغياب الكهرباء، في حين لن تتعدى الوسائل المتوفرة لتخفيف الحر شراء كيس من الثلج.