منذ أعوام.. فصائل في “الجيش الوطني” تحرم سوريين من منازلهم
“كسروا باب منزلي ولم يسمحوا لوالدتي الدخول إلى المنزل”، بهذه العبارة بدأ محمد الرجل الخمسيني الحديث عن استيلاء “فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) التابعة لـ”لجيش الوطني السوري” على منزله في مدينة عفرين شمالي حلب.
محمد اللاجئ في تركيا منذ عام 2015 ليس الوحيد الذي واجه مشكلة الاستيلاء على منزله، فمنذ بدء عملية “غصن الزيتون” التي نفذتها تركيا في عفرين عام 2018، وعملية “نبع السلام” في القطاع الممتد بين مدن تل أبيض ورأس العين عام 2019، نزح مئات الآلاف من سكان المناطق من منازلهم، وفق تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”.
تعرض 36 شخصًا قابلتهم المنظمة بالتعاون مع “لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا” التابعة للأمم المتحدة وغيرها من منظمات حقوق الإنسان لانتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية.
كما وثقت العديد من المنظمات الحقوقية السورية والدولية انتهاكات شملت النهب والسرقة فضلًا عن الاستيلاء على الممتلكات والابتزاز وفشل محاولات المساءلة والحد من الانتهاكات.
“منعت من الدخول”
تستمر عمليات النهب والسرقة والاستيلاء على الممتلكات في مناطق عفرين وتل أبيض ورأس العين التي تقع تحت النفوذ التركي، في ظل مطالبة المنظمات الدولية تركيا بالالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وضمان حقوق أصحاب الأملاك والعائدين، إضافة إلى تعويضهم عن مصادرة ممتلكاتهم واستخدامها بشكل غير قانوني، وعن أي ضرر ناتج عن ذلك.
محمد (تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إن عناصر من “فرقة السلطان سليمان شاه” عند عودة والدته إلى عفرين بعد نزوحها لأقل من شهرين لقرى مجاورة إثر عملية “غصن الزيتون” كانوا قد فرضوا سيطرتهم على المنزل، وعند محاولتها الدخول منعوها عبر استخدام القوة وبحجة أنها وحيدة ويجب أن يقيم بالمنزل عائلة.
في الوقت نفسه، أفاد محمد بأنهم لم يسمحوا لوالدته أخذ إلا ملابسها من المنزل، وأجبرت على البقاء عند الجيران لنحو شهر حتى استطاعت الانتقال لمنزل ابنتها، وبعد أكثر من ست سنوات لا يزال محمد غير قادر على استرجاع منزله بسبب الاستيلاء عليه وخطورة المنطقة وعمليات الخطف والابتزاز وغيرها من المعوقات التي تقف أمامه، وفق قوله.
وسيطر “الجيش الوطني السوري”، مدعومًا بالجيش التركي ضمن معركة “غصن الزيتون”، على مدينة عفرين، عقب معارك خاضها ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، انتهت في 18 من آذار عام 2018، وأدت العملية العسكرية إلى نزوح أكثر من 137 ألف شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
خمس سنوات
“عند وقوع عملية (نبع السلام) عام 2019، كان الخوف يسيطر على الجميع في مدينتي تل أبيض ورأس العين حيث كان الجميع يركض بشكل جنوني مع أصوات البكاء والصراخ، ليصبح خيار مغادرة المنطقة أمرًا محتومًا لا فرار منه بالنسبة لعائلة أحد أبناء مدينة رأس العين.
الرجل الخمسيني (فضل عدم ذكر اسمه لمخاوف أمنية) قال لعنب بلدي، إنه غادر منزله مع جاره إثر العملية إلى قرية تل تمر شمالي الحسكة في 9 من تشرين الأول 2019، وكانت المرة الأخيرة التي استطاع فيها رؤية منزله.
وبعد إقامة الرجل وعائلته المكونة من أربعة أشخاص لدى أقاربه لأيام ومن ثم استئجاره منزله الحالي في مدينة الحسكة، تواصل مع بعض الجيران الذين بقوا في المدينة، ليُصدم بأن منزله استولي عليه.
وتابع أنه علم بأن منزله تم الاستيلاء عليه من قبل أشخاص كانوا يقودون سيارات وقفت أمام باب المنزل تحمل رايات كتب عليها “السلطان مراد” وتعود لفرقة “السلطان مراد” التابعة لـ”الجيش الوطني السوري”.
بعد الاستيلاء والسكن بمنزل العائلة من قبل عائلة تسمى “الشيباني”، سرق كامل أثاث منزله ولا يعلم حتى الآن كيف يمكنه استرجاع ملكيته أو إخراج المستولين على المنزل، وقال لعنب بلدي، إنه لم يستطع خلال خمس سنوات استرجاع منزله خاصة أن المحاكم الموجودة بالمنطقة “غير عادلة”.
التسمية القانونية لهذا التصرف من غصب منزل أو ممتلكات تدعى “غصب العقار“، وبعض الكتب القانونية تسميه “وضع اليد غير المشروع”.
وتدار مدينتا رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا من قبل تركيا، وتدار المؤسسات الخدمية فيها عبر مركز ولاية أورفا التركية.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، إذ يعتبر منفذها الوحيد نحو الخارج هو الحدود التركية المغلقة أمام حركة المدنيين منذ عدة سنوات.
منصة “بيتي”
أطلقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” منصة “بيتي“، في 29 من أيار الماضي، وتهدف إلى تعميم المعرفة حول حقوق الملكية بشكل مبسط باستخدام المحتوى المرئي والنصي، وتستهدف بشكل خاص أصحاب العقارات الذين يفتقرون إلى الخبرة أو الأهلية القانونية في هذا المجال.
مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، قال لعنب بلدي، إن للتوثيق أشكالًا منها تثبيت ملكية العقار أو توثيق انتهاك تعرض له عقار الشخص أو بغرض توثيق الانتهاكات لتستخدم بآليات دولية ضد الجهات التي انتهكت حقوق الملكيات، ومن الضروري فهم الغاية قبل التواصل مع منصة “بيتي”.
وتابع الأحمد أن المنظمة ترغب بالبداية فهم حالة التوثيق التي يرغبها الأشخاص، ومن ثم ستوفر خطة التوثيق والشكوى ضمن تعبئة استمارة تقنية ولكن بسبب المعرفة من تجارب سابقة أن الاستمارة تحتاج الكثير من الوقت اعتمدوا على خيار “اتصل بنا” بشكل مبدئي لتحديد التوثيق المطلوب.
وتسلط منصة “بيتي” الضوء على مفهوم حقوق الملكية والنصوص القانونية المحلية والدولية التي تتحكم بهذه الحقوق مع توثيق الانتهاكات التي تتعرض لها الممتلكات بأشكالها المختلفة وحماية حقوقها وحقوق أصحابها، وفق الأحمد.
وأوضح مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” لعنب بلدي أن المنصة ستغطي جميع مناطق السيطرة في سوريا مع التركيز على المناطق الشمالية بشكل أساسي، بسبب رصد قلة متابعة انتهاكات حقوق الملكية بهذه المناطق ولعدم تكرار ما عملت عليه باقي المنظمات الحقوقية بمناطق أخرى.
وقدمت منصة “بيتي” دليلًا مختصرًا للتعامل مع انتهاكات حقوق الملكية في سوريا يقدّم تعريفًا لمفهوم حقوق الملكية إضافة إلى إدراج توصيات وإجراءات يمكن للأفراد والمنظمات المعنية والمبادرات المحلية اتباعها لحماية حقوق الملكية والحفاظ عليها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :