الشتاء الروسي في حلب
مصطفى الخليل
لاشك أننا، مع الانسحاب الروسي، على أعتاب مرحلة جديدة وكل المؤشرات تدل على ذلك وحجم اﻷخطار المحدقة كبيرة واﻷمل بالله أكبر، لكن علينا أخذ الحذر والحيطة.
على هذه الأرض أناس تملأ القضيةُ كيانَهم ووجوههم، أناس يرفضون الاستسلام يموتون ويموتون، هكذا هم “غرباء”، أناس اجتمع عليهم العالم وهم صامدون ومتعبون إلا من طريق الحرية الحمراء.
صقيع بارد وشتاء قارس، وليلٌ مقبلٌ حالكٌ شديد الظّلمة شديد السَّواد إلا من دماء الشهداء، وطائرات روسية قاتلة. لا يمر يوم إلا ويرحلُ كريم، رحيلًا أصاب الروح قبل الجسد، هكذا كان شتاء حلب.
لم نكن ندري يا ابن ثورتي اليتيمة أن المعركة قاسية، قاسية حد الفناء، الألوان كلها لا تكفي ولا الحروف كلها، تترك حلب وحيدة تقاتل الأعداء كما الثورة اليتيمة إلا من أبناءها، تقاتل حثالة العالم من الروس والمليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية والأفغانية.
تركت حلب وتركت بلداتها تقاوم، فقد تعرضت قرية رتيان لقصف عنيف لم تشهده الثورة من قبل، ودمرت عشرات الغارات الروسية القرية ومسحتها عن وجه الأرض، وبقيت تقاوم برد الشتاء وظلمة الليل وهدير الطائرات الحربية الروسية التي لم تفارق الأجواء وكأنها القيامة.
اجتمعت الدنيا كلها فوقنا ولكن الله فوقهم، كنا بواحدة فأصبحنا بسرب من الطائرات الحربية تستبيح البلاد شرقها وغربها، هذا كان حالنا ونحن ننظر إلى طائرات بوتين، لكن ردنا “فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا”.
لم ينتهِ الشتاء بعد رغم أن الروس ينسحبون، لن أنسى تلك الأيام والليالي في الأشهر التي عشناها تحت القصف الروسي، تلك الليالي التي ذهب فيها الطيب صالح الكفو (فلفول) منغمسًا على أعداء الوطن في قرية باشكوي، في نفس الليلة التي رحل فيها الشيخ زهران علوش، عمود الثورة العالي، ليلة كانت ثقيلةً على الأرض والبلاد.
عشرات الغارات الحربية كل دقيقة وكل يوم، بلغت القلوب الحناجر، لكن الثورة بقيت صامدة رغم كل المحن والشدائد التي مرت عليها، والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
*مصطفى الخليل، مقاتل في الجيش الحر بحلب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :