كشف تحقيق أجراه “المجلس السوري- البريطاني” عن جرائم تعذيب، واعتقالات نفذها “الاتحاد الوطني لطلبة سورية” بين عامي 2011 و2013.
ونشر المجلس اليوم، الأربعاء 19 من حزيران، تحقيقًا حول أدوار الاتحاد في قمع المظاهرات في الجامعات السورية.
واعتمد التحقيق الذي نشره المجلس، على مقابلات معمّقة مع 17 شاهدًا وثلاث شاهدات، بينهم طلاب سابقون وأعضاء في الهيئات التدريسية وأعضاء من الاتحاد نفسه.
واستمر التحقيق لـ14 شهرًا، بين شهري أيلول 2022 وتشرين الثاني 2023، وركز على الانتهاكات التي ارتكبت بين شهري آذار 2011 وحتى نهاية عام 2013.
“المجلس السوري- البريطاني”
يعرف المجلس نفسه بأنه “هيئة مناصرة سورية مقرها في بريطانيا”، تعمل على إنشاء قناة اتصال بين السوريين المقيمين في الشتات وإيصال أصواتهم للحكومة البريطانية وأعضاء البرلمان.
وأنشأ المجلس وفق موقعه الرسمي في عام 2019.
وجاء نشر التحقيق بالتزامن مع الاستعداد لمشاركة وفد رياضي سوري في “أولمبياد باريس 2024″، برئاسة عمر العاروب، وفق بيان نشره المجلس وتلقت عنب بلدي نسخةً منه اليوم.
والعاروب هو نائب رئيس “الاتحاد الرياضي العام”، ورئيس اللجنة الوطنية السورية للألعاب البارالمبية في “اتحاد الرياضي العام”، الذي يعدّ بدوره أعلى سلطة رياضية في سوريا.
ويتهم العاروب بتورطه بارتكاب جرائم خلال عمله في الاتحاد الوطني لطلبة سوريا، إذ شغل منصب عضو قيادة فرع “الاتحاد” في مدينة حلب بين عامي 2000 و2010، ومن ثم رئيسًا للفرع، وعضوًا للمكتب التنفيذي للاتحاد، بصفة رئيس لمكتب العمل الوطني والتطوعي حتى عام 2019.
وهو نائب قائد “كتائب البعث”، بحسب ما يُعرّف عنه الموقع الرسمي لـ”اللجنة الأولمبية السورية”.
واعتبر البيان أن “اتحاد طلبة سورية”، يستخدم حاليًا كأداة لتلميع وتحسين حكومة النظام السوري في الخارج.
“الاتحاد الوطني لطلبة سوريا”.. أسهم باعتقال الطلاب ويمثّلهم في محافل دولية
اعتقالات وتعذيب
في آذار 2011، اندلعت مظاهرات واسعة في مدن وبلدات سورية، طالبت برحيل النظام السوري ورئيسه بشار الأسد.
وحاول حينها طلاب في جامعات سورية الخروج بمظاهرات والمشاركة في الاحتجاجات، وكان أبرزها جامعة حلب، التي حملت إحدى أيام التظاهر اسمها.
دفع النظام السوري بقوى الأمن إلى الشوارع لمواجهة المظاهرات، ثم قوات الجيش، وسرعان ما انخرط “الاتحاد الوطني لطلبة سورية” في قمع المظاهرات.
ووفق التحقيق شارك الاتحاد لعمليات القمع ونفذ اعتقالات تعسفية، قائمة على “وجود شك في المشاركة بأنشطة مناهضة للنظام”.
كما مارس عمليات تعذيب للطلاب، عبر الضرب والصعق الكهربائي، والإساءات اللفظية والنفسية، وانتهاكات جنسية وأخرى على أساس طائفي.
وفق الشهادات التي نشرها التحقيق، تعاون الاتحاد مع أجهزة الأمن السورية، وكانت جرائمه جزءًا من حملة قمع واسعة شنها النظام السوري.
وتعد هذه الاتهامات جرائم ضد الإنسانية، وفق المادتين 7 و8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
واعتمد التحقيق على الشهادات المباشرة والتجارب التي تعرض لها الشهود بأنفسهم، ولا يقدم صورة كاملة للجرائم المرتكبة.
وفي 2012، شكّلت في جامعة حلب، مجموعة عسكرية على علاقة وطيدة مع الاتحاد حملت اسم “كتائب البعث”، ثم شكّلت مجموعات مماثلة ضمن جامعات أخرى.
ومنح أعضاء الاتحاد في جامعة دمشق صلاحيات واسعة لضمان قمع الروح المناهضة للنظام السوري في الحرم الجامعي.
كما شاركوا في حملات قمع وحضروا كمشاركين أو متفرجين، جلسات استجواب وتعذيب ضد الطلاب في مكتب تابع للاتحاد.
ونقل التحقيق عن الشهود قولهم، إن الاتحاد هو الجهة الرئيسية المسؤولة عن المراقبة وحفظ الأمن في الحرم الجامعي، كبديل عن قوات الأمن، التي كانت تدخل ضمن حالات محددة.
وتشمل الحالات قمع مظاهرة ما أو اعتقال طالب، وحصل الاتحاد على أسلحة شملت المسدسات في بعض الحالات، وهراوات خشبية وعصي صعق كهربائي.
وسيّر الاتحاد دوريات مراقبة لباحات الجامعات وقاعات المحاضرات ومراقبة أنشطة الطلاب عبر الإنترنت، والتدقيق على هويات الطلاب وتفتيش الحقائب.
وكان النمط العام للهجمات يأتي عبر تطويق المحتجين وشتمهم بألفاظ نابية ثم مهاجمتهم، واعتقالهم وضربهم داخل مكاتب معينة أو في غرف تعذيب داخل الحرم الجامعي، وفي وجود قوات أمن بالزي العسكري الرسمي.
كما رفع تقارير أمنية عن الطلاب والأساتذة وموظفي الجامعات إلى إدارة الجامعة أو الأجهزة الأمنية.
ووفق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، اعتقلت قوات الأمن السورية أكثر من 35 ألف طالب بين عامي 2011 و2013
ما “اتحاد طلبة سورية”
نفذ “حزب البعث العربي الاشتراكي” انقلابًا عسكريًا في عام 1963، حصل بموجبه على السلطة في سوريا.
سرعان ما دبّت الخلافات بين البعثيين أنفسهم، وتحديدًا بين القيادات السياسية والعسكرية، ما أدى لتنفيذ حملة اعتقالات واسعة لعدد من رموز الحزب، وهو ما عرف بـ”انقلاب 1966″.
وفي ذلك العام، تأسس “الاتحاد الوطني لطلبة سورية” بمرسوم تشريعي حمل رقم 130، وأصبح الاتحاد الجديد “الممثل الوحيد للطلبة الجامعيين في سوريا”.
واستمر الاتحاد بالعمل تحت مظلة “حزب البعث”، المستمر بحكم سوريا إلى اليوم، حتى أصدر بشار الأسد في كانون الثاني الماضي، قانونًا ينص على استقلال الاتحاد ماليًا وإداريًا.
وظل “الاتحاد الوطني” لسنوات مشرفًا على “معسكرات التدريب الجامعي” للطلاب حتى قرار حل مراكز التدريب التي تدير المعسكرات في عام 2015، إلى جانب اتهامه بتجنيد الطلاب لمصلحة الأجهزة الأمنية.
كما شكّل الاتحاد جزءًا من العملية التعليمية الجامعية في سوريا، تحت مظلة قانونية رسمها قانون “تنظيم الجامعات” الصادر في عام 2006.
في 2020، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة ضد شخصيات عسكرية وحزبية تابعة للنظام السوري.
وشمل القرار حينها الرئيس السابق للاتحاد، محمد عمار ساعاتي، الذي قاد منظمة “سهّلت انضمام طلاب الجامعات لميليشيات يدعمها الأسد”.
وفي العام نفسه، استبدل ساعاتي بدارين سليمان، التي ادّعت عملها على محاسبة كل من تحقق الاتحاد بضلوعه بانتهاكات ضد الطلاب.
وترأست سليمان المكتب التنفيذي للاتحاد، وكانت عضوًا في اللجنة المصغرة للجنة الدستورية في وفد النظام السوري 2019.