الحسكة – ريتا أحمد
تواجه معظم أجزاء محافظة الحسكة أزمة مياه حادة منذ سنوات، لكن وقعها على حياة السكان زاد مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة منذ أكثر من أسبوع، تزامنًا مع سلسلة من الأزمات المتعاقبة في القطاع نفسه بمدن وبلدات الحسكة.
أحد العوامل التي أدت إلى تفاقم أزمة المياه منذ نحو أسبوع، كان قلة عدد صهاريج الماء واستغلال أصحابها للوضع الراهن من خلال رقع الأسعار، إذ بلغ سعر خمسة براميل من الماء أكثر من 50 ألف ليرة سورية.
وبسبب الأزمة القائمة، يضطر السكان لشراء المياه من الصهاريج التي تنقل غالبًا مياهًا غير نظيفة وغير موثوقة المصدر، إضافة إلى ذلك، تعاني مياه شبكات التوزيع والصهاريج من ارتفاع نسبة الكالسيوم، ما ينعكس سلبًا على صحة السكان.
انقطاع الكهرباء يزيد المشكلة
أزمة المياه في مدن الحسكة زادت من حدتها مشكلة انقطاع الكهرباء، فعندما تُضخ المياه إلى الأحياء السكنية تكون الكهرباء في الغالب مقطوعة، ما يحرم السكان من إيصال الماء للخزانات بمنازلهم.
وفي الوقت نفسه، تُضخ المياه لفترة لا تتجاوز الساعة، ما يجعل السكان ممن لا يمتلكون مولدات للكهرباء عاجزين عن استجرار المياه إلى الخزانات باستخدام مضخات المياه التي تعمل بالكهرباء (شفاطات الماء).
قالت صفاء كنجو (41 عامًا)، المقيمة في حي الكورنيش بمدينة القامشلي، إنها وآخرين من سكان المنطقة يعانون من انقطاع المياه منذ أكثر من ثمانية أيام، مشيرة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة زدات من حاجتهم للمياه، وهم عاجزون عن الوصول إليها.
وأضافت أن المياه كانت تصل سابقًا في وقت متأخر من الليل عندما تكون الكهرباء مقطوعة، ما يضطرهم لتشغيل مولدات الكهرباء لملء خزان المياه، لكن الآن، منذ ثمانية أيام، لم تصل المياه إلى الحي، ما يجبرهم على شراء مياه الصهاريج للاستخدام اليومي والمياه المغلفة للشرب، لأن مياه الصهاريج غالبًا ما تكون غير صالحة للشرب.
من جانبه، قال سهيل عبد الرحمن البالغ (33 عامًا) ويقيم في حي المصارف بمدينة القامشلي، وهو موظف لدى “الإدارة الذاتية” صاحبة السيطرة على المنطقة، إن أزمة المياه هي حديث الشارع منذ نحو أسبوع.
وأضاف أن الجميع يطرح نفس السؤال: “هل تمكنت من العثور على صهريج ماء اليوم؟”.
وبلغت تكلفة الحصول على صهريج الماء 50 ألف ليرة سورية، رغم أن بلدية المنطقة التابعة لـ”الإدارة الذاتية” حددت سعر تعبئة خمسة براميل بـ20 ألف ليرة.
سهيل قال أيضًا لعنب بلدي، إن أصحاب الصهاريج لا يتعاونون مع الأهالي، بل يزيدون من حدة الأزمة ويستغلون الوضع.
وأضاف أن ثمن صهريج الماء يفوق قدرته المالية، لدرجة أنه يحتاج إلى راتب إضافي لتعبئة المياه إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
مصادر مياه الحسكة
تستمد محافظة الحسكة مياهها من ثلاثة مصادر رئيسة هي: محطة “الهلالية” القريبة من قرية نافكور غرب القامشلي، ومحطة “عويجة” بالقرب من المنطقة الصناعية، ومحطة “جقجق”.
تعتبر محطة “الهلالية” المصدر الأبرز لمدينة القامشلي، وهي أكبر مدن المحافظة، حيث تحتوي على 510 آبار، وتؤمّن مياه الشرب لنحو 80% من سكان المدينة.
ومؤخرًا، أدخلت المؤسسة العامة لمياه الشرب ثلاث آبار جديدة في وحدة مياه مدينة الدرباسية إلى الخدمة، وذلك بعد إجراء عمليات إصلاح وصيانة لهذه الآبار بدعم من منظمة إسبانية.
أيضًا تغذي محطة “علوك” مدينة الحسكة وريفها بالمياه، وتعتبر المصدر الرئيس لحوالي 460 ألف نسمة في مدينة الحسكة وتل تمر ومخيمي “الهول” و”العريشة”.
وإلى جانب نقص المياه، تعاني شبكة خطوط المياه في الحسكة من قلة في الصيانة وتعد قديمة ومتهالكة، وحتى في حال وصول المياه فإنها تأتي ملوثة ومختلطة بالشوائب والأتربة، ويحتاج الأهالي إلى تركيب “فلاتر” لاستخدامها، وهي مكلفة أيضًا.
وترجع “الإدارة الذاتية” أسباب نقص المياه والكهرباء والمحروقات في مناطق سيطرتها إلى الاستهدافات الجوية التركية التي تطال المنطقة بين الحين والآخر.