محرومون منها طوال العام..
سوريون ينتظرون عيد الأضحى لتناول اللحوم
عنب بلدي – جنى العيسى
تنتظر خولة (45 عامًا) حصص اللحمة التي يوزعها المضحون في عيد الأضحى من كل عام، إذ تطبخ لعائلتها على مدار أشهر لاحقة طبخات تتطلب كميات جيدة من اللحمة لا تكفيها فقط أوقية أو اثنتان تشتريها خارج هذه الأشهر.
يحصل زوج خولة، وهو موظف حكومي، على راتب قدره 550 ألف ليرة سورية، ما يعادل سعر كيلوغرام ونصف فقط من لحم الغنم، موضحة أن تشتري اللحمة عند الضرورة فقط وبحسب الطبق الذي ستعده إن كان من غير المناسب تعويض اللحمة ببديل عنها.
لا تعرف خولة كمية اللحوم المتوقع أن تصلها خلال هذا العيد، موضحة أنه خلال السنوات الماضية قلت الكميات كثيرًا نظرًا إلى تراجع أعداد المضحين بسبب الغلاء والفقر.
الكيلو يقارب الحد الأدنى للأجور
يصل متوسط سعر مبيع كيلو لحم الغنم في سوريا لنحو 350 ألف ليرة سورية (حوالي 25 دولارًا أمريكيًا)، وهو ما يقارب الحد الأدنى للرواتب في معظم مناطق السيطرة.
ويبلغ الحد الأدنى للأجور في مناطق سيطرة النظام 279 ألف ليرة سورية (20.5 دولار)، وتتراوح الرواتب الحكومية في مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ” بإدلب بين 80 و110 دولارات.
بينما يصل الحد الأدنى للرواتب في مناطق شمال شرقي سوريا حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” إلى مليون ليرة سورية (71.5 دولار)، ويتراوح الحد الأدنى لرواتب الموظفين في مناطق سيطرة “الحكومة السورية المؤقتة” بريفي حلب الشمالي والشرقي وتل أبيض ورأس العين بين 35 و59 دولارًا أمريكيًا.
يشكّل ارتفاع أسعار المواشي والتقلبات في أسعار الأعلاف السبب الرئيس لغلاء أسعار اللحوم، تزامنًا مع ضعف القدرة الشرائية لدى الأهالي مع عدم قدرة كثيرين على مجاراة الغلاء الذي بات يشمل معظم السلع.
ومع ارتفاع أسعار اللحوم، تبحث العديد من العائلات السورية في مناطق سيطرة النظام عن بدائل للحوم، لاستخدامها في وجباتها اليومية، بسبب عدم قدرتها على شرائها لارتفاع أسعارها.
ولا يسمح الدخل المحدود للعديد من العائلات بشراء لحم الغنم، ما يدفعها لاستخدام الزيوت والسمن ونكهات اللحم “الماجي” (مكعبات مرق الدجاج) لإضفاء طعم اللحم على الطبخات التي تعدّها.
فرصة لتناول اللحوم
منذ عيد الأضحى الماضي، اشترى عبد الله (52 عامًا)، عامل لدى مطعم مأكولات شعبية في حي السجن باللاذقية، اللحم حوالي ثلاث مرات فقط، موضحًا أنه يشتريه حسب المتوفر معه من النقود مثلًا بـ20 ألفًا أو 30 ألف ليرة.
يعتبر عبد الله عيد الأضحى فرصة كبيرة لتناول اللحوم، رغم قلة عدد الأضاحي التي تصل العائلات مقارنة بالحال قبل سنوات.
ويعتقد الرجل الخمسيني أنه في ظل الظروف الحالية لا أحد يذبح أضحية إلا إن كان تاجرًا كبيرًا أو مغتربًا، موضحًا أنه منذ خمس سنوات على الأقل أصبح من كان يشتري أضحية كل عام، تجوز عليه الصدقة هذا العام، وفق تعبيره.
خديجة (60 عامًا) من سكان جلين في ريف درعا الغربي، قالت لعنب بلدي، إن عيد الأضحى فرصة لتناول اللحوم، إذ تحصل في كل عيد ما يقارب الخمس حصص، يتراوح وزن الحصة ما بين نصف الكيلو والكيلو.
تتكون عائلة خديجة من حوالي تسعة أفراد بين أولاد وأحفاد، ويعمل اثنان من أفراد أسرتها في أعمال المياومة الزراعية بأجرة لا تتعدى 30 ألف ليرة سورية.
لم تدخل اللحمة إلى بيت خديجة منذ العيد الماضي، بسبب غلاء أسعارها، إذ تستخدم بدائل عنها كلحوم الدجاج.
ووفق عدة مصادر محلية تواصلت معها عنب بلدي، أصبحت الأضاحي محصورة بالأغنياء وممن لهم مغتربون، إذ لا يقل سعر الأضحية عن أربعة ملايين ليرة سورية، وهو مبلغ يصعب تأمينه بالنسبة لعائلات تحاول تأمين قوت يومها فقط بصعوبة.
ربع السوريين فقراء
يعيش أكثر من ربع السوريين في فقر مدقع، بعد 13 عامًا من الحرب التي أدت إلى أزمات اقتصادية متلاحقة وجعلت ملايين السكان عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الرئيسة، وفق تقرير صادر عن البنك الدولي نهاية أيار الماضي.
ووفق التقرير، أدى أكثر من عقد من النزاع إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية، مشيرًا إلى أن حوالي 5.7 مليون نسمة أي 27% من السوريين يعيشون في فقر مدقع.
على الرغم من عدم وجود الفقر المدقع فعليًا قبل عام 2011، لكنه طال أكثر من واحد من كل 4 سوريين عام 2022، وربما زاد حدة وشدة بسبب الآثار المدمرة لزلزال شباط 2023، وفق البنك الدولي.
البروتين خارج المائدة
تعد اللحوم الحمراء أفضل مصدر للبروتين عالي الجودة، مع أحماض أمينية أساسية، إذ تحتوي على نسبة عالية من العناصر المعدنية وغير المعدنية والفيتامينات المهمة للصحة.
وتعتبر اللحوم مصدرًا غنيًا بالحديد وهو مهم في الوقاية من فقر الدم، ولاتباع نظام غذائي صحي يجب تناول اللحوم الحمراء مرة أو مرتين في الأسبوع، خاصة للأطفال الصغار والنساء في سن الإنجاب.
وكنوع من البدائل التي تعتبر أرخص نوعًا ما، تعد لحوم الدجاج والديك الرومي خيارات مفيدة، وقد تلعب دورًا في الحفاظ على نظام صحي يمد الجسم بحاجته للبروتين.
16.7 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة
في سوريا، يحتاج 16.7 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية، بزيادة قدرها 9% على عام 2023، وفق تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وذكرت المفوضية أن عام 2024 يدل على أن المؤشرات الإنسانية والاقتصادية في البلاد مستمرة في التدهور، وأن الوضع الاقتصادي “خطير على نحو متزايد”، ويشكل محركًا رئيسًا للاحتياجات.
ويحتاج 80% من السكان السوريين إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية في عام 2024، وفقًا لنظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024 (HNO).
ويعاني نحو 55% من السكان في سوريا أو 12.9 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، منهم 3.1 مليون يعانون بشدة من انعدام الأمن الغذائي.
ويلجأ معظم السوريين إلى الاعتماد على أكثر من مصدر لمحاولة الموازنة بين الدخل والمصاريف، وأبرز تلك المصادر الحوالات المالية من مغتربين خارج سوريا، والاعتماد على أعمال ثانية، كما تستغني عائلات عن أساسيات في حياتها لتخفيض معدل إنفاقها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :