بالتزامن مع حلول عيد الأضحى تشهد أسواق إدلب ركودًا عامًا وكسادًا في البضائع بسبب ضعف حركة الشراء، على أثر ارتفاع الأسعار وانعدام القدرة الشرائية للسكان.
وفي فترة عيد الأضحى هذا العام نشرت “حكومة الإنقاذ” (المظلة الإدارية لـ”هيئة تحرير الشام”) حواجز أمنية في الأسواق خوفًا من الازدحام الشديد، ولتنظيم حركة السيارات.
ومنعت الحكومة دخول السيارات إلى داخل الأسواق تجنبًا للزحام، لكن خلو الأسواق من الحركة جعلت دوريات الشرطة على أبواب الأسواق تفتح الحواجز لعبور السيارات إلى الأسواق.
ضعف الحركة في أسواق إدلب وعدم تمكن المواطنين من شراء الملابس ليس أمرًا جديدًا تعيشه المنطقة التي تعاني من الحرب، لكن اللافت هذا العام امتناع المواطنين ليس عن الشراء فقط بل حتى عن زيارة الأسواق.
لا حركة في الأسواق
بدت مشاهد الأسواق في فترة الأعياد كمشاهد الأسواق في أي يوم عادي خارج الموسم.
تاجر الألبسة محمد خير الله، طلب بضائع من أحد الموردين بقيمة 8000 دولار أمريكي، وقبل نقلها من تركيا إلى شمالي سوريا تراجع عن الطلبية وطلب تبديلها بملابس أطفال رضّع، خشية التعرض لخسائر بسبب غياب الإقبال.
التاجر قال لعنب بلدي إن مشهد الأسواق لهذا العام “يبدو مأساويًا” إذ يزور سكان المنطقة الأسواق عادةً حتى لو لم يشتروا، لكن هذا الموسم لم تشهد الأسواق فيه أي حركة، لافتًا إلى تكبد التجار خسائر لعدم وجود حركة بيع وشراء.
وقال التاجر تراجعت المبيعات هذا العام بنسبة 70% عما كانت عليه خلال العام الماضي، وعزا ذلك لتراجع القدرة الشرائية لدى الأهالي واعتمادهم على الملابس التي اشتروها خلال العيد الماضي، وارتفاع عموم الأسعار.
ويتقاضى 80% من أهالي الشمال السوري مبلغًا لا يتجاوز 100 ليرة تركية أي ما يعادل 3.9 دولار أمريكي في اليوم الواحد، بينما تبلغ ثمن كسوة العيد 20 دولارًا أمريكيًا للطفل الواحد، أي يحتاج الفرد لأسبوع عمل كامل لتأمين كسوة العيد لأحد أطفاله فقط.
ويقابل الدولار 14800 ليرة سورية، بينما يعادل 32 ليرة تركية، وهي العملة رائجة الاستخدام في المنطقة.
تجار الحلويات لا يبيعون
الركود لم يتوقف عند تجارة الملابس، فمبيعات الحلويات أيضًا تشهد حالة من الركود، ما جعل العديد من مخابز الحلويات تمتنع عن تجهيز كميات كبيرة من معمول العيد وعرضها في الأسواق كما هو معهود عادة.
سالم الصائغ، بائع حلويات في إدلب، قال لعنب بلدي إن تجار الحلويات يحاولون استغلال موسم الأعياد عادةً لعرض بعض أصناف الحلويات على البسطة، خصوصًا أن أسعار الحلويات ليست مرتفعة.
وبحسب البائع تراجعت المبيعات هذا الموسم مقارنة بالأعياد السابقة، لافتًا إلى أن المبيعات كانت عبارة عن كميات قليلة يشتريها السكان حتى لا يحرموا أطفالهم من حلويات العيد.
ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من معمول العيد بشكل وسطي إلى 70 ليرة تركية، في حين يبلغ سعر كيلو الشوكولا 90 ليرة، ويباع كيلو السكاكر بـ70 ليرة، ويصل سعر البسكويت المغلف لـ100 ليرة تركية و75 ليرة لغير المغلف منه.
ويرى البائع أن ارتفاع درجات الحرارة والحالة الاقتصادية المتردية شجعت السكان على استبدال ضيافة العيد المعتادة ببعض أنواع الفاكهة الرخيصة كالبطيخ، على اعتبار أن أسعار الحلويات ليست بمتناول الأهالي.
ويسكن شمال غربي سوريا أكثر من خمسة ملايين شخص، منهم 4.2 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.4 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، و3.4 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة.
ويحتاج 80% من السوريين إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية في عام 2024، وفقًا لإحصائية صدرت في شباط الماضي، عن برنامج الأغذية العالمي (WFP) حول أعداد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي سوريا.
ويعاني نحو 55% من السكان في سوريا أو 12.9 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، منهم 3.1 مليون يعانون بشدة من انعدام الأمن الغذائي.