في عز موسمه.. أسعار السمك ترتفع باللاذقية

  • 2024/06/16
  • 2:15 م
صياد سمك قرب شاطئ البحر في اللاذقية - 12 من نيسان 2024 (محافظة اللاذقية/ فيس بوك)

صياد سمك قرب شاطئ البحر في اللاذقية - 12 من نيسان 2024 (محافظة اللاذقية/ فيس بوك)

اللاذقية – ليندا علي

لا يتذكر “أبو فراس” (75 عامًا) متى كانت آخر مرة تناول فيها السمك، ربما قبل عامين، وربما أكثر، فالرجل الذي يعيش في قرية القنجرة بالقرب من شاطئ اللاذقية، بالكاد يستطيع تدبر تكاليف يومه، فكيف يفكر بشراء السمك، يتساءل “أبو فراس”.

“أبو فراس” الذي يتابع أخبار أسراب أسماك “بلميدا” التي اصطادها الصيادون مؤخرًا في محافظة طرطوس، قال إن سعرها هناك انخفض إلى 25 ألف ليرة سورية، بينما لا يزال في محافظته (اللاذقية) عند 55 ألف ليرة (كل دولار أمريكي يعادل 14900 ليرة سورية).

ورغم أن سمك “بلميدا” أحد الأنواع غير المحببة، لأن لحمه قاسٍ، فإن سعره مرتفع، وفي العرف الشعبي يقال “إلي بياكل بلميدا ما بعيدا”، في إشارة إلى سوء طعمه مقارنة بالأنواع الأخرى.

وسجلت أسعار السمك في اللاذقية ارتفاعًا ملحوظًا قياسًا ببداية موسم الصيد، الذي يصل إلى أوجه مع بداية الربيع، ويستمر طيلة الصيف، بينما يتراجع في الشتاء نتيجة الأحوال الجوية.

وعلى الرغم من أن الوقت الحالي هو موسم السمك، فإن أسعاره ما زالت مرتفعة في اللاذقية، ففي جولة على سوق المدينة، سجل السمك أسعارًا تتراوح بين 55 ألفًا و250 ألف ليرة، بحسب نوعه وحجمه.

“طفلي يريد السمك”

تشعر حنان بحسرة كلما طلب منها طفلها (خمس سنوات) أكل السمك، خاصة بعد أن تذوقه لأول مرة خلال زيارة لأهل والدته بريف اللاذقية، في الأسبوع الأخير من نيسان.

وقالت حنان وهي ربة منزل، إنها وزوجها يقابلان طلب طفلهما الصغير بالمزاح والوعود.

ومعظم الأطفال في اللاذقية لا يألفون طعم السمك، والسبب غالبًا عدم تناولهم الأسماك سوى مرات معدودة في حياتهم، وبسبب ظروف الغلاء وسوء الأوضاع الاقتصادية، تعجز غالبية الأسر عن تناول اللحوم بأنواعها بما فيها الأسماك، ويلجؤون للخضراوات الموسمية لقلة سعرها مقارنة بباقي أنواع الطعام.

ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام السوري 279 ألف ليرة سورية (18.7 دولار)، بينما ارتفع متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مؤلفة من خمسة أفراد إلى نحو 12.5 مليون ليرة سورية، ووصل الحد الأدنى إلى 7.8 مليون ليرة سورية، بحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة” نهاية آذار الماضي.

المازوت سبب.. تكاليف رحلة الصيد

عن سبب ارتفاع سعر السمك، قال أحد الباعة في سوق السمك بمدينة جبلة، إن أقل رحلة صيد تكلف الصيادين أكثر من 400 ألف ليرة، لأنهم يشترون المازوت بالسعر “الحر” بمعدل 15 ألف ليرة لليتر الواحد بالمتوسط.

وتشمل تكاليف الصيد أيضًا إصلاح الشباك بعد كل رحلة، بالإضافة إلى صيانة المراكب والقوارب، وتعب الصيادين والمخاطر التي يتحملونها حين يكونون في عرض البحر طيلة ليل كامل.

ويرى فادي (48 عامًا)، أحد صيادي السمك في مدينة اللاذقية، أن أسعار السمك رخيصة مقارنة بأسعار اللحوم الحمراء والدجاج، كذلك قياسًا بتكاليف الإنتاج، موضحًا التكاليف اليومية التي يدفعها في رحلة الصيد التي تبدأ منذ مغيب الشمس وتستمر حتى شروق اليوم التالي.

وذكر أن الرحلة الواحدة تحتاج إلى “بيدون” (20 ليترًا) من المازوت بسعر 300 ألف ليرة سورية، ومع حساب الهدر في العدة التي تحتاج إلى إصلاح بعد كل رحلة صيد، تصل التكاليف اليومية إلى نحو 400 ألف ليرة.

وأضاف أنه ومنذ خمسة أيام لم يصطد كميات من الأسماك تكفي لتعويض الخسائر اليومية، فرحلة الصيد عبارة عن حظ لمن يستخدمون الخيوط، وهي أرخص وسائل الصيد حاليًا.

بينما يعجز فادي عن تحمل تكلفة شراء شباك الصيد، فثمن الشبكة الواحدة بطول 50 مترًا مليون و100 ألف ليرة، وفي حال أراد اعتماد هذه الطريقة فهو يحتاج إلى 20 شبكة على الأقل بسعر نحو 22 مليون ليرة.

وتبلغ الخسارة الذي تعرض لها الرجل الأربعيني نحو 800 ألف ليرة، يحتاج لتعويضها أن يحالفه الحظ لثلاثة أيام كاملة باصطياد كمية وافرة من السمك.

ويحتاج المركب إلى غيار زيت بشكل شهري تكلفته 600 ألف ليرة سورية، وفقًا لفادي، مضيفًا أنه يجب على الصياد أن يحصل يوميًا على 800 ألف إلى مليون ليرة، ليعوض التكاليف ويتبقى له مصروف منزله.

ويبلغ نصيب الفرد عالميًا من استهلاك السمك أكثر من 20 كيلوغرامًا سنويًا، بينما لا يتجاوز الكيلوغرام الواحد للمواطن السوري، وفق ما ذكرته صحيفة “تشرين” الحكومية، في تشرين الأول 2023.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع