أصدرت دار “سرد للنشر”، في عام 2019، الطبعة الثانية من رواية “الإصبع السادسة” للأديب السوري الراحل خيري الذهبي، بعد أن نشرت طبعتها الأولى في 2013.
بين حكايات الضبع وصيده، والآغا، وشيوخ السلطان والناس البسطاء في الحارات، كتب الذهبي روايته، ضمن خليط من الخيال والواقع، وبصور بصرية مدهشة، مستمدة من خيال وبيوت وأشباح وأساطير، وواقع في حارات دمشقية متنوعة، في زمن بعيد، وتحديدًا خلال فترة حكم إبراهيم باشا، الذي قاد حملة عسكرية على بلاد الشام بين عامي 1831 و1833.
سعة الخيال هي الميزة الأولى للرواية، التي لا تصنف بدورها كرواية سهلة القراءة يمكن الاستعانة بها لتمضية الوقت في المواصلات.
عناصر كثيرة تعطي الرواية بعدًا استثنائيًا، منها شخوصها وعلاقتها المعقدة والطبقية فيما بينها، وكذلك أحلامها المهدورة ومخاوفها، والدماء التي تغرق البلاد، وتوالي الأحداث وضبط إيقاعها، والبناء الدرامي للحكاية، وهي عوامل تدفع القارئ للحرص على القراءة ضمن جو شديد الهدوء، للتماهي مع عمل أدبي رفيع المستوى.
ضمن الأحداث الممتدة عبر 299 صفحة من القطع المتوسط، مضى الذهبي في خيوط متشابكة، أسقط من خلالها الماضي على الحاضر، سواء سياسيًا، بتشريح عميق للمشكلات السياسية والدكتاتورية وأثرها، أم على الصعيد الاجتماعي والمشكلات اليومية والحياتية العميقة.
هناك صورة أخرى تحضر لدمشق، مستمدة من خيال رجل أحب سوريا وأحب دمشق، سهل أن يكتشف هذا الأمر في الحكاية وآلامها وتفاصيلها، صورة بعيدة عن النمطية المعتادة التي لا تفهم وتروّج سوى للغة الذكورية والعنتريات وتحويل مقاومة المحتلين بسذاجة، هنا الذهبي يعيد للشخصيات الإنسانية اعتبارها وحضورها، كبشر لهم آلامهم وآمالهم وخيباتهم أيضًا.
للذهبي، المولود في عام 1946، عديد من المؤلفات والروايات، منها “ثلاثية التحولات” التي تضم ثلاث روايات هي: “حسيبة” عام 1987، و”فياض” عام 1989، و”هشام أو الدوران في المكان” عام 1997، و”الإصبع السادسة” عام 2013، و”المكتبة السرية والجنرال” عام 2018.
وله مؤلفات درامية، منها “ملكوت البسطاء”، و”الشطار”، و”وردة لخريف العمر”، و”رقصة الحبارى”، و”حسيبة”، و”ملحمة أبي خليل القباني”.
حصل الكاتب على جائزة “ابن بطوطة لأدب الرحلات” في 2019، وتوفي في 2022.