درعا – حليم محمد
لا يزال الإقبال على المسابح الخاصة في محافظة درعا جنوبي سوريا ضعيفًا مقارنة بعام 2023، إذ تراجعت أعداد روادها بحسب شهادات لمالكي مسابح في المحافظة.
هذا التراجع غير متوقع وسط ارتفاع درجات الحرارة في درعا، حيث تكثر المسابح الخاصة التي تعتمد على الآبار في ملئها، ولاقت خلال السنوات السابقة إقبالًا بعد جفاف المسطحات المائية في المحافظة.
تراجع الزوار.. تكاليف مرتفعة
أحمد أبو الوفا، وهو مالك مسبح في ريف درعا الشرقي، قال لعنب بلدي، إن الإقبال على ارتياد مسبحه ما زال ضعيفًا مقارنة بفصول الصيف السابقة، وأضاف أنه في عام 2023 كان يحدد المدة الزمنية لتذكرة السباحة بساعتين فقط، أما هذا العام فترك فترة السباحة مفتوحة بسعر 15 ألف ليرة سورية، لقلة العدد ومن أجل التشجيع على دخول مسبحه.
وأضاف أن النسبة الكبرى من مرتادي مسبحه هم من الأطفال في ظل غياب واضح لفئة الشباب، رابطًا السبب بالهجرة، إذ أصبحت المنطقة تفتقر لهذه الفئة، يضاف إلى ذلك حالة الفقر والبطالة، واعتبار السباحة نشاطًا ترفيهيًا يمكن الاستغناء عنه.
ويرى مالك المسبح أن المشروع خاسر في ظل تراجع أعداد الزوار، وقدّر العدد اليومي بـ50 زائرًا، ويصل إلى 150 زائرًا في أيام العطل الرسمية والأسبوعية، في حين كان العدد مضاعفًا خلال الصيف الماضي.
وتابع أبو الوفا أن هناك تكلفة مالية مرتفعة، إذ تعمل البئر التي ترفد مسبحه على المازوت الذي يشهد ارتفاعًا بسعره منذ مطلع حزيران الحالي، ووصل الليتر إلى 18 ألف ليرة سورية، وتكلّف ساعة تشغيل محرك الديزل 250 ألف ليرة سورية، تضاف إلى ذلك تكاليف صيانة المحرك، وزيت المعدن الذي يصل سعر الليتر منه إلى 55 ألف ليرة سورية، بالإضافة إلى تكاليف تعقيم المياه.
واستفسرت عنب بلدي من أصحاب مسابح آخرين في درعا حول نسبة الإقبال، إذ أكدوا ضعفه مقارنة بالعام الماضي.
هجرة وفقر
عادة ما يخرج الشبان في درعا على شكل مجموعات متوجهين إلى المسابح خلال الصيف، وهو ما أشار إليه حسين (25 عامًا) من سكان بلدة تل شهاب، وقال إنه اعتاد الخروج إلى مسبح خاص مع مجموعة من رفاقه للسباحة في يوم محدد كل أسبوع تقريبًا خلال صيف عام 2023، في بلدة جلين أو بمدينة طفس، في حين لم يخرجوا سوى مرة واحدة في هذا الصيف.
وأضاف حسين أن الحالة المالية دفعت أصدقاءه للعزوف عن ارتياد المسبح، يضاف إلى ذلك غلاء تكلفة البنزين، إذ يستخدمون الدراجات النارية بمسافة تصل إلى 20 كيلومترًا ذهابًا وإيابًا.
وتحتاج الدراجة لقطع المسافة إلى ليتر من البنزين سعره 28 ألف ليرة سورية، يضاف إليها رسم الدخول وهو 15 ألف ليرة سورية عن كل شخص، ورسم تأمين الدراجة 2000 ليرة سورية.
ويمنع مالك المسبح إدخال المرطبات أو المأكولات، ويفرض شراءها من المحل (الاستراحة) الموجودة بحرم المسبح، بأسعار مضاعفة عن المنتجات في السوق.
أما زهير (30 عامًا) من سكان بلدة المزيريب، فقال إنه كان يستأجر مع رفاقه حافلة (سرفيس) ليوم كامل يقضونه في المسبح، لكن معظم أصدقائه هاجروا خلال الأعوام الماضية، ولفت إلى أنه منصرف إلى تأمين احتياجات العائلة.
رغم حب الشاب لممارسة السباحة بصحبة أصدقائه، فإنه تخلى عنها حسب قوله، بسبب وضعه المعيشي المتردي الذي يدفعه إلى الاقتصاد في المصروف.
وتبلغ أجور عمال المياومة في درعا 5000 ليرة سورية (33 سنتًا من الدولار) عن كل ساعة عمل، ويستقطب القطاع الزراعي النسبة الكبرى من العاملين.
ويقصد السكان حاليًا بحيرة الأشعري في أسفل وادي اليرموك، كونها المكان الطبيعي الوحيد الذي من الممكن السباحة فيه، وهي تكتظ بالزائرين، بسبب مياهها الجارية المنعشة التي لا تضاف إليها مواد التعقيم.
وبعد جفاف أهم المسطحات المائية في ريف درعا الغربي كبحيرة المزيريب وبحيرة زيزون وعيون العبد، لم تعد هذه الأماكن مقصدًا للسباحة أو التنزه، إذ تجف هذه المسطحات صيفًا وتعود شتاء ما يحرم السكان من السباحة.