عاد الحديث مجددًا عن اتفاق أمني واسع بين السعودية وأمريكا، في سياق محاولة إتمام الأخيرة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
ويبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اقتربت بالفعل من توقيع الاتفاق، ومحاولة تحقيق شروط أخرى وضعتها الرياض.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال“، الأحد 9 من حزيران، إن الضغط الدبلوماسي لإبرام اتفاق أمني شهد تحولًا ملحوظًا لبايدن، وبات الأخير على أعتاب تقديم التزام رسمي بحماية السعودية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وسعوديين، أن الإدارة الأمريكية تضع اللمسات النهائية على معاهدة تلزم واشنطن بالمساعدة بحماية الرياض، كجزء من صفقة طويلة الأمد، لتشجيع التطبيع بين السعودية وتل أبيب.
وأضافت أن نجاح هذه الجهود يرتبط أيضًا بـ”التزام إسرائيل بقيام دولة فلسطينية منفصلة وإيقاف الحرب”، وهو اقتراح صعب التنفيذ في الوقت الراهن.
وتهدف واشنطن لمنح إسرائيل إمكانية تحقيق هدف قديم يتمثل بـ”إقامة علاقات طبيعية مع السعودية”، وهو ما يعني حصولها على قبول أكبر في العالمين العربي والإسامي، وفق الصحيفة.
التحول الذي تحدثت عنه “وول ستريت جورنال”، يرتبط بتصريحات بايدن خلال حملته الانتخابية الأولى في 2019، عندما تعهد بالتعامل مع السعودية كـ”دولة منبوذة”، وستدفع ثمن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
وهذه المرة الأولى التي ستوقع واشنطن اتفاقية دفاعية مع “دولة استبدادية”، وفق وصف “وول ستريت جورنال”.
وسترسخ الاتفاقية من الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، كما ستدعم الرياض في ظل التوترات الدائمة مع جارتها إيران.
وفي أيار الماضي، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، إن واشنطن والرياض أقرب من أي وقت مضى بشأن الاتفاق الذي أصبح شبه نهائي.
ونقلت وكالة “رويترز” حينها عن مسؤول أمريكي قوله، إن المفاوضين ناقشوا بيع طائرات “F-35” العسكرية للسعودية.
وتحتاج الاتفاقية المعروفة باسم “اتفاقية التحالف الاستراتيجي”، لموافقة أغلبة الثلثين في مجلس الشيوخ، وفق ما ينص عليه الدستور الأمريكي.
ووفق الصحيفة،من غير المرجح تمريرها دون التزام سعودي بالتطبيع مع إسرائيل.
وأضافت أن مسودة المعاهدة صممت بشكل فضفاض، وتمنح واشنطن الحق بالوصول إلى الأراضي السعودية ومجالها الجوي لحماية المصالح الأمريكية والشركاء الإقليميين.
كما تسعى أمريكا من خلال الاتفاقية لربط الرياض بها ومنع الصين من بناء قواعد عسكرية في السعودية.
كما تجعل الاتفاقية، السعودية، الدولة العربية الوحيدة التي تملك معاهدة دفاعية مع أمريكا،
والمعاهدة هي جزء من صفقة أوسع، تشمل تطوير برنامج نووي سعودي والحصول على أسلحة متقدمة، بالإضافة لإعلان دولة فلسطينية.
وفي المرحلة الحالية، توصل الطرفان بالفعل لاتفاق على معظم بنود الاتفاقية.
كما يجري العمل على صياغة اتفاق دفاعي موازٍ، يفعّل بأمر تنفيذي، لتعزيز مبيعات الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتخطيط الاستراتيجي.
التطبيع السعودي- الإسرائيلي
منذ عام 2023، تسارعت وتيرة المفاوضات بين السعودية وإسرائيل للتطبيع.
ووضعت السعودية أربعة شروط لإتمام اتفاق تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، أحدها كان تقديم إسرائيل تنازلات واسعة للفلسطينيين، تتضمن إمكانية إقامة دولتهم المستقلة.
كما يشمل دعمًا لبرنامج نووي لأغراض مدنية، واتفاقية دفاعية مشتركة واسعة مع واشنطن، شبيهة بالتي تجمع الأخيرة بدول حلف شمال الأطلسي، والحصول على أسلحة حديثة.
ولم تنجح السعودية بالحصول على ضمانات أمريكية لتحقيق شروطها، وهو ما دفعها للتخفيف منها في وقت لاحق، بما في ذلك التخلي عن الشرط المتعلق بفلسطين.
وفي أيلول 2023، نشرت وكالة “رويترز” تقريرًا قالت فيه، إن الاتفاقية الدفاعية قد لا ترقى إلى مستوى الضمانات الدفاعية كتلك الموجودة بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ومع انطلاق عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها “حماس” ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023، ثم عملية “السيوف الحديدية” الإسرائيلية في قطاع غزة، توقف مسار التطبيع بين الطرفين.
وتبنى الرؤساء والملوك العرب في اجتماع قمة جامعة الدول العربية في العاصمة اللبنانية بيروت عام 2002، مبادرة السلام العربية، التي قدمها الملك السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
وتتضمن المبادرة تطبيع علاقات الدول العربية مع إسرائيل، مقابل انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب 1967.
وتشمل هذه الأراضي، الجولان السوري المحتل، والضفة الغربية وغزة والقدس وبقية المناطق الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى قرى وبلدات في جنوبي لبنان.
كما شملت التوصل إلى حل للاجئين الفلسطينيين، وفقًا لقرار الأمم المتحدة رقم “194“.
وبعد انسحاب إسرائيل من الأراضي، تقوم الدول العربية بتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وإنشاء علاقات طبيعية معها في إطار سلام شامل.