
طفلة تخضع لعلاج من حبة الليشمانيا في إدلب_ 18 من أيلول 2023 (مديرية الصحة في إدلب/فيس بوك)
طفلة تخضع لعلاج من حبة الليشمانيا في إدلب_ 18 من أيلول 2023 (مديرية الصحة في إدلب/فيس بوك)
منتصف أيار الماضي، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن ما يقارب 160 منشأة صحية في شمال غربي سوريا، بما في ذلك 46 مستشفى، ستضطر إلى تعليق عملياتها بحلول نهاية حزيران الحالي، إذا لم تتم زيادة التمويل.
وتخوفًا من آثار إغلاق هذه المنشآت، تتهافت التحذيرات الأممية والمحلية من وقوع القطاع الصحي في كارثة تؤثر على ملايين محتاجي الخدمات والرعاية الصحية هناك، في إعلان صار شبه سنوي.
وفي ملف خاص أعدته عنب بلدي قبل يومين حمل عنوان “القطاع الصحي شمال غربي سوريا.. نداء طارئ قبل الكارثة“، سلطت الضوء على واقع القطاع في المنطقة، ودور الجهات والمنظمات المحلية وسلطات الأمر الواقع في ظل تدهور مستمر للقطاع، وتضمن أيضًا آراء خبراء بما يتعلق بالبحث عن حلول مستدامة طويلة الأمد من شأنها النهوض بالقطاع وتقليل اعتماده على الدعم الخارجي الآخذ بالتناقص منذ سنوات.
وجهت عنب بلدي إلى منظمة الصحة العالمية أسئلة تتعلق بتوصيفها للواقع الطبي شمال غربي سوريا من جهة، والحلول المقترحة من قبلها في هذا السياق.
روزا كريستاني، رئيسة مكتب منظمة الصحة العالمية في مدينة غازي عينتاب التركية، قالت في مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، إنه بعد 13 عامًا من الصراع، تعطل النظام الصحي في شمال غربي سوريا بشدة، وقد أدى تصاعد الصراع والكوارث الطبيعية، مثل زلزال 2023، إلى تفاقم الأزمة، وانخرطت الجهات الفاعلة في مجال الصحة بشكل كامل في الاستجابة لحالات الطوارئ وافتقرت إلى الفرص الكافية للتركيز على بناء قدرة النظام الصحي على الصمود.
ووفق تقديرات المنظمة الرسمية، فإن وضع القطاع الصحي في شمال غربي سوريا “مأساوي”، بحسب كريستاني، مستندة إلى مجموعة من الأرقام تتمثل بمايلي:
ومع ذلك، فإن ما يقارب ثلث المرافق الصحية في شمال غربي سوريا لا تعمل، إذ انخفضت الموارد البشرية في مجال الصحة بشكل كبير منذ تصاعد النزاع في سوريا، وشهدت نزوح أعداد كبيرة من الموظفين وارتفاع معدل دوران الموظفين، وخاصة الموظفين المدربين حديثًا، في حين لا يزال هناك نقص في البيانات الواضحة والدقيقة والجديرة بالثقة فيما يتعلق بتوافر مقدمي الرعاية الصحية في المرافق الصحية.
ومعظم خدمات الرعاية الصحية في شمال غربي سوريا حاليًا تقدمها مرافق صحية عامة تديرها المنظمات غير الحكومية، وتقدم خدماتها مجانًا ويتم تمويلها بالكامل من خلال آليات المساعدة الإنسانية، باستثناء عدد من المرافق الصحية الخاصة، التي تتطلب الدفع المباشر مقابل الخدمات، كما تعتمد مديريات الصحة المحلية نفسها بشكل كامل على أموال الجهات المانحة لدفع رواتب الموظفين، وشراء الأدوية والمواد الطبية، وإعادة التأهيل أو الصيانة، ودفع تكاليف التشغيل العادية، وتكاليف التدريب.
روزا كريستاني أشارت إلى أن منظمة الصحة العالمية تواصل إلى جانب شركائها الصحيين التدخل لتحسين الوضع، لكن دون دعم الجهات المانحة ستُترك جميع الأنشطة الصحية التي تخدم حاليًا 4.2 مليون شخص محتاج في شمال غربي سوريا دون إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والمتخصصة، وسوف تتعطل بشدة الإمدادات والأنظمة الطبية المنقذة للحياة الموجودة حاليًا.
إلى جانب جهود الإغاثة الفورية، تقوم منظمة الصحة العالمية وشركاؤها أيضًا بتنفيذ تدخلات التعافي المبكر لتعزيز مرونة النظام الصحي بشكل عام من خلال ضمان الاستعداد لحالات الطوارئ وتعزيز توفير الخدمات الصحية الأساسية والنظام الصحي، ومع ذلك تتطلب الحلول طويلة المدى، وفق ما قالته روزا كريستاني، رئيسة مكتب منظمة الصحة العالمية في مدينة غازي عينتاب، اتباع نهج شامل مع الاستثمار والتدخلات في المجالات التالية من قبل جميع شركاء الصحة وذلك من خلال:
وحول مسؤولية الجهات عن تنفيذ هذا النهج، قالت كريستاني إن شركاء الصحة المسؤولين عن تقديم هذه الحلول طويلة المدى هم السلطات الصحية المحلية لضمان التنسيق والشراكة والوصول، والجهات المانحة الدولية والإقليمية للتمويل، والأمم المتحدة والوكالات المتخصصة لتقديم المساعدة الفنية والإشراف والرصد، والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية لتنفيذ المشاريع الصحية وسد الفجوات الخدمية، والقطاع الخاص للاستثمار في البنية التحتية للرعاية الصحية وسلاسل التوريد، والمجتمعات المحلية للمشاركة في البرامج والمبادرات الصحية لضمان نتائج صحية إيجابية لأنفسهم.
إذا استمر التمويل وفق الوضع الحالي فإن مستقبل القطاع الصحي في شمال غربي سوريا يظل قاتمًا، وقد تتحول المخاطر إلى أعمق من ذلك، وفق ما أوضحته روزا كريستاني.
وأشارت كريستاني إلى أن نقص التمويل سيؤدي إلى تعطيل علاج مرضى الرعاية الذين يحتاجون إلى الحياة ومضاعفات قد تؤدي إلى الإعاقة وحتى الوفاة. في الأشهر الستة المقبلة.
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 1.5 مليون شخص قد يفقدون إمكانية الوصول إلى خدمات إنقاذ الحياة والرعاية الطارئة، في حين أن أكثر من مليون طفل سيكونون أكثر عرضة لخطر تفشي الأمراض وخاصة الكوليرا والأمراض الحادة المنقولة بالمياه وغيرها من الأمراض المعدية نتيجة لذلك، من سوء الظروف المعيشية، وعدم الحصول على مياه الشرب النظيفة، واكتظاظ المخيمات والخدمات الصحية في المناطق النائية.
تكلفة التقاعس عن العمل مرتفعة
روزا كريستاني رئيسة مكتب منظمة الصحة العالمية في مدينة غازي عينتاب التركية |
يسكن شمال غربي سوريا 5.1 مليون شخص، منهم 4.2 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.4 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 3.4 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.
ومطلع العام الحالي، نشرت منظمة الصحة العالمية نداء طارئًا حول الوضع الصحي في سوريا لعام 2024، إذ وصل عدد المحتاجين للخدمات الصحية إلى 15.3 مليون إنسان، بينما وصل عدد المستهدفين إلى 13 مليون إنسان.
وبحسب المنظمة، فإن متطلبات التمويل للعمليات في سوريا بالكامل بلغت 79 مليونًا و829 ألف دولار أمريكي، أما متطلبات التمويل على وجه الخصوص لعمليات الطوارئ لمنظمة الصحة العالمية في سوريا فبلغت 53 مليونًا و428 ألف دولار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى