مرض نادر لكنه مزعج.. القرنية المخروطية
د. أكرم خولاني
معظمنا قد سمع بمد البصر وقصر البصر، وهي اضطرابات رؤية شائعة كثيرًا، لكن هناك اضطرابات أخرى لا نسمع عنها غالبًا لأنها نادرة، إلا أنها أكثر إزعاجًا وخطرًا على الرؤية، وأشهر هذه الاضطرابات “القرنية المخروطية”.
ما المقصود بالقرنية المخروطية
القرنية المخروطية (Keratoconus) هي اضطراب في الرؤية نتيجة تغيرات هيكلية داخل القرنية، وهي الطبقة الشفافة التي تغلف كرة العين من الأمام وتأخذ شكل القبة، تجعلها أكثر رقة وتنتفخ إلى الخارج بشكل مخروطي بدل شكل القبة الطبيعي، ويؤدي ذلك إلى عدم تركيز الضوء بشكل صحيح على الشبكية مسببًا بذلك رؤية ضبابية، ما يجعل المهام اليومية كالقراءة أو القيادة صعبة.
عادة ما يؤثر هذا الاضطراب على كلتا العينين، لكنه أحيانًا يصيب إحداهما فقط، ويمكن أن يؤدي إلى اختلاف شديد في الرؤية بين العينين فيلاحظ أن بعض الاشخاص المصابين لديهم الرؤية في عين أسوأ بشكل ملحوظ من العين الأخرى، وقد يؤدي ترقق القرنية الشديد في الحالات المتقدمة إلى حدوث ندوت في القرنية تعوق الرؤية، وقد يصل الأمر في حالات نادرة إلى حدوث ضعف شديد جدًا في الرؤية أو العمى.
وغالبًا ما يظهر مرض القرنية المخروطية عند المراهقين، لكنه يستمر بالتفاقم حتى منتصف الثلاثينيات من العمر، ويقدر الانتشار من 1 لكل 500 إلى 1 لكل 2000 شخص، ولكن صعوبة تمييز هذا المرض سببت عدم القدرة على تحديد مدى انتشاره بدقة، وهو يصيب السكان في جميع أنحاء العالم، لكنه أكثر انتشارًا في جنوب آسيا.
ما أساب الإصابة
السبب الدقيق للإصابة غير مؤكد، لكن تعتبر العوامل البيئية والوراثية من الأسباب المحتملة، كما يمكن أن يكون السبب:
- حساسية العين.
- فرك العين المفرط.
- اضطرابات النسيج الضام (مثل متلازمة مارفان).
- انخفاض مستوى مضادات الأكسدة في القرنية.
- وجود اضطرابات معينة، مثل: الربو، متلازمة داون، متلازمة إيلرز دانلوس، انقطاع النفس النومي.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك علاقة بين القرنية المخروطية والحمل، إذ إن التغيرات الهرمونية خلال الحمل قد تزيد من احتمالية الإصابة بالقرنية المخروطية، كما أنها يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الحالة لدى النساء المصابات بها بالفعل.
ما أعراض الإصابة
في المرحلة المبكرة يمكن أن تشمل أعراض القرنية المخروطية ما يلي:
- رؤية ضبابية خفيفة.
- تشوش الرؤية كانحناء الخطوط المستقيمة أو تموجها.
- الحساسية للضوء والوهج.
- احمرار أو تورم العين.
في المراحل المتقدمة غالبًا ما تشمل الأعراض ما يلي:
- رؤية أكثر ضبابية وتشويشًا في جميع المسافات.
- رؤية مضاعفة.
- ضعف الرؤية الليلية.
- عدم القدرة على ارتداء العدسات اللاصقة.
وعادة ما يستغرق الأمر سنوات للانتقال من المرحلة المبكرة إلى المرحلة المتقدمة.
كيف يتم التشخيص
يعتمد تشخيص القرنية المخروطية على معرفة التاريخ الطبي وتقييم الأعراض، ومن ثم عمل فحص شامل للعين، وقياس النظر ومجال الرؤية، ويسهل تشخيص الحالات المتقدمة من المرض من قبل الفاحص، كما أنها تفضي إلى التشخيص قبل استخدام فحوصات أكثر تخصصًا، ولكن عادة ما يجري الطبيب بعض الاختبارات للكشف عن القرنية المخروطية، ومنها:
- طبوغرافية القرنية (دراسة سطح القرنية): يتم في هذا الفحص التقاط صورة محوسبة لإنشاء خريطة لتضاريس القرنية ومن ثم فحصها عن كثب، وتعد هذه الطريقة الأكثر دقة لفحص القرنية المخروطية وتشخيصها في المرحلة المبكرة ومتابعة تطورها، وينبغي للآباء الذين يعانون من قرنية مخروطية إجراء هذا الفحص سنويًا لأبنائهم ابتداء من سن العاشرة.
- فحص المصباح الشقي: يتيح هذا الاختبار فحص القرنية باستخدام ضوء ساطع ومجهر لرؤية التشوهات فيها.
- قياس سُمك القرنية: ينطوي هذا الاختبار على قياس مدى سماكة القرنية.
كيف يمكن العلاج
يركز علاج القرنية المخروطية على تصحيح الرؤية، ويعتمد العلاج على مرحلة المرض والأعراض، حيث يمكن تقسيمه كما يلي:
- العدسات التصحيحية: يقتصر العلاج في الحالات الخفيفة على استخدام العدسات التصحيحية سواء بارتداء النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة.
- العدسات الصلبة: يحتاج المرضى إلى ارتداء عدسات لاصقة صلبة مخصصة لتصحيح الرؤية في الحالات التي لم تعد تستجيب للنظارات الطبية.
- تثبيت القرنية بالكولاجين: قد يجري الطبيب تثبيت القرنية بالكولاجين لمنع تفاقم التشوهات في القرنية، وهو إجراء طفيف التوغل يتم عبر وضع جهاز صغير في القرنية يساعد على تسطيح انحنائها، ويتم تقطير فيتامين “ب” في العين وتسليط أشعة فوق بنفسجية لزيادة الترابط بين ألياف الكولاجين لتثبيت القرنية أو تيبسها مما يمنعها من الانتفاخ أكثر.
- زراعة الحلقات في القرنية: هي جراحة تجرى في الحالات المتقدمة يتم فيها زراعة حلقات بلاستيكية على شكل حرف C في القرنية لتسطيحها ما يسمح بتحسين الرؤية.
- زرع القرنية: تعد جراحة زرع القرنية الوسيلة الأخيرة لعلاج الحالات الشديدة، حيث يتم استبدال قرنية المريض التالفة بقرنية من متبرع.
كيف يمكن التعايش مع المرض
- الالتزام بخطة العلاج وارتداء النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة الموصوفة.
- تجنب فرك العين، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى إتلاف أنسجة القرنية الرقيقة وزيادة الأعراض سوءًا.
- مراجعة الطبيب بشكل دوري أو عند الشعور بالحكة في العينين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :