إدلب – أنس الخولي
يبتعد عامر عن شراء فاكهة البطيخ رغم بدء موسمها في العام الحالي، ويحاول استبدال أصناف أخرى من الفواكه بها، لأنه لم يوفق في شراء بطيخة حلوة المذاق عام 2023، منذ انتشار فكرة تطعيم نبات البطيخ باليقطين، ما أدى إلى ازدياد حجمه وزوال الطعم الحلو منه.
وقال عامر إسماعيل (41 عامًا)، وهو مهجر يقيم في مدينة إدلب، إنه لم يحظَ بأي بطيخة “لذيذة” في صيف عام 2023، وجميع الثمار التي اشتراها مع أنها حمراء اللون إلا أنها دون طعم “مثل الماء”، بحسب تعبيره.
وأضاف عامر لعنب بلدي أن جميع عمليات فحص نضج البطيخ التي اعتادها المواطنون غير مجدية، سواء من خلال الضرب على البطيخة، أو التأكد من جفاف رأسها، لأن المسألة لا تتعلق بنضج الثمار، حسب قوله.
وتتفق السيدة وفاء المحمد (35 عامًا) مع وجهة النظر السابقة، قائلة إنها كانت محرجة صيف 2023 من تقديم البطيخ للضيوف، لأن مذاقه تغيّر وملمسه كان طريًا ما يوحي بفساده، وذلك بكلا نوعيه الأصفر والأحمر.
ويعد البطيخ من الفاكهة المرغوبة بشدة لدى الأهالي في سوريا، وينتظرون فصل الصيف لتناوله في معظم الأوقات، أو على وجبات الإفطار مع الجبن، كما يقدم للضيوف أيضًا.
في السنوات الماضية، تراجعت شعبية فاكهة البطيخ، وأبدى أهالٍ استياءهم من زيادة حجم الثمار، وافتقادها المذاق الحلو كما هو معتاد.
ويعتقد كثيرون أن فساد البطيخ وزوال طعمه، سببه جشع المزارعين الذين يقومون بتطعيم البطيخ بنبات اليقطين لزيادة حجم الثمار وتحقيق أرباح إضافية، حتى إن نسبة الإقبال على الشراء تراجعت، وفق ما ذكره تجار لعنب بلدي.
تراجع الطلب
جميل العيسى، بائع فواكه في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، رغم أن الموسم في بدايته فإن الإقبال على البطيخ هذا العام قليل جدًا، وتراجع إلى 50% مقارنة بالأعوام السابقة، مرجعًا السبب لرداءة الأصناف.
وعادة ما يكون الإقبال على البطيخ شديدًا في بداية الموسم، بسبب انتظار الزبائن له طيلة العام، لكن رداءة الأصناف عام 2023، واستياء الزبائن منه، وانتشار مفاهيم خاطئة عن زراعة البطيخ وتأثيرها على مذاقه، جعل الناس غير متحمسين لشرائه، وفق البائع.
وأضاف جميل أن بداية الموسم غير مبشرة، لكنه يأمل أن يتحسن الإقبال والمبيع مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يساعد في عودة المذاق الحلو للبطيخ.
وبحسب البائع، فإنه اعتاد شراء طلبية بطيخ كل ثلاثة أيام بوزن يتراوح ما بين 500 و700 كيلوغرام، أما في العام الحالي فيشتري نصف الكمية، ولا يتمكن من بيعها.
وذكر أن سعر الكيلوغرام من البطيخ الأحمر يبلغ 5 ليرات تركية، ومن البطيخ الأصفر 7 ليرات، معتبرًا أن الأسعار مناسبة للمواطنين.
وتصل أجرة العامل يوميًا في أحسن الأحوال إلى 100 ليرة تركية (نحو ثلاثة دولارات أمريكية)، بينما وصل حد الفقر المعترف به إلى 10378 ليرة تركية، وحد الفقر المدقع إلى 8984 ليرة.
لا أثر للتطعيم على المذاق
فشل زراعة البطيخ ونجاحه يعتمد بالدرجة الأولى على خبرة المزارع، ومكافحة الحشرات في الأوقات المناسبة وطبيعة المناخ، أما عملية التطعيم فلا تؤثر أبدًا على المذاق، بحسب ما قاله المهندس الزراعي ماهر قريطبي.
وقال المهندس ماهر لعنب بلدي، إن عملية التطعيم تتم عندما يصبح لنبتة اليقطين ورقتان حقيقيتان مكتملتان من خلال قطع نبتة اليقطين، وقص جذور نبتة البطيخ ووضعها مكان نبتة اليقطين، وأخذ مجموع الثمرتين للحصول على البطيخ الهجين.
وأضاف المهندس أن الهدف من عملية التطعيم هو الاستفادة من جذور نبات اليقطين لزيادة حجم الثمار، ومساعدة نبات البطيخ على مقاومة الأمراض، مع التأكيد على أن التطعيم لا يؤثر أبدًا على المذاق.
وأرجع المهندس الزراعي زوال مذاق البطيخ لارتفاع درجات الحرارة في السنوات الماضية، بما يؤثر سلبًا على النبات، ويؤدي لزوال المذاق الحلو في البطيخ الأحمر، وإلى تحول المذاق الحلو إلى المر في البطيخ الأصفر.
وشهد العام الماضي تجاوز درجة الحرارة في شمال غربي سوريا الـ40 درجة لمدة تجاوزت الـ60 يومًا خلال موسم البطيخ، ووصلت درجات الحرارة في بعض الأيام إلى 48 درجة، ما أدى لتراجع المواسم الزراعية وخصوصًا البطيخ.
السبب الآخر لرداءة البطيخ عام 2023، هو إصابة المزروعات بحشرة “التريبس” التي تؤذي محاصيل البطيخ، وكذلك انتشار الأمراض بين النباتات، وفق المهندس الزراعي.
وتتركز زراعة البطيخ بشكل أساسي في منطقة سهل الروج ومناطق من ريف إدلب الشمالي وريف حلب الجنوبي الغربي، وتتم زراعته بطريقتين، الأولى بالأنفاق للتبكير في الحصول على الثمار، لكن هذه الطريقة تحتاج إلى عناية خاصة ومكلفة.
أما الطريقة الثانية فهي بزراعة البطيخ في الأراضي الزراعية تحت أشعة الشمس، وتبدأ الزراعة من بداية شهر أيار وتستمر لمدة تتراوح بين 65 و80 يومًا.