مزارعون يتخلصون من قمحهم بأسعار زهيدة في دير الزور
بدأ مزارعون في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، يبحثون عن بدائل لبيع محصولهم، بأسعار دون التسعيرة الرسمية، التي حددتها “الإدارة” التي حددتها بـ 31 سنتًا أمريكيًا لكل كيلوجرام، وذلك لتجنب خسائر إضافية في حال البيع الرسمي.
وتلقى مزارعون قرار تسعيرة شراء مادة القمح للموسم الزراعي 2023- 2024 كـ”صدمة” لهم، وخاصة أنها جاءت بالتوازي مع تسعيرة طرحها النظام السوري بلغت 36 سنتًا للكيلوغرام.
ولم تغيير التسعيرة على الرغم من احتجاجات للمزارعين استمرت لعدة أيام.
ودفعت الاحتجاجات “الإدارة” لتبرير أسباب طرح السعر الذي حددته “هيئة الزراعة والري” بشكله الحالي.
وبررت “الهيئة” عجزها عن زيادة التسعيرة على ما هي عليه اليوم مقارنة بالعام السابق، حين كانت بسعر 43 سنتًا للكمية نفسها، بالهجمات التركية، والنقص في ميزانيتها، وعدم إمكانية التصدير، وبالتالي ستتكبد خسائر مالية “كبيرة”، وفق تقرير نشرته وكالة “هاوار” المقربة من “الإدارة الذاتية”.
البيع بسعر أقل
شهاب العطروز، مزارع في قرية الخضيرات بريف دير الزور الشمالي الشرقي، قال لعنب بلدي، إن تجار السوق لجأوا لشراء القمح من المزارعين بسعر أقل، إذ يتراوح سعر الكيلوغرام بين 3500 و4000 ليرة سورية حسب جودة القمح (ما يعادل 26 سنتًا أمريكيًا).
بعد ذلك يورد التجار القمح إلى شركة التطوير الزراعي التابعة لـ”الإدارة الذاتية”.
وأضاف المزارع العطروز، لعنب بلدي، أن اللجوء لهذا الخيار له أسبابه، وأهمها أن التاجر يحمل عن المزارع عبء الشحن وأجور النقل، وأغلبية التجار يشترون القمح فور الانتهاء من حصاده مباشرة.
أما من جانب المزارع معاوية العويد، من مدينة جين بريف دير الزور الشرقي، فاضطر إلى بيع التجار بعد أن أعلنت “الإدارة الذاتية” تسعيرة شراء القمح، ووضعت آلية لوقوف السيارات التي تنقل وأجورها.
وأشار العويد إلى أن البيع للتجار في السوق السوداء بسعر يصل تقريبًا إلى 3800 ليرة سورية للكيلوجرام أوفر من تحمل أجور الآلية التي تقتضي بالوقوف أمام المديرية لأكثر من عشرة أيام ليأتي دور المزارع بالبيع، إثر “المحسوبيات والفساد”، وفق ما قاله لعنب بلدي.
ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 14850 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار الصرف.
قرارات تفرض تكاليف
وكانت “هيئة الإدارة المحلية بالإدارة الذاتية” قد قررت أنه يجب على المزارع الراغب بالبيع قطع بطاقات مكتب دور، على أن ينسق دخول الآليات ضمن الدور حسب المركز، وفي حال عدم التزام السائق بالدور المقرر تحت أي مسمى تسجل مخالفة بحق السائق بمقدار مليون ليرة سورية، مع إرجاعه إلى نهاية الدور.
وبحسب القرار الذي نشرته “الإدارة”، في 8 من أيار الماضي، فيترتب على المزارع دفع مبلغ 200 ألف ليرة سورية كل 24 ساعة في أثناء انتظار دوره.
كما تترتب أجور نقل على المزارع، سعرتها “الإدارة” بـ50 دولارًا إذا كانت المسافة من كيلومتر إلى عشرة كيلومترات، ومن بعد هذه المسافة يدفع المزارع على كل كيلومتر دولارًا واحدًا.
أربع درجات لشراء القمح
تعمل شركة “التطوير الزراعي” على شراء القمح وفق أربع درجات بحسب جدول حصلت عنب بلدي على نسخة منه.
وتبدأ درجات القمح الأولى من 310 دولار أمريكي للطن، ويصل سعر الطن من الدرجة الرابعة إلى 260 دولارًا أمريكيًا.
وقال موظف في شركة التطوير الزراعي (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، لعنب بلدي، إن القمح يحسب للمزارع حسب الدرجات، وأدناه الرابعة التي تحتوي نسبة من الشعير والدفلة وغير مصفية من التبن والسفير.
تهديدات للتجار
تلقى بعض التجار الذين يشترون القمح تهديدات من مزارعين، من أجل عدم توريد المادة لـ”الإدارة الذاتية”، وذلك كورقة “ضغط” عليها لرفع التسعيرة.
وقال تاجر الحبوب مجد الإسماعيل، لعنب بلدي، إنه تلقى عدة تهديدات بحرق سيارته ومنزله في حال باع القمح لـ”الإدارة”، قبل أن ترفع التسعيرة بشكل يعوض خسائر المزارعين.
وتعرض سليمان السليمان، وهو سائق شاحنة تنقل مادة القمح بالأجرة للتجار، أنه فور وصوله لمنطقة المعامل شمالي دير الزور، أوقفه ثلاثة مسلحين ملثمين وهددوه أنه في حال تابع طريقه ستحرق السيارة بما فيها من حمولة، ليجبر على العودة تجاه ريف دير الزور الغربي، وفق ما قاله لعنب بلدي.
الموسم الماضي
“الإدارة الذاتية” اشترت من المزارعين مليونًا و150 ألف طن من إنتاج القمح لموسم حصاد العام الماضي، بسعر 43 سنتًا من الدولار لكل كيلوجرام (3700 ليرة سورية حينها)، وأعلنت في 31 من تموز 2023، إيقاف عمليات الشراء من المزارعين.
ويعتبر القمح من المحاصيل الاستراتيجية الرئيسة في سوريا، وكان متوسط إنتاج المحصول منذ 1990 إلى 2010 يزيد على أربعة ملايين طن.
وسجلت سوريا في 2006 أعلى رقم في إنتاجه بمقدار 4.9 مليون طن، وفق المكتب المركزي للإحصاء، وكان متوسط الاستهلاك المحلي 2.5 مليون طن، ما أتاح فائضًا للتصدير يتراوح بين 1.2 و1.5 مليون طن.
لكن منذ سنوات، تؤمّن حكومة النظام القمح من روسيا بطرق وأساليب متعددة، منها عبر اتفاقيات ثنائية نادرًا ما يتم الكشف عن تفاصيلها، أو عبر مناقصات تطرحها “المؤسسة العامة للحبوب” في سوريا لشراء القمح.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :