أعلنت وزارة الداخلية في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، قتل واعتقال أفراد يتبعون لتنظيم “الدولة الإسلامية”، ومصادرة أسلحتهم.
وقالت الوزارة إن قوات “الأمن العام” التابعة لها داهمت مبنى تتحصن فيه خلية لتنظيم “الدولة” في منطقة حارم شمالي إدلب، وقتلت عددًا من أفرادها، وألقت القبض على الباقين بعد الاشتباك معهم.
وأضافت أن قواتها ضبطت أسلحة وذخائر وأحزمة ناسفة وسيارة مفخخة كانت بحوزة أفراد “الخلية، وفق بيان لها اليوم، الخميس 30 من أيار، كما نشرت صورًا للأسلحة المصادرة.
ولم تصدر وزارة الداخلية أي توضيحات أخرى، بينما قال الإعلام الرديف لـ”هيئة تحرير الشام” والشرعي في الفصيل، عبد الرحيم عطون، إن “الخلية” المذكورة مسؤولة عن اغتيال القيادي في “الهيئة” ميسر بن علي الجبوري القحطاني المعروف بـ”أبي ماريا القحطاني” قبل نحو شهرين.
وبارك رئيس المجلس الأعلى للإفتاء في “تحرير الشام” الشرعي، عبد الرحيم عطون، عملية إلقاء القبض على “الخلية”، ودعا بالتوفيق لرجال “الأمن العام” بعد القبض على “الأيدي المجرمة المتورّطة باغتيال الأخ الشيخ (أبي مارية القحطاني)”، حسب قوله.
اغتيال الرجل الثاني
في 4 من نيسان الماضي، قُتل القيادي في “تحرير الشام”، “أبو ماريا القحطاني” بحزام ناسف داخل مضافة في إحدى مزارع مدينة سرمدا، قالت “الهيئة” إن شخصًا فجّر نفسه كان من بين ثلاثة أشخاص، تمكن الاثنان الآخران من الهروب، وإنهم يتبعون لتنظيم “الدولة”، بينما لم يعلن التنظيم مسؤوليته عن مقتل “القحطاني” حتى اليوم.
وجاء مقتل “القحطاني” بعد 28 يومًا من إفراج “تحرير الشام” عنه، إثر اعتقاله ستة أشهر على خلفية ملف “العمالة والاختراق والتواصل مع جهات معادية داخلية وخارجية”، وبرأته “الهيئة” من التهمة، لأن الدليل الذي أوقف لأجله ظهر بطلانه، حسب قولها.
ويعد “أبو ماريا” الرجل الثاني في “تحرير الشام”، وله اسم آخر “أبو الحمزة”، وملقب بـ”الهراري” نسبة إلى قرية هرارة العراقية، التي انتقل إليها من قرية الرصيف بعد ولادته فيها عام 1976.
وشارك في تأسيس “جبهة النصرة” (“تحرير الشام” حاليًا) في تشرين الأول 2011، بعد ثماني سنوات من عمله داخل تنظيم “القاعدة” في العراق، وصار نائبًا لزعيمها “الجولاني”.
مخبأ لـ”الخلفاء”
وخلال السنوات الماضية تراجع تبني أو تنفيذ تنظيم الدولة” لعمليات له في إدلب، لكن المدينة كانت مخبأ لقيادات التنظيم.
ولجأ أول “خليفة” للتنظيم، “أبو بكر البغدادي”، إلى مدينة إدلب، وقُتل بعملية إنزال جوي نفذتها القوات الأمريكية في منطقة باريشا بريف إدلب الشمالي، في 27 من تشرين الأول 2019، وأسفرت العملية عن مقتل سبعة أشخاص مدنيين (ثلاثة رجال وثلاث نساء وطفلة).
وقُتل الزعيم الثاني عبد الله قرداش (أبو إبراهيم القرشي) في 3 من شباط 2022، بعملية إنزال جوي أمريكية على منزل في قرية أطمة الحدودية، أسفرت عن مقتل 13 شخصًا على الأقل بينهم ستة أطفال وأربع نساء.
وفي آب 2023، اتهم تنظيم “الدولة” فصيل “تحرير الشام” باستهداف زعيم التنظيم “أبو الحسين القرشي” في وقت سابق، وتصفيته وتسليمه للجانب التركي، وذكر أن عناصر “الهيئة” أسروا المتحدث باسم التنظيم “أبو عمر المهاجر” وبعضًا من “إخوانه”، وقوبلت هذه الاتهامات بنفي من “الأمن العام” في إدلب.
نشاط متراجع
تراجع حضور عمليات التنظيم في الشمال السوري، ترافق مع ملاحقة متكررة لعناصره وقياديين بارزين فيه من الفصائل المسيطرة، ففي إدلب نشط “جهاز الأمن العام” (تحول إلى إدارة الأمن العام مؤخرًا) منذ 2020 كجهة مسؤولة عن عمليات ملاحقة المطلوبين أمنيًا، وخاصة “خلايا تنظيم الدولة”، وصار يعلن بشكل دوري عن إلقائه القبض على “خلايا نائمة”.
أحدث عمليات “جهاز الأمن العام” في ملاحقة التنظيم، كان إعلانه إلقاء القبض على ما أسماها “خلية أنصار الله” في تشرين الثاني 2022، وقال إنها ذات صلة بـ”الدولة الإسلامية”، وكانت تستهدف “المجاهدين في منطقة جبل الزاوية والجيش التركي”.
ونشر “الأمن العام” حينها صورًا لخمسة أشخاص منها، بينما لم يسبق أن تبنّت أو أعلنت مجموعة باسم “خلية أنصار الله” تنفيذ أي عملية شمال غربي سوريا.
ونفذت “تحرير الشام” 59 عملية ضد تنظيم “الدولة” بين عامي 2018 و2022، وفقًا للباحث في معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” آرون زيلين، المتخصص بشؤون الجماعات “الجهادية”.
وأدت العمليات إلى اعتقال 279 شخصًا، مع مقتل 40 شخصًا خلال القبض عليهم، إما برصاص “تحرير الشام” أو لأنهم فجروا أنفسهم لتجنب القبض عليهم.