عنب بلدي – وكالات
تنتظر محادثات جنيف السورية أسبوعًا حاسمًا، بحسب تعبير المبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بعد عدة لقاءات جمعته مع وفدي النظام والمعارضة السورية كل على حدة.
دي ميستورا قال في تصريحات صحفية، الجمعة 18 آذار، بعد خمسة أيام من المحادثات المكثفة، إنه بحث مع الوفدين مسألة إيصال المساعدات، والإفراج عن المعتقلين، وهي مسألة رئيسية في المفاوضات السورية، على حد قوله.
وأضاف أنه بالرغم من وجود خلافات كبيرة بين الطرفين، إلا أنهما اتفقا على الحاجة للحفاظ على وحدة أراضي سوريا ورفض النظام الاتحادي، معتبرًا أن الأسبوع المقبل “سيكون حاسمًا”، لأنه سيتم العمل على إيجاد أرضية مشتركة بشأن المبادئ، والبحث فيما أسماه المناطق الرمادية الخاصة بعملية الانتقال السياسي.
وطالب دي ميستورا النظام ببذل المزيد من الجهد لتقديم أفكار تتعلق بالانتقال السياسي، وتقديم أوراق واضحة ومحددة عن المرحلة المقبلة قبل الانتقال إلى الجولة الثانية من المفاوضات.
المعارضة ترفض مشاركة وفود أخرى في المفاوضات
من جهتها أعربت الهيئة العليا للمفاوضات على لسان رئيسها، أسعد الزعبي، ارتياحها تجاه النقاط التي ناقشتها الهيئة مع المبعوث الأممي، متعهدًا بخوض المعركة السياسية حتى الوصول بالثورة إلى حل، وإلى هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات والسلطات.
وردًا على سؤال حول مشاركة ما يسمى “معارضة الداخل”، قال الزعبي، في مؤتمر صحفي من جنيف، إنه لا وجود لوفود أخرى سوى وفد الثورة ووفد النظام، مؤكدًا أن طاولة المفاوضات المباشرة، إن تمت، سيكون عليها هذان الوفدان فقط.
عضو هيئة التفاوض، بسمة قضماني، قالت في تصريحات إعلامية من جنيف، إن دي ميستورا أبلغ “الهيئة بأن الفترة الانتقالية في سوريا ستكون مدتها ستة أشهر فقط، بينما دعا الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات، سالم المسلط، المبعوث الأممي الضغط على الأسد للاجتماع مع المعارضة والتوصل إلى حل.
من جهته أكد رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، أن محادثاته مع دي ميستورا كانت مفيدة وركزت على “ورقة العناصر الأساسية لحل الأزمة في سوريا، والتي سيؤدي إقرارها إلى حوار سوري- سوري جاد يسهم في بناء مستقبل سوريا”، على حد تعبيره.
توتر بين الوفدين يلقي بظلاله على المحادثات
المحادثات لم تخلُ من توتر بات ملحوظًا خلال تصريحات الطرفين العلنية، فكبير المفاوضين، محمد علوش، قال في تصريح للجزيرة إن النظام تعمد إرسال أشخاص “ليسوا أصحاب قرار” ضمن وفده، لأنه لا يريد التوصل إلى حل.
كلام علوش أكدته الهيئة العليا للتفاوض عندما طالبت، بحسب تغريدات نشرها الحساب الرسمي للهيئة في تويتر، بتغيير وفد النظام إلى “وفد أعلى مستوى يكون قادرًا على اتخاذ القرار للانتقال إلى مرحلة المفاوضات المباشرة”.
كما اتهم الناطق باسم الهيئة، سالم المسلط، وفد النظام بتعمد المماطلة، ورفض إجراء مفاوضات مباشرة، وعدم قبول أي وثيقة تتقدم بها المعارضة.
أما رئيس وفد النظام السوري، بشار الجعفري، فرفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع وفد المعارضة، بوجود كبير مفاوضي المعارضة وعضو المكتب السياسي في جيش الإسلام، محمد علوش، معتبرًا إياه “إرهابيًا وقاتلًا للأبرياء”.
واتهم الجعفري، خلال مؤتمر صحفي من جنيف، الأربعاء 16 آذار، علوش بـ “قصف السفارات وقتل الأبرياء في كلية الهندسة”، قائلًا “لا يشرفنا على الإطلاق أن نجلس مع إرهابي في محادثات مباشرة”، مضيفًا “لن يكون هناك محادثات مباشرة ما لم يعتذر هذا الإرهابي عن تصريحه ويسحبه من التداول، ويحلق ذقته (كمان)”.
وتأتي تصريحات الجعفري ردًا على ما قاله علوش، من جنيف الأسبوع الماضي، بأن “المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل الأسد أو موته”.
وثيقة دي ميستورا للحل السياسي من أربع نقاط
وقدم دي ميستورا إلى وفدي المعارضة والنظام السوري، وثيقة تضم خطوات الحل السياسي في سوريا، بحسب صحيفة الحياة في عددها الصادر، السبت 19 آذار.
الحياة قالت إنها حصلت على نص الوثيقة والتي تضم أربع نقاط، وتتضمن البحث في تشكيل “حكم ذي صدقية غير طائفي، وبرنامج صوغ مسودة لدستور جديد، والإعداد لانتخابات حرة وعادلة بموجب الدستور الجديد، ومبادئ رئيسية للانتقال السياسي وما بعده”.
وأفادت الوثيقة أن مبادئ الانتقال السياسي وضعت من قبل مجلس الأمن والمجموعة الدولية، وتشمل “وحدة أراضي سوريا، واستمرار مؤسسات الحكومة بالعمل وحماية حقوق السوريين بعيدًا عن الأبعاد الدينية والقومية، وتكون هذه المبادئ خلال المرحلة الانتقالية وبعدها”.
دي ميستورا يسعى، بحسب الوثيقة، إلى إشراك ممثلين عن مؤتمرات موسكو والقاهرة في المفاوضات، إضافة إلى إجراء استشارات مع المجتمع المدني والنساء، ما يخالف مضمون القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن، والذي ينص على أن التفاوض هو بين وفدي الحكومة والهيئة التفاوضية.
وتضيف الوثيقة أن المفاوضات ستكون غير مباشرة بين الطرفين السوريين، وقد يطلب دي ميستورا أجوبة خطية من المشاركين عبر أسئلة وطلب تعليقات، ويملك صلاحية اختيار توقيت نقلها إلى الطرف الآخر بعد موافقة الطرف الأول، مع اشتراط استعداد كل طرف للانخراط في الإجابات، مع الإشارة إلى أن القرار 2254 يحضّ ممثلي الحكومة والمعارضة على التفاوض بـ “إخلاص”.
لكن قناة الميادين، المقربة من النظام، نقلت عن مصدر رسمي سوري من جنيف، أن الوفد لم يستلم أي وثيقة رسمية من المبعوث الدولي.
وأوضحت الصحيفة أن رئيس وفد الحكومة، بشار الجعفري، قدّم ورقة إلى دي ميستورا، تضمنت ثماني نقاط “تتعلق بأسس الحل، والتأكيد على وحدة سورية واستقلالها وعلمانيتها وسيادتها وضبط حدودها، ومحاربة الإرهاب، والسلام والأمن الإقليميين”، بحسب الحياة.
بينما نفت الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية، عبر حسابها الرسمي في تويتر، تسليمها المبعوث الأممي أي وثيقة.
جولة جديدة من المفاوضات انتهت بانتظار “جولة الحسم”، كما أطلق عليها دي ميستورا، في الأسبوع الأول من نيسان المقبل، وستكون مهمة لكل الأطراف، في الوقت الذي أعادت المفاوضات والتفاهمات السياسية شيئًا من الروح للشعب السوري بتراجع معدلات العنف الذي شهدته سوريا على مدار السنوات الخمس الماضية، منذ وقف إطلاق النار نهاية شباط الماضي.
دي ميستورا يعين مستشارًا روسيًا للمباحثات السورية
عين مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، المستشار الروسي، فيتالي نعومكين (70 عامًا)، مستشارًا جديدًا لمساعدته في الوساطة بالمفاوضات السورية، المنعقدة في جنيف.
ونقلت وكالة رويترز، الخميس 17 آذار، عن دي ميستورا قوله إنه عين الروسي نعومكين، لمساعدته في محادثات السلام السورية، مضيفًا أنه يريد تعيين أمريكي لم يختره بعد.
الإعلان عن تعيين نعومكين جاء بعد أيام من قرار روسيا سحب قواتها من سوريا، ما يرجح أن تعيينه من أجل الاحتفاظ بنفوذها في محادثات السلام بين الأطراف السورية.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن وجود نعومكين في المباحثات السورية مفيد لكلا طرفي المباحثات، فوجوده سيشجع وفد الحكومة السورية على البقاء على الطاولة، كما سيكون مطمئنًا للمعارضة، لأنه إذا كان الروس يمارسون ضغطًا على النظام فربما يكون من المفيد وجود هذا الرجل.
وكان نعومكين نسق جولتين من المحادثات في موسكو العام الماضي، في محاولة لتوحيد بعض أطياف المعارضة.
ويعتبر نعومكين خبيرًا في شؤون العالم العربي ويحظى بثقة الكرملين والمخابرات الروسية، ويتقن اللغة العربية، ويشتهر بأنه مترجم فوري بارع، واسُتدعي للترجمة في اجتماعات رفيعة المستوى بين مسؤولين سوفييت وزعماء عرب.
وكان نعومكين قال، في 24 شباط، لوكالة “سانا” الرسمية السورية، إنه ليس هناك خطة بديلة عن المحادثات بين الأطراف السورية، في إشارة إلى رفضه للخطة “ب ” التي طرحتها أمريكا في حال فشلت المفاوضات، والتي اعتبرها تهديدًا لكل من روسيا وسوريا وإيران.